أحمد زين الدين نادم على ثقته المطلقة بأصدقاء انقلبوا عليه

أحمد زين الدين في «إميل لحود يتذكر»:  نادم على ثقته المطلقة بأصدقاء وأعوان انقلبوا عليه

 

 

 

 

 

احمد زين الدين: «أميل لحود يتذكر»
شركة القلم للاعلان والإعلام، بيروت 2016
335 صفحة

يحاول الكاتب أحمد زين الدين ان يظهر الصورة الإيجابية لرئيس جمهورية لبنان السابق العماد أميل لحود ويركز على صواب القرارات التي اتخذها خلال فترة رئاسته بين عام 1998و 2007 في كتاب بعنوان «أميل لحود يتذكر» الذي صدر مؤخرا في بيروت وعرض أخطاء خصومه وبعض حلفائه.
الكتاب يستند إلى لقاءات عديدة أجراها الكاتب مع لحود لفترات طويلة ويتضمن 11 فصلا أهمها الفصول التي كان فيها العماد لحود قائدا للجيش ثم رئيسا للجمهورية والتي تعرض خلافاته مع رئيس الجمهورية الراحل الياس الهراوي ورئيس الوزراء رفيق الحريري الذي اغتيل في 14 شباط/فبراير 2005.
يبدأ الكتاب بمقدمات تعدد مزايا الرئيس لحود كتبها حلفاؤه: رئيس الحكومة السابق سليم الحص والوزيران السابقان كريم بقرادوني وسليم جريصاتي وزميله في عمله العسكري العميد أمين حطيط.
ويشير الكتاب إلى ان أهم ما فعله الرئيس أميل لحود عندما كان قائدا للجيش كان توحيده ألوية الجيش التي كان لها اللون الطائفي والمناطقي ومن ثم بناء جيش موحد في امكان أي لواء فيه العمل في أي منطقة من لبنان.
وقد نجح لحود في تحقيق ذلك  برغم معارضة بعض القيادات العليا اللبنانية والسورية  ،وعلى رأسها رئيس الجمهورية السابق الياس الهراوي، الذي حاول الضغط على لحود بواسطة العماد السوري الراحل حكمت الشهابي ونائب الرئيس السابق عبد الحليم خدام ومسؤول الأمن السوري السابق في لبنان غازي كنعان . ونجح تمرد لحود على هؤلاء بفضل دعم الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد له.
ويقول الرئيس أميل لحود للمؤلف في إحدى المقابلات ان توحيد ألوية الجيش اللبناني كان أساسيا لمواجهة سياسة فرق تسد التي يستخدمها الاستعمار للسيطرة على الدول التي يهيمن عليها.
وقد تأثر الرئيس لحود  بالرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر وتعاطف مع مواقفه المناهضة للاستعمار، حسب ما ورد في الكتاب، ومع انه عارض «اتفاق القاهرة» الذي وقعته السلطة اللبنانية مع المنظمات الفلسطينية في لبنان عام 1969 فان لحود رأى ان هذا الاتفاق يساهم في الفوضى ويفرض التوطين، بيد انه التزم «حق العودة» للفلسطينيين إلى ديارهم وفرضه فرضا في مؤتمر القمة العربية لعام 2002 في بيروت مع ان جهات عربية وأجنبية عارضت إدراج هذا الحق في القرار النهائي للمؤتمر.
ويشير الكتاب إلى ان الرئيس اللبناني الراحل الياس الهراوي حاول رشوة لحود عندما كان قائدا للجيش بأموال مصدرها إقليمي وداخلي، لدفعه للسير حسب مقررات أيدتها دول خليجية وكانت سلطة الأمن السورية في لبنان مرتبطة بها، ولكن لحود رفض هذه الأموال وكافح الفساد طوال عمله العسكري والقيادي السياسي.
وخلال قيادة لحود للجيش والحاجة لدخول الجيش منطقة الأشرفية المسيحية في بيروت، أصر على دخول قواته جميع أحياء وشوارع الأشرفية فيما عارض الرئيس الهراوي هذا الموقف وحاول الضغط بمساعدة الجهات الأمنية السورية في لبنان التي فضلت بقاء بعض الشوارع في أيدي «القوات اللبنانية». ولكن لحود، حسب الكتاب، دخل الأشرفية بكاملها وفعل الأمر نفسه في قضائي الشوف وبعلبك وفي شرقي صيدا، برغم معارضة الجهات نفسها. وما كان بإمكانه تحدي هذه الجهات لولا انه كان مدعوما من الرئيس حافظ الأسد، حسب الكتاب.
وفي الفصل الخامس بعنوان «نحو الرئاسة» يشير الكتاب إلى ان رفيق الحريري وخدام شعرا بصعوبة التعامل مع لحود عندما طرح اسمه لرئاسة الجمهورية عام 1995 وفضلا العمل للتمديد للرئيس الهراوي لمدة ثلاث سنوات واقنعا الرئيس حافظ الأسد بهذا الموقف فتم التمديد للهراوي. كما ان الحريري حاول في أكثر من مناسبة تقريب لحود من مواقف حليفه الرئيس الفرنسي جاك شيراك وتنظيم دعوات من شيراك للحود لزيارة فرنسا فكان لحود يؤجلها مفضلا زيارة الدول العربية أولا، وخصوصا بعد انتخابه رئيسا عام 1998.

واختلف الرئيس رفيق الحريري مع لحود في الشأن الاقتصادي، اختلافا جذريا حسب الكتاب، إذ كان لحود يستشير خبراء اقتصاديين يدعون للتركيز على الصناعة والزراعة والعدالة الاجتماعية كالوزيرين السابقين جورج قرم وشربل نحاس فيما اعتبرهما الحريري يساريي الميول وقال للحود في إحدى المناسبات ان عليه كرئيس جمهورية الاهتمام بالأمن والعسكر وان يترك الاقتصاد له وللوزير باسل فليحان، الذي اغتيل معه لاحقا لكونهما يركزان على قطاعات المقاولة والمال والسياحة والعقارات الأكثر اهمية (في رأي الحريري) أي ان اختلاف لحود مع الحريري كان اقتصاديا أيضا وليس سياسيا فقط.
كما ان اختيار لحود لسليم الحص رئيسا للحكومة الأولى في عهده لم يزعج خصوم الحص الداخليين فحسب بل أزعج فرنسا، علما ان الرئيس الحريري اشترى منزلين فخمين في باريس أحدهما للرئيس جاك شيراك والآخر لنائب الرئيس السوري الراحل عبد الحليم خدام، حسب الكتاب، وقد ساهما في الحملة على الحص.
ويعتبر لحود في إحدى مقابلاته مع المؤلف ان أكثر ما أثاره ضد الرئيس رفيق الحريري أنه أبلغ الصحافة اللبنانية والعربية ان لحود خالف الدستور عندما ضغط لتعيين الرئيس الحص رئيسا للوزراء بعد اعتكاف الحريري لسخطه إزاء الطريقة التي انتخب خلالها الحص. وقال لحود للحريري في إحدى المناسبات: «هل اعتقدت ان بامكانك ان تكسر رئيس جمهورية لبنان؟».
وفي الفصلين السادس والسابع يركز الكتاب على عدوان إسرائيل على لبنان، ويؤكد لحود في مقابلات مع المؤلف وجود روابط بين الكيان الصهيوني والاصوليات الدينية المتطرفة، كما يشير إلى صلابة موقف لحود في وجه وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين اولبرايت بشأن الانسحاب الكامل من جنوب لبنان عام 2000.  كما يتحدث لحود عن دوره في مؤتمرات القمة العربية في الأعوام  2000 و2002 و2004 و2006، و 2007 واصراره على حق العودة للفلسطينيين ورفض المشروع الأمريكي للديمقراطية الجديدة في الشرق الأوسط الذي روجت له وزيرة الخارجية السابقة كوندوليزا رايس.
ويؤكد أن إسرائيل انزعجت كثيرا من إنجازات لبنان ومقاومته لها واخراجها من أراضيه عامي 2000 و2006، وهي تسعى عبر المتعاطفين معها في لبنان وخارجه لتعطيل إنجاز قانون انتخابات عادل في لبنان بدل قانون الألفين وقانون الستين.
ويقدم لحود في الفصل العاشر اقتراحه المفصل لقانون انتخاب جديد لبنان «وطني وعصري» يعتمد على النسبية الشاملة في قالب لبنان دائرة واحدة .
وفي الفصل الثامن يؤكد ان أيدي إسرائيل كانت وراء اغتيال الوزير اللبناني السابق ايلي حبيقة في 24 كانون الثاني/يناير 2002، بعد اعلان حبيقة عن استعداده للذهاب إلى جنيف للشهادة عن دور ارييل شارون وإسرائيل في مجزرة مخيمي صبرا وشاتيلا التي وقعت ضد الفلسطينيين المدنيين في ايلول/سبتمبر 1982.  كما يرى لحود ان الرئيس رفيق الحريري كان يريد ان يفتح صفحة جديدة معه، بعد التمديد له في رئاسة الجمهورية عام 2005 وبعد فشل القرار الدولي رقم 1559 في منع هذا التمديد وان لحود كان قد أبلغ المبعوث الدولي تيري رود لارسن ان لا مانع لديه في عودة الرئيس رفيق الحريري إلى رئاسة الحكومة إذا أعطاه مجلس النواب الأكثرية النيابية.

وعلى اثر اغتيال الحريري استقال الرئيس عمر كرامي، ولو لم يستقل لما حدثت العبرات والمقاطعة للحود باستثناء الوزير سليمان فرنجية وكتلة المقاومة حسب قول لحود.

ويعتبر لحود أن كل ما يهم الدول الغربية وأمريكا استنادا الى خبرته في المناصب القيادية التي احتلها، هو ان إسرائيل «تأتي أولا» وبالتالي رفض كرئيس للبنان إملاءات واشنطن في شأن ضرب المقاومة في مؤتمر القمة في الخرطوم عام 2006 وفي مناسبات أخرى فيما كان سياسيون لبنانيون آخرون وحلفاؤهم يعملون في وجهة اخرى، حتى بعض منهم ممن كانوا أصدقاء وحلفاء له، ويشير إلى ان مجموعة من هؤلاء فاوضوا على وقف اطلاق النار في الجنوب من وراء ظهره في ما سمي «النقاط السبع» في روما. ولو تمت الموافقة على هذه النقاط لانتهت المقاومة، حسب قوله كما ان بعضهم تجاوز الاعراف بالنسبة لصلاحيات رئيس الجمهورية وحقوقه وتصرفوا كسلطة أخرى موازية ولها مواقفها المختلفة، وحاولوا استقطاب قائد الجيش إلى مواقفهم وخصوصا خلال حرب 2006 ولو تم لهم ذلك لفعلت في لبنان ما فعلته عام 1982 من جرائم وتدمير.
وفي الفصل العاشر يؤكد لحود انه ندم على أمرين رئيسيين لم يفعلهما أولهما عدم اهتمامه الكافي بدور الإعلام وثقته المطلقة ببعض أصدقائه وأعوانه الذين انقلبوا عليه، وثانيهما عدم تطبيق قانون انتخاب وطني وعصري يعتمد على النسبية.
ويختتم قائلا ان إسرائيل هي أكثر دولة عدوانية في العالم، وان «معادلة الرعب» عبر المقاومة هي الرد الأفضل والأفعل ضد إسرائيل .

 

 

 

Exit mobile version