
الدابة (وَ إِذَا وَقَعَ القَولُ عَلَيهِم أخرَجنَا لَهُم دَابَّةً مِّنَ الأَرضِ تُكَلِّمُهُم أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لاَ يُوقِنُون) [النمل: 82],, فإنَّ هذهِ الآيةَ تتحدّثُ عَن علامةٍ مِن علاماتِ يومِ القيامةِ, وهيَ دابّةٌ تخرجُ منَ الأرضِ قبلَ يومِ القيامةِ تُكلّمُ النّاسَ بلسانٍ يفهمونَه، فتُخبرُهم: (أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لاَ يُوقِنُون).وقبلَ الشّروعِ في بيانِ المُرادِ منَ الدّابّةِ بحسبِ ما يذهبُ إليهِ أهلُ العلمِ, مِـمَّنْ أفادوا ذلكَ منَ الرّواياتِ الواردةِ عنِ النّبيّ (صلّى اللهُ عليهِ وآلِه) وأهلِ بيتِه عليهم السّلام؛ فإنّهُ يحسنُ أنْ نعرفَ المُرادَ منَ الدّابّةِ على حسبِ اِصطلاحِ اللّغويّينَ, لأنَّ لها تأثيراً في فهمِ المُرادِ الصّحيحِ مِن هذهِ الآية.
وبمعنى آخر فإن الحيوانات هي التي تتحرك و تزحف على الأرض ، ومن ثم فهي تشمل البشر وجميع الحيوانات التي تتحرك على الأرض ، وهذا يشمل بعض الآيات القرآنية السامية ، على سبيل المثال قال تعالى: (وما من حيوان. في الأرض إلا رضي الله عنها) ، وسورة الفارّ آية: 45 ، قال تعالى: (وبارك الله على القوم ما قاومهم من غياب الله). في القرآن الكريم ، يُطلق على الحيوانات اسم البشر. لانه يزحف على الأرض.
Table of Contents
فصيلتها من الدواب:
قال القرطبي:
- الأصل الأول: أنها من فصيلة ناقة صالح.
- القول الثاني: أنها الجساسة المذكورة في حديث تميم الداري في قصة الدجال. وهذا القول منسوب إلى عبد الله بن عمر.
- القول الثالث: أنها الثعبان المشرف على جدار الكعبة التي اقتلعتها العقاب حين أرادت قريش بناء الكعبة. وهذا القول نسبه القرطبي إلى ابن عباس رضي الله عنهما منقول من كتاب النقاش. ولم يذكر له مستندا في ذلك وذكره الشوكاني في تفسيره.
- القول الرابع: أن الدابة إنسان متكلم يناظر أهل البدع والكفر ويجادلهم، لينقطعوا، فيهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة. وهذا القول ذكره القرطبي، ورده بأن الدابة لو كانت إنسانا يناظر المبتدعة لم تكن الدابة آية خارقة وعلامة من علامات الساعة الكبرى.

عملها:
إذا خرجت هذه الدابة العظيمة، فإنها تسم المؤمن والكافر، فأما المؤمن، فإنها تسم جبينه فيضيء، ويكون ذلك علامة على إيمانه، وأما الكافر فإنها تسمه على أنفه فيظلم، علامة على كفره.
وجاء في الآية الكريمة قوله تعالى وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ
سورة النمل الآية 82، وفي معنى هذا التكليم اختلفت أقوال المفسرين على أقوال:
- القول الأول: أن المراد تكلمهم كلاما: أي تخاطبهم مخاطبة، ويدل على ذلك قراءة أبي بن كعب (تنبئهم).
- القول الثاني: تجرحهم، ويؤيد ذلك قراءة (تَكْلمهم) بفتح التاء وسكون الكاف، من الكلم، وهو الجرح وهذه القراءة مروية عن ابن عباس أي: تسمهم وسما، وهذا القول يشهد له حديث أبي أمامة الباهلي السابق (تخرج الدابة، فتسم الناس على خراطيمهم).
وروي عن ابن عباس أنه قال: (كلاً تفعل) أي المخاطبة والوسم. وقال ابن كثير (وهو قول حسن ولا منافاة والله أعلم).
وأما الكلام الذي تخاطبهم به فهو قولها (إن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون) وهذا على قراءة من قرأها بفتح همزة (أن) أي تخبرهم أن الناس كانوا بآيات الله لا يوقنون، وهذه قراءة الكوفة وبعض أهل البصرة. وأما قراءة عامة قراء الحجاز والبصرة والشام فبكسر همزة (إن) على الإستئناف ويكون المعنى: تكلمهم بما يسوؤهم أو ببطلان الأديان سوى الإسلام.
وصف الدبة:
الخلافات في وصف الدبة: روى محمد بن قاب القرزي قوله: قال: أما الله فهي بلا ذنب ولها لحية. هذا يدل على أنك إنسان. وبناءً على أمر ابن عباس ، قيل أنه من الحيوانات البرية السفلية والأجنحة وله أربع أرجل. عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وآله ، قال: بين عينيه المؤمن ، وبين عينيه مكتوبًا على الكفر ، بين عينيه الكافر ، وهو كتب بين عينيه كافر. كانت عصا موسى وخاتم سليمان معًا ، حتى كشفت العصا وجه المؤمن. حتى تختم أنف الكافر بخاتم وتقول: أيها المؤمنون غير المؤمنين!

وقت خروج الدابة:
قال ابن كثير: هذه الدابة تخرج في آخر الزمان عند فساد الناس، وتركهم أوامر الله، وتبديلهم الدين الحق.[3] وهي من أول علامات الساعة خروجًا. قال النبي: «إن أول الآيات خروجاً: طلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة على الناس ضحى. وأيهما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على إثرها.»
الحكمه من خروج الدابة:
الحكمة من خروج هذه الدابة وكلامها الناس فهي آية كونية خارقة شأنها شأن العلامات الكبرى ، وهي رحمة بالمؤمنين وحجة على الكافرين لأن الباب التوبة يكون قد أغلق بخروج هذه الدابة ، ولو كان مكانها إنسان عادي يكلم الناس لم يكن في ذلك آية .
أما الحكمة من كونها حيوانا فقال ابن عاشور رحمه الله : “وَلا شَكَّ أَنَّ كَلامَهَا لَهُمْ خِطَابٌ لَهُمْ بِحُلُولِ الْحَشْرِ. وَإِنَّمَا خَلَقَ اللَّهُ الْكَلامَ لَهُمْ عَلَى لِسَانِ دَابَّةٍ؛ تَحْقِيرًا لَهُمْ وَتَنْدِيمًا عَلَى إِعْرَاضِهِمْ عَنْ قَبُولِ أَبْلَغِ كَلامٍ وَأَوْقَعِهِ مِنْ أَشْرَفِ إِنْسَانٍ وَأَفْصَحِهِ؛ لِيَكُونَ لَهُمْ خِزْيًا فِي آخِرِ الدَّهْرِ يُعَيَّرُونَ بِهِ فِي الْمَحْشَرِ. فَيُقَالُ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَعْرَضُوا عَنْ كَلامِ رَسُولٍ كَرِيمٍ فَخُوطِبُوا عَلَى لِسَانِ حَيَوَانٍ بَهِيمٍ. وَجُمْلَةُ (أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ) تَعْلِيلٌ لإظْهَارِ هَذَا الْخَارِقِ لِلْعَادَةِ حَيْثُ لَمْ يُوقِنِ الْمُشْرِكُونَ بِآيَاتِ الْقُرْآنِ فَجَعَلَ ذَلِكَ إِلْجَاءً لَهُمْ حِينَ لَا يَنْفَعُهُمْ.