تقنيةً تعتمد على تكنولوجيا تساعد مرضى “الرعاش اثناء السير

ربما يحمل اليوم العالمي لمرض باركنسون (الشلل الرعاش)، الذي تحل ذكراه بعد غد “الخميس”، خبرًا سارًّا لمن يعانون منه، وفق دراسة تم عرضها ضمن أعمال الملتقى السنوي للجمعية الأمريكية لعلماء التشريح، والذي انتهت أعماله بمدينة “أورلاندو” اليوم “الثلاثاء”، 9 إبريل.

 فقد طور باحثون من جامعة “يوتا” الأمريكية تقنيةً جديدةً تعتمد على تكنولوجيا من الواقع الافتراضي قد تساعد هؤلاء المرضى على تحسين قدرتهم فيما يتعلق بالحفاظ على التوازن وتقليل احتمالية السقوط في أثناء السير.

أُجريت التجارب على مجموعة ضمت 10 من المصابين بمرض “باركنسون”، واستمرت لمدة ستة أسابيع، وتبين أن المرضى الذين خضعوا للتجربة أظهروا تحسُّنًا في تخطي العقبات، ونجحوا في الحفاظ على توازنهم بقدر أعلى من الثقة، وذلك عن طريق تنقُّلهم في مسارات قام الباحثون بتطويعها من خلال تقنيات الواقع الافتراضي.

يقول “ك. بو فورمان” –الأستاذ في جامعة “يوتا”، والحاصل على الدكتوراة في مجال التقاط الحركة، والمشارك في البحث- في تصريحات لـ”للعلم”: “بالنسبة للعديد من الأشخاص المصابين بمرض باركنسون الذي يصيب كثيرين اليوم على مستوى العالم، فإن المهمات اليومية البسيطة كالمشي في المنزل أو الشارع قد تعرِّضهم للزلل. نحن نأمل أن تساعد هذه التقنية على انخفاض احتمالات السقوط في أثناء السير، التي يواجهها هؤلاء المرضى، وقد تعرِّضهم لإصابات”.

ويضيف “فورمان” أن “مرض الشلل الرعاش يُعَد مرضًا متصاعدًا، ولا يوجد له علاج، وعادةً ما يؤدي إلى بطء الحركة وزيادة نسب السقوط وتيبُّس العضلات وضعف القدرة على أداء الحركات غير الواعية، بما في ذلك الرمش، أو الابتسام، وأي شيء يمكننا عمله للتأثير على تطور المرض هو دون شك خطوة في الاتجاه الصحيح”.

ولمساعدة هؤلاء المرضى على اجتياز هذه التحديات اليومية، صمم الباحثون نظام تدريب يعتمد على الواقع الافتراضي، ويمنح المرضى الخاضعين للتجربة مساحةً آمنةً تمكِّنهم من السيطرة على العضلات وحفظ التوازن.

فقد كان على المرضى أن يسيروا على جهاز للمشي بينما تقابلهم مجموعة من الأشياء الافتراضية التي يجب أن يتدربوا على تخطيها كمرحلة أولى. وإذا ما نجحوا في إتمام هذه المرحلة كان عليهم اجتياز تحدٍّ أكبر بعد أن تصبح هذه العقبات التي يواجهونها في أثناء السير أكبر حجمًا.

يقول “فورمان”: تسمح التقنية الجديدة بخلق بيئات لاختبار عينة البحث، ويمكننا تعديل هذ البيئات والتحكم في الوقت الفعلي لزيادة أو تقليل درجة الصعوبة اعتمادًا على أداء أفراد العينة. كما أن المرضى يتفاعلون في أثناء سيرهم مع بعض العوائق والتضاريس المختلفة، بالإضافة إلى مرورهم بتجربة لجمع العملات المعدنية لقياس قدرتهم على الأداء وتوفير الحافز.

ويوضح الباحثون أن الميزة الأساسية في تقنية التدريب تتمثل في توفير بيئة آمنة للمرضى، بحيث يصبح بإمكانهم التدرب على اجتياز عقبات متعددة وتضاريس متباينة بينما يتم الحفاظ على سلامتهم باستخدام معدات استثنائية، مثل حبل ضبط السقوط الذي يوجد في جهاز المشي.

وقد أقر المشاركون بأنهم أُعجبوا بالتجربة وأنها كانت ممتعة، ولم تكن بالنسبة لهم مجرد تمرين ممل؛ لأنهم تحدوا أنفسهم دون خوف من السقوط.

استعان الباحثون في الدراسة بنظام يُعرف بـ”Cave system”، وهو نظام يتكون من حجرة تحاط حوائطها وسقفها وأرضيتها بمشاهد وصور افتراضية مختلفة، ما يسمح للشخص بالتركيز على التطبيق نفسه وعدم الاهتمام بما يحيط به من أجهزة ومعدات.

واختبر الباحثون نظامهم التدريبي على المرضى الـ10، الذين يعانون من مرض “باركنسون” بدرجة معتدلة لمدة ستة أسابيع، وذلك من خلال ثلاث جلسات أسبوعيًّا استغرقت كلٌّ منها حوالي  30 دقيقة، ثم عمل الباحثون بعد ذلك على تقييم الأداء.

وأظهر المشاركون تحسنًا كبيرًا في قدرتهم على المرور عبر الصناديق الكبيرة والصغيرة، وتحقيق توازن بشكل أفضل، فضلًا على تحسُّن قدرتهم على أداء مجموعة واسعة من الحركات في كلٍّ من مفصلي الورك والكاحل، اللذَين ثبت مسبقًا أنهما مرتبطان بتقليل مخاطر السقوط عند هؤلاء المرضى.

توضح الدرسة أن المرضى العشرة أظهروا تحسُّنًا في حفظ التوازن وعبور العوائق عقب هذا التدريب، كما أظهروا قدرتهم على الاحتفاظ بالتحسُّنات التي اكتسبوها من هذا المران، وقد استمر تأثير هذا التحسن 4 أسابيع بعد التدخل، ما دفع فريق البحث للعمل مع نظام مستشفى جامعة “يوتا” لإدخال هذه التقنية إلى مرفق إعادة تأهيل المرضى في المستشفى.

ويأمل الباحثون أن يتم استخدام نظام CAVE كأداة لإعادة التأهيل، وأن يتم تعديل هذه التقنية بحيث يمكن تطوير أجهزة تستخدم الواقع الافتراضي ويمكن أن تكون محمولةً على الرأس بهدف تطويع تلك التكنولوجيا، مما يجعلها متاحةً على نطاق أوسع وأسهل في التنفيذ للاستخدام السريري.

يقول “فورمان”: تحتاج التجربة في الواقع إلى مزيد من التمحيص بهدف المقارنة بين مرضى باركنسون الذين لم يخضعوا للتدريب عبر تقنية الواقع الافتراضي وأشخاص عاديين لا يعانون من مرض باركنسون، ونخطط حاليًّا لدراسة كيفية مقارنة النتائج التي توصلنا إليها مع الدراسات التي خضع فيها مرضى باركنسون لبرامج تدريب تقليدية أو لم يخضعوا لأي تدريب على الإطلاق.

المصدر

Exit mobile version