ليوناردو دافنشي .. صاحب الموناليزا

رسام، ونحات، ومعماري، وعالم ايطالي، يعتبر من أشهر فناني النهضة الإيطاليين على الإطلاق، كانت مكتشفاته وفنونه نتيجة شغفه الدائم للمعرفة والبحث العملي، له آثار عديدة على مدراس الفن بإيطاليا امتدت لأكثر من قرن بعد وفاته، وظلت أبحاثه العلمية خاصة في مجال علم التشريح والبصريات وعلم الحركة والماء حاضرة ضمن العديد من اختراعات العصر الحالي.

ولد ليوناردو دافنشي في عام 1452م في بلدة صغيرة تدعى فينيشي، توسكانا، قرب فلورنسا وهو ابن غير شرعي لعائلة غنية أبوه كاتب عدل وأمه فلاحة تطلقت من زوجها بعد ولادة طفلها بمدة قصيرة ما جعله يفتقد حنان الأم في حياته.

في منتصف القرن الرابع عشر استقرت عائلته في فلورنسا والتحق ليوناردو بمدارسها حيث تلقى أفضل ما يمكن أن تقدمه هذه المدينة الرائعة من علوم وفنون بشكل مثير ولافت وكان ليوناردو يحرز مكانة اجتماعية مرموقة، فقد كان وسيما لبق الحديث ويستطيع العزف بمهارة إضافة إلى قدرة رائعة على الإقناع.

في عام 1466م التحق ليوناردو في مشغل للفنون يملكه أندريا ديل فيروكيو الذي كان فنان ذلك العصر في الرسم والنحت ما مكن ليوناردو من التعرف عن قرب على هذه المهنة ونشاطاتها من الرسم إلى النحت، وفي عام 1472م كان قد أصبح عضوا في دليل فلورنسا للرسامين.

وفي عام 1476م استمر الناس بالنظر إليه على أنه مساعد “فيروكيو” حيث كان يساعده في أعماله الموكلة إليه منها لوحة “تعميد السيد المسيح” حيث قام بمساعدة “فيروكيو” برسم الملاك الصغير الجاثم على ركبتيه من اليسار، وفي عام 1478م استطاع ليوناردو الاستقلال بهذه المهنة وأصبح معلم بحد ذاته.

كان العمل الأول لدافنشي رسم جداري لكنيسة القصر القديم التي لم يتم انجازها، وكان أول أعماله الهامة لوحة توقير ماغي التي بدأها عام 1481م وتركها دون إنهاء، وهي كانت لدير راهبات القديس سكوبيتو دوناتو في فلورنسا.

ابتدع دافنشي العديد من الأعمال في النحت وهندسة البناء، وترك ما يقرب من أربعة آلاف رسم، وقد اشتهرت أعماله الهندسية والفنية في إيطاليا وفرنسا، أما في مجال الرسم والتصوير بوجه خاص فهنالك الحصيلة الكبرى المتميزة و تكاد ابتكاراته وتطلعاته وأفكاره لا تعد ولا تحصي، والروائع التي أنجزها جاءت دقيقة متقنة، والمؤثرات فيها ذات تفنن بليغ، وعميق، بحيث أنه يستحيل على أصحاب المدارس الحديثة فهم اتجاهاتها ومراميها البعيدة، حتى لو جردت من المنظور الشامل لعصر النهضة، وكان بما يحمل من مواضيع، وأساليب في التركيب، قد تجاوز حدود التقليد، وتخطي المدارس الإيطالية في عصره إلى حد بعيد, وقد وضع في مذكراته وفي كتابه “كتاب التصوير” مجمل آرائه ونظرياته حول تأثير الطبيعة على فن التصوير وعلاقة الضوء والظل.

وفي عام 1482م التحق ليوناردو بخدمة لودوفيكو سفورزا دوق ميلانو بعد أن صرح له عبر رسالة بأنه قادر على صنع تماثيل من المرمر والطين والبرونز وبناء جسور متنقلة ومعرفته بتقنية صنع قاذفات القنابل والمدافع والسفن والعربات المدرعة إضافة لـ “المنجنيق” وأدوات حربية أخرى، وعين آنذاك بصفة مهندس أساسي كما كان أيضا معماري وساعد الرياضي المشهور الايطالي لوكا باتشولي في عمله المشهور ديفينا بروبورتيوني عام 1509م.

ومعظم الدلائل أثبتت أن ليوناردو كان معلماً ولديه تلاميذ في ميلانو حيث يفترض أنهم المقصودين ضمن رسائله المتعددة المعروفة بـ “أبحاث حول الرسم” ومن أهم أعماله التي نفذها خلال فترة تواجده في ميلانو كان لوحة “عذراء الصخور” التي رسمها مرتين حيث تم رفض الأولى وقبول الثانية، ومن أعماله لوحة بينوس مادونا عام 1478م ملاذ القديس بطرسبرغ، ولوحة العشاء الأخير، ولوحة الموناليزا ولوحة تعميد المسيح، ولوحة البشارة.

وفي عام 1506م سافر ليوناردو إلى ميلانو بدعوة من حاكم فرنسا تشارلز دامبيوزيه وخلال الأعوام اللاحقة أصبح رسام القصر المعتمد للملك لويس الثاني عشر فرنسا، وأصبح يتنقل بين ميلانو وفلورنسا كثيراً فغالبا ما كان يزو أنصاف أشقائه وشقيقاته ويرعى ميراثه، وانهمك في ميلانو بمشاريعه الهندسية وعمل على تصميم نصب تذكاري على شكل فارس جان جاكومو تريفولزيو قائد القوات الفرنسية في المدينة وعلى الرغم من أن المشروع لم يكتمل إلا أن مخططات المشروع ودراساته تم الاحتفاظ بها.

ومن عام 1514م وحتى عام 1516م عاش ليوناردو في روما تحت ضيافة البابا ليو العاشر في قصر بيلفيديره في الفاتيكان وشغل نفسه بالتجارب العلمية، وفي عام 1516م سافر إلى فرنسا ليكون في خدمة الملك فرانسيس الأول، وأمضى سنواته الأخيرة في تشاتيو دو كلو قرب أمبوس حيث توفي عام 1519م عن عمر يناهز 67 عاماً.

 

Exit mobile version