مأمون الشناوي .. الربيع

هو أحد أشعر وأشهر كُتَّاب الأغنية في مصر من جيل الرواد، حيث كان بمثابة مملكة متكاملة بمفرده حين يكتب، استطاع أن يرضي كافة الأذواق بقلمه، وكان له الفضل في إعادة صياغة أغاني الفلاحين والأغنيات الشعبية الفلكلورية المصرية.

ولد الشاعر الغنائي الكبير مأمون الشناوي في يوم 28 أكتوبر من عام 1914م، وقدم طوال مسيرته الشعرية العديد من الأغنيات التي تغنى بها كبار المطربين والمطربات، وكانت أغنية “حبيب العمر” التي غناها الموسيقار فريد الأطرش من بواكير أعماله وهي الأغنية التي لاقت نجاحاً ملحوظاً.

واستمر في الكتابة لفريد الأطرش وكانت أغنية “الربيع” من أشهر ما تغنى به ويحكي مأمون قصة هذه الأغنية في حديث إذاعي حيث يقول أنه في ربيع سنة 1947 كتب هذا الكلمات التي تغني بها فريد وكان يشعر فعلا بفرحة الربيع مثلما يفرح به كل الناس وخاصة في مصر التي تستقبله باحتفالات شم النسيم.

وجاءت له فكرة أن يقدم هذه الكلمات إلي السيدة أم كلثوم لتغنيها خاصة وأنه كان قد تجاوز مرحلة البدايات وسبق أن غني له الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب، فاتصل بأم كلثوم واتفق معها على موعد وقد أعجبها الموضوع و رحبت به ولكنها طلبت من مأمون أن يقوم ببعض التعديلات والتغييرات في النص المقترح واتفقا على موعد ثان لمواصلة النقاش حول الموضوع.

وخرج مأمون من بيت السيدة أم كلثوم غير مطمأن لموضوع التعديلات وبالقرب من بيت أم كلثوم التقى مأمون صدفة بفريد الأطرش الذي كان صديقا له والذي كان يسكن في مكان غيرِ بعيد عن بيت أم كلثوم، ففرح فريد بلقاء مأمون و رأى أنه منشغلا وسأله عن السبب فحكى له مأمون القصة، واخذ فريد الأغنية وقام بتلحينها وغناها فريد فأصبحت من أشهر أغنياته.

وتعاون مأمون مع كوكب الشرق أم كلثوم بعد ذلك وكتب لها العديد من الأغنيات أشهرها أغنية “أنساك”، والتي كان لها أكثر من ملحن شرع في تلحينها قبل الموسيقار بليغ حمدي، حيث كانت أول من أسندت له هو زكريا أحمد، ولكنه رحل قبل أن يبدأ في التلحين، وعلى الفور فإن الشاعر مأمون الشناوي رشح أنجب تلاميذ زكريا أحمد وأقربهم إلى روحه الفنية لتلحينها وهو الشيخ سيد مكاوي، ولكن أم كلثوم لم ترض عن اللحن الذي قدمه لها سيد مكاوي، ورشحت للتلحين الموسيقار محمد فوزي، وبعد أن بدأ فوزي التلحين أصيب بوعكة فلم يستطع استكمال اللحن، وأمام إلحاح أم كلثوم ورغبتها في تقديم اللحن على وجه السرعة، فإن فوزي رشح بليغ حمدي الذي أتم تلحينها على النحو المعروف.

وكتب مأمون الشناوي لام كلثوم أيضا أغنيات “كل ليلة وكل يوم” التي غنتها عام 1964م وفي العام التالي كتب لها أغنية “بعيد عنك” وهما من الحان بليغ حمدي، وفي عام 1970 كتب لها أغنية “دارت الأيام” التي لحنها موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب.

وكتب العديد من الأغنيات للعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ أشهرها ” أنا لك على طول”، “بعد إيه”، ” لو كنت يوم أنساك”، ” عشانك يا قمر”،
“كفاية نورك” ، “حلفني”، و”بيني وبينك إيه”، وكتب أيضا العديد من الأغنيات للمطربة أسمهان، وليلى مراد، وفايزة احمد، وغنى ولحن له الموسيقار محمد عبد الوهاب العديد من الأغنيات.

وقد كان الشاعر الراحل مأمون الشناوي يتحمس للمطربين والموسيقيين الجدد، ويساعد في تقديمهم إلى الساحة الفنية، ويكتب لهم خصيصاً أجمل الكلمات، فقد كتب للمطربة عزيزة جلال أغنية “بتخاصمني حبة وتصالحني حبة”، كما لعب دورا كبيرا في إنجاح صوت المطرب الشاب الصاعد آنذاك هاني شاكر، وكان يتولاه بالتشجيع والرعاية، كما كان ساهم مأمون الشناوي في التعريف بالموسيقار سيد مكاوي حتى صار علماً في مجال التلحين والغناء في مصر والعالم العربي.

و في يوم 27 يونيو من عام 1994مرحل الشاعر مأمون الشناوي وكان آخر تكريم رسمي له  في عام 1998م، حيث كرمه مهرجان القاهرة للأغنية ضمن ثماني شخصيات أثروا الحياة الفنية.

Exit mobile version