هارالد فيلتزر.. الحروب المناخية

هارالد فيلتزر.. الحروب المناخية

 

 

 

 

 

يلقي كتاب هارالد فيلتزر «الحروب المناخية» الضوء على العلاقة بين تغير المناخ والعنف. تمكن عالم النفس الاجتماعي من خلال طرح العديد من الأمثلة التاريخية والعصرية وبحث واسع النطاق وتقييم كم هائل من المراجع وبفضل نظرته المتفتحة من تقديم عرض موضوعي وواضح فى نفس الوقت حول الوضع البيئي السياسي الحالي على مستوى العالم.

ويعطي كتابه نظرة جديدة فى موضوع طالت وكثرت المناقشات حوله دون جدوى، حيث يظن كل فرد أنه على إلمام شامل به ولكن بينما يقتصر عمل علماء المناخ على قياس درجات الحرارة ومنسوب المياه، يوجه فيلتزر النظر إلى العواقب الاجتماعية للاحتباس الحراري. فمن خلالها فقط سوف تتحول الأزمة المناخية إلى كارثة لا يمكن السيطرة عليها. إذ يؤدى نقص المياه والتصحر المتزايد والاضطرابات المناخية الشديدة إلى تقلص الموارد ومن ثم إلى صراعات دموية حول توزيعها. كما أن حروب الاكتظاظ السكانى مثل الإبادة الجماعية في رواندا وحروب العصابات كما هي فى الصومال والحروب حول توزيع الأرض والمياه كما هي الحال فى دارفور.

سوف تزداد وتشتد فى المستقبل. كما أن تغير المناخ سيصيب الدول الفقيرة على وجه الخصوص بشكل أكثر حدة. ولن تقدر بسبب ضعف مؤسستها على مواجهة الكوارث الطبيعية والعنف الناتج عنها. وسيؤدى ذلك إلى انهيار النظام السياسى والاجتماعى، مما سيتسبب في تحويل الحروب التنافسية حول الموارد إلى حروب طويلة المدى تمتد إلى المناطق المجاورة. ومن ثم سوف يفر الكثيرون إلى مصير مجهول وفى النهاية ستصيب موجات الهجرة والعنف أيضاً تلك المناطق التي لم تتأثر بتغير المناخ بشكل كبير أو حتى التي استغلته في صالحها. ولن يجدي النداء بالتعاون بدلاً من التنافس والعنف فى مثل هذه الأوضاع، لأن الإجراءات التى يتم اتخاذها حالياً لمواجهة الأزمة المناخية لن تعود بنتائج إلا بعد عشرات السنين. ولن يجد النداء من ينصت له في ظل معركة البقاء المتصاعدة، وخاصة لأن التعاون الإقليمي لن يحسن وضع المتضررين بشكل حاسم، ذلك لأن العالم كله تسبب فى حدوث تغير المناخ. وتغير المناخ لا يفرق بين المتسببين والمتضررين.

ينادي هارالد فيلتزر إلى فكر جديد تجاه موضوع تغير المناخ ويبين ما يجب فعله الآن لتجنب الكوارث التى تهددنا، كما يوضح أن تغير المناخ سوف يضع المجتمعات أمام مفاهيم جديدة للأمن والمسئولية والعدالة، وتتضح بشكل مثير للقلق أبعاد ما يجب القيام به وضآلة ما يتم القيام به بالفعل.

يتبلور تحليل نقدي لمستقبلنا البيئي على خلفية الأوضاع الأفريقية على مدار ١٢ فصلاً. وهو تحليل مكتوب بلغة سلسلة وأسلوب ذكي استناداً إلى مراجع موثوق فيها. (…) ولكن ليست الأوضاع البيئية الصعبة هي التى جعلت كتاب فيلتزر مشوق إلى هذه الدرجة. ففي أفضل أجزاءه لا يقدم الكاتب حججاً سايسية أو بيئية بل نفسية واجتماعية.

إنها قراءة مُرّة للواقع ولكنها فى نفس الوقت توسع الإدراك. قد يكون فيلتزر عقلانياً يتبع منهجاً إمبيريقياً صارماً ويستشهد بالإحصائيات، ولكنه تناول موضوعات معقدة بأسلوب واضح للغاية، فلا يمكننا قول أنه اتبع الأساليب الرائجة أو حتى المنافقة. فيلتزر يفاجىء القارىء تقريباً كل صفحة، فيقرأ الكتاب فى لهفة وشغف.

الكاتب

ولد هارالد فيلتزر في عام ١٩٥٨ وهو مدير عام مركز Interdisciplinary Memory Research بمعهد الدراسات الثقافية فى مدينة إسن وأستاذ أبحاث علم النفس الاجتماعي بجامعة فيتين / هيرديكه. قدمته مجلة شبيغل في أغسطس / آب ٢٠٠٧ في سلسلتها عن العلماء المتميزين لجمهورها العريض.

 

موقع موهوبون دوت نت

Exit mobile version