أشوكا للتنمية.. صناعة التغيير تبدأ بالمبدعين  استقلال القطاع

“عالم كل فرد فيه صانع تغير”.. تلك هي رؤية مؤسسة أشوكا العالمية لتحقيق التنمية، حيث تسعى لخلق قطاع مدني مؤثر ومنتج، يتيح للمبدعين الاجتماعيين social entrepreneur حول العالم نشر أفكارهم التنموية.

ومن آخر المنضمين لزمالة مؤسسة أشوكا فرد من أسرة موقع “إسلام أون لاين.نت” وهي د. فيروز عمر المستشارة الاجتماعية والتربوية بالموقع، ورئيسة جمعية “قلب كبير” لتنمية الأسرة والمجتمع، وحسب فيروز فلأشوكا ثلاثة مستويات تعمل من خلالهم لتحقيق أهدافها وهي: تدعيم من تعتبرهم المبدعين الاجتماعين ماديا ومهنيا، ثم تشبيك هؤلاء المبدعين معا لمساعدتهم في نشر أفكارهم والاستفادة من آثارها، وأخيرا تسعى للمساهمة في بناء البنى التحتية والنظم المالية اللازمة لدعم نمو القطاع المدني.

حصلت فيروز على زمالة أشوكا عن فكرة تطوير نظام الإرشاد النفسي الوقائي للمراهقين في المدارس الحكومية المصرية لتأمين الصحة النفسية للشباب وإعدادهم للقيام بدور نشط وإيجابي.

قلب كبير.. ضم 10 مدارس

وتشير فيروز إلى أن جوهر برنامجها يقوم على تشجيع الطلاب لتوجيه غضبهم وإحباطهم لتحقيق النجاح، كما يساعدهم في المطالبة بحقوقهم بطريقة غير عنيفة، ومقاومة السلوكيات الخطرة، مثل تعاطي المخدرات والجريمة.

“كان يقتصر دور الاختصاصي النفسي بالمدارس على مجرد استقبال المشكلات؛ لكن عبر البرنامج يتغير دوره ليصبح مساهما في الدور الوقائي للطلبة”.. هكذا توضح فيروز أهم ملمح ببرنامجها، والذي توضح آلياته في ثلاث خطوات رئيسية متوالية: تبدأ بتنمية مهارات الاختصاصي الاجتماعي بمدرسة ما، ثم اختيار فصل يطبق برنامج الدعم الوقائي لطلبته، وأخيرا توثق هذه الخبرة في كتيب يستفيد منه الاختصاصي والمراهق.

وطبقت جمعية قلب كبير برئاسة د.فيروز هذه الفكرة على 10 مدارس حكومية بمصر، وتأمل فيروز في أن تسعى كل المجتمعات للبحث عن المبدعين الاجتماعين ودعمهم، فإن لم تستطع الحكومات تقديم الدعم والتشجيع؛ فأضعف الإيمان عدم إعاقتهم عن مواصلة عملهم.

يذكر أن هناك شخصية مصرية أخرى تم ترشيحها لنيل زمالة أشوكا وهو المهندس محمد الصاوي مؤسس ساقية الصاوي (المركز الثقافي بالزمالك – وسط القاهرة) بناء على فكرة الساقية ودورها في التنوير الثقافي لأفراد المجتمع، وهو الآن في مرحلة الاختبارات.

 استقلال القطاع المدني.. أساس
وتدعم أشوكا الأفكار والمبادرات المبتكرة في كل ميادين حاجة الإنسان حول العالم، من تمويل المشاريع الصغيرة لإدارة المياه للاهتمام بصحة الأطفال، لكن الجزء الأكبر لعملها في جميع أنحاء العالم يقع في ستة مجالات رئيسية وهي: المجتمع المدني، والتنمية الاقتصادية، والصحة، وحقوق الإنسان، والبيئة، والتعلم/التعليم.

وتسعى المؤسسة جاهدة من خلال فريقها لتجديد وتطوير الابتكارات في كل حقل، فهي تتحدى الأساليب القديمة، وتوجه للاستثمار في إستراتيجيات جديدة مع احتمال تغيير منهجي طويل ودائم، كما تساعد منظمات القطاع المدني على تنويع مصادرها المالية، بالاعتماد على المجتمع المحلي بدلا من الاستمرار في الاعتماد على المؤسسات الخيرية والتمويل الحكومي.

ولتفعيل هذه الاستقلالية في التمويل، قامت أشوكا بإطلاق مبادرة “تفعيل المشاركة المجتمعية” وتهدف منها لتوجيه تفكير وسلوك القطاع المدني نحو الابتكار فيما يقدمه من دعم مجتمعه، ليتنوع في شكل موارد بشرية، أو أموال، أو معلومات، أو حتى أعمال تجارية.

وخلق هذا الفكر أو تلك الفلسفة شديد الأهمية بعد أن أصبحت معظم الجهات المانحة الأجنبية متقلبة جدا وبدأ بعضها  في الانسحاب من تقديم الدعم المادي لمنظمات المجتمع المدني، مما أدى إلى زيادة حاجة تلك المنظمات إلى البحث عن مصادر تمويل بديلة، خاصة مع توقع تصاعد المشكلات والتوترات الاجتماعية.

الاستثمار في أشوكا
ولتشجيع رغبة بعض الأفراد في الجمع بين أهداف الربح المالي الشخصية الخاصة والأهداف الخيرية، مما يضمن حدوث التغيير الاجتماعي، أتاحت أشوكا فرصا للأفراد للاستثمار عبرها  وفق عدد من الصيغ: كالدعم الإستراتيجي والشريك المالي، وما يميز الاستثمار بها أن له نتائج ملموسة مما يتيح للشركاء أو مقدمي الدعم رؤية التأثير الإيجابي المباشر لما أسهموا به من ضخ للموارد.

وتتيح أشوكا الاستثمار في المشروعات الاجتماعية المحلية أو دعمها أو إقامة الشراكات معها، مما يعود بالنفع على مؤسسات قطاع الأعمال، حيث يهتم زملاء أشوكا ببناء كفاءة القوى العاملة وخلق فرص العمل، وتحسين التعليم والرعاية الصحية، ودعم شبكات الحكم الذاتي، وفض النزاعات بالوسائل السلمية، وحماية البيئة، وتوفير المياه النظيفة، وجميعها جهود تؤدي إلي زيادة الاستقرار الاجتماعي، وفي نفس الوقت زيادة الدخل المتاح، وتطوير البنية التحتية وتوفير الظروف البيئية المستدامة.

ويقدم لأشوكا دوريا العديد من المساهمات العينية، والخدمات الاستشارية التطوعية، بالإضافة إلى الاستثمارات المالية، فمثلا تقدم شركة ماكينزي جلسات استشارية مجانية لزملاء الوطن العربي بأشوكا، يقومون من خلالها بالإسهام بشكل مباشر في تطوير قدرة زملاء أشوكا على  تحقيق تغيير اجتماعي دائم.

والشريك الإستراتيجي لأشوكا ليس فقط من لديه القدرة على تقديم الدعم المالي، ولكنه أيضا من يشارك المؤسسة في التزامها بإحداث تغيير اجتماعي دائم، ومن بإمكانه مساعدة المؤسسة في إيجاد ودعم المبدعين الاجتماعيين الرواد في المنطقة.

انضم لفريق أشوكا

يتم الانضمام للفريق بناءً على ترشيح الشخص أو المبدع من قبل أحد أفراد شبكة المرشِحين التي تعمل أشوكا من خلالها، ثم يتم إجراء عدة لقاءات مع المدير الإقليمي للتأكد من أن المتقدم وفكرته يتوافقان مع معايير أشوكا؛ كما تهدف تلك اللقاءات إلى التوصل إلى صيغة مناسبة لشرح الفكرة المقدمة.

بعد ذلك يقابل المتقدم استشاريا خارجيا دوليا لمناقشة فكرته، ثم تشكل لجنة إقليمية من أهم المبدعين الاجتماعيين وقطاع الأعمال لمقابلة المتقدم، وفي النهاية يصدر القرار النهائي بناء على عدة دراسات متعمقة لتاريخ المرشحين وبموافقة أعضاء مجلس إدارة أشوكا الدولي، وبذلك يصبح المبدع الاجتماعي الذي يستوفي الشروط زميلا بمؤسسة أشوكا.

وهناك خمسة معايير لاختيار العضو:

أن تكون لديه فكرة جديدة لحل مشكلة عامة، أو فكرة مبدعة وقادرة على إحداث تغيير تختلف عن الأفكار المطروحة في المجال بالفعل.

أن يكون مبدعا من حيث طريقة حله للمشكلات التي تواجهه، ويقتنص الفرص ويواجه العقبات بشكل مبدع، وأن تكون لديه مهارات ريادية فهو مؤمن برؤيته ولن يهدأ له بال حتى تتحول هذه الرؤية إلى نمط جديد في المجتمع.

يكون على استعداد لقضاء وقت طويل يناضل من أجل فكرته، كما يمكنه تأسيس منظمة غير هادفة للربح مع  التفرغ لمدة 3 سنوات لنشر فكرته ويقوم بمواجهة التحديات بشكل عملي، ويوظف الموارد المتاحة له بشكل ملائم.

أن يكون لفكرته أثر اجتماعي ملموس كأن يساهم بها في حل مشكلة اجتماعية تهم الجميع على المستوى المحلي أو على نطاق أوسع من ذلك.
أن يكون النسيج الأخلاقي للشخص سليما فلابد لمن يقوم بإحداث تغيير أن يكون موضع ثقة في مجتمعه.

إذا طرأ إلى ذهنك شخص تتوافر فيه هذه المعايير بادر بإرسال سيرته الذاتية على البريد التالي: venture@ashoka-arab.org

المؤسسة في سطور
سميت المؤسسة بهذا الاسم نسبة إلى أشوكا الزعيم الهندي والمبدع الاجتماعي الأول الذي وحد شبه القارة الهندية في القرن الثالث قبل الميلاد، وكرس حياته للرعاية الاجتماعية والتنمية الاقتصادية.

تأسست أشوكا في 1980 بآسيا، ثم امتد مجال عملها إلى أمريكا اللاتينية في 1987، ووصلت لإفريقيا في 1989، ثم وسط أوروبا في 1994 والولايات المتحدة في 2000، وتم افتتاح فرع أشوكا بالوطن العربي في القاهرة مارس 2003، واليوم يوجد حوالي 2600 مبدعة ومبدع اجتماعي يمثلون أشوكا في 70 دولة في العالم، ويعملون في شتى المجالات.

المصدر: إسلام أون لاين

Exit mobile version