التنمية الذاتية تبدأ من مواردنا المتجددة

التنمية الذاتية تبدأ من مواردنا المتجددة

بقلم : د . مجدى سعيد

التنمية الذاتية تبدأ من مواردنا المتجددة

“لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها.. ولكن أحلام الرجال تضيق”، ليس هناك بلد فقير وآخر غني، إلا لأن نفوس وعقول أبناء بلد ما تضيق فتتوقف على الانفساح والتحليق والنظر المتجدد لما في أيدينا وتحت أرجلنا وفوق رؤوسنا، وكل عمل من شأنه أن يوسع من صدور الناس ويوسع من عقولهم ويجدد من نظراتهم إلى مواردهم المحلية المتجددة والتي تتعرض في الكثير من بلادنا إلى الإهدار هو عمل يستحق كل احترام وتقدير ودعم.

هكذا تستطيع أن تعلق على مسيرة عشر سنوات من عمر “الجمعية المصرية للتنمية الذاتية للمجتمعات المحلية” ، وهي المسيرة التي تمحورت حول الفكرة والمشروع الرئيس للجمعية، والذي يمكننا أن نعطيه اسم : إعادة اكتشاف الموارد المحلية المتجددة والمهدرة في آن واحد، فالجمعية التي تأسست في 23 ديسمبر عام 2003 (وإن كان هذا العمل قد بدأ من خلال مركز تنمية الصناعات الصغيرة بهندسة عين شمس ربما قبل ذلك بعشر سنوات)، استهدفت منذ بداية تأسيسها على يد الأستاذ الدكتور حامد إبراهيم الموصلي أستاذ هندسة الإنتاج بجامعة عين شمس، وضمت في مجلسها كوكبة من الرجال والنساء المعنيين بوطنهم وتنميته: تمكين أبناء المجتمعات المحلية علميا وتكنولوجيا واقتصاديا وإذكاء روح المبادرة والإبداع لديهم، وصون والدفاع عن الخصوصية الاجتماعية الحضارية البيئية لتلك المجتمعات، وتوفير العمل المنتج لكل من يحتاج إليه في كافة السياقات الاجتماعية المحلية، وصياغة أساليب حياة وأنماط استهلاك وإنتاج متوافقة مع التنمية المستدامة، ومكافحة الفقر بمساعدة أبناء تلك المجتمعات على إطلاق طاقاتهم الكامنة واكتشاف قدراتهم الذاتية التي يتميزون بها والتعبير عن أنفسهم كذوات إنسانية وإعادة ربطهم كفاعلين حضاريين في مجتمعاتهم المحلية مما يحد من ظاهرة الفقر بشكل مستدام.

من بين الموارد المحلية المتجددة والمنتشرة في مجتمعاتنا المحلية سواء منها البدوي والريفي والتي تركزت عليها جهود الجمعية بالتعاون مع مركز تنمية الصناعات الصغيرة والذي أسسه ورأسه لفترة الدكتور الموصلي هي تلك الموارد المتعلقة بالنخيل (فيما عدا ثماره)، فقامت بمشروع لإنتاج ألواح الكونتربانوه من جريد النخيل مع تصنيع مكبس أوتوماتيكي قدرة 300 طن محليا، والذي استخدم في صناعة أثاث عدد من مدارس المجتمع في صعيد مصر، ومشروع إنتاج منتج بديل للأخشاب المستوردة من جريد النخيل وهو المنتج الذي حصل على الجائزة الأولى في مؤتمر المواد بهولندا عام 1997، ومشروع نشر صناعات المشربية (الأربيسك) من الجريد في الواحات.

أما المشروعات التي قمت بها الجمعية منفردة، فتشمل مشروع إنتاج مربى من التين المهدر على أراضي قرية شماس بمحافظة مطروح، ومشروع تصنيع أعلاف الماشية من المخلفات الزراعية بقرية كفر العرب بمحافظة دمياط، للحفاظ على الثروة الحيوانية وعلى النشاط الاقتصادي الرئيسي للقرية القائم على منتجات الألبان، تقديم دراستي جدوى لاستثمار المخلفات الزراعية والقضاء على التلوث الناتج عن حرقها وذلك لإنشاء شركة الألياف النباتية Biofibers  تقوم على استثمار حطب الذرة الرفيعة وسفير القصب في قنا، وأخرى في المنصورة تقوم باستثمار قش الأرز وحطب القطن وجريد النخيل وحطب الذرة الرفيعة لإنتاج مصبعات الطاقة الحيوية Pellets، كما قامت الجمعية بمشروع لإنتاج سماد عضوي نباتي بقرية فارس، مركز كوم امبو، أسوان، ومشروع نشر الصناعات الصغيرة القائمة على خامات النخيل بقرية القايات، مركز العدوة بالمنيا، وأخيرا مشروع تصنيع وتصدير حقائب من الخوص لدولة الإمارات، وقد تم تنفيذ المشروع في كل من شمال سيناء والفيوم. هذا في مجال المشروعات، أما في مجال توثيق ونشر الخبرات التنموية فإن الجمعية قامت بنشر توثيقا لتجربتها في قرية كفر العرب في كتاب “ومضة أمل في التنمية المستقلة”، كما تقوم حاليا على إنشاء موقع إلكتروني متخصص في نشر بحوث المواد المتجددة بالتعاون مع الشبكة الدولية للمهندسين والعلماء.

مواردنا المتجددة لا تتوقف على ما سبق ذكره، وإنما تتعداها إلى كل نواتج النشاط الزراعي، بل وكل الغطاء النباتي الطبيعي، إضافة إلى الموارد الناتجة من الثروة الحيوانية، لكن أهم العناصر على الإطلاق هو المورد البشري بخبراته ومهاراته ومعارفه المتوارثة في التعامل مع الخامات والموارد النباتية والحيوانية بما يصنع لكل مجتمع محلي بصمة حضارية خاصة به، تختلف باختلاف ما حباه الله به من موارد، ويبقى الفكر المبدع والخلاق والنظرات الجديدة التي تمزج العلم بالخبرة المتوارثة لتخرج لنا من مواردنا منتجات وثروات لا تنتهي، طالما بقيت تلك العقول وهاتيك الخبرات، وهو ما لا تكفي لتغطيته (من حيث تنوع الموارد أو اتساع الجغرافيا) جهود جمعية واحدة، بل إنه يحتاج إلى جهود عشرات المبادرات والجمعيات التي تطلق طاقات وإبداعات الإنسان في التفاعل مع ترابه وتراثه وموارده.

طالع موقع الجمعية المصرية للتنمية الذاتية للمجتمعات المحلية:

التنمية الذاتية تبدأ من مواردنا المتجددة

التنمية الذاتية تبدأ من مواردنا المتجددة

طالع صفحة غير رسمية للدكتور حامد الموصلي:

صفحة الدكتور مجدي سعيد على الفيسبوك

Exit mobile version