الحضارة الإسلامية.. دور محوري في العصور الوسطى

الحضارة الإسلامية.. دور محوري في العصور الوسطى

 

يسهم كتاب «الحضارة العربية الإسلامية» للدكتور رياض زركلي في إحياء التراث العلمي الضخم الذي خلّفه الأجداد، وإبراز مقدار مساهمة العرب والمسلمين في فترة العصور الوسطى في مضمار الحضارة الإنسانية.

فقد كان لانتشار اللغة العربية في الأندلس، إلى جانب اللاتينية أثر كبير في انتشار الثقافة العربية في هذه البلاد، وقد تأثر شعراء الأندلس بالشعر العربي، وظهر الموشح في أواخر القرن الثالث الهجري/‏ التاسع الميلادي، الذي تفرع عنه فن الزجل وتأثر شعراء «التروبادور» البروفانسيون بالموشحة، كما تأثر الأدباء الإسبان بالقصص العربية «ألف ليلة وليلة» و«السندباد» و«كليلة ودمنة» وغيرها.

وفي ميدان الطب تعرف المترجمون الغربيون على المؤلفات التي خلفها أعلام الطب العربي، من أمثال: «ابن سيناء والرازي وابن النفيس»، وكذلك تعرفوا على العلماء العرب الذين تناولوا فوائد النباتات الطبية وكتبوا في العقاقير والأدوية، أمثال:

«ابن البيطار وداود الأنطاكي وابن النفيس وابن حزم، وغيرهم، وكانت كتبهم مراجع مهمّة بالنسبة للراغبين في تعلم مهنة الطب وممارستها في أوروبا، وفي ميدان الرياضيات والعلوم الطبيعية، فقد قام العرب بتطوير علوم الرياضيات بما أضافوه من معلومات ارتكزت إلى تمارينهم وآرائهم الشخصية، وقد قسموا مؤلفاتهم إلى أبواب.

وكتبوا فصولاً في عمليات استخراج الجذور، وأخرى في عمليات الجمع والطرح والضرب والقسمة، وعرفوا النسب العددية والتأليفية والتناسب واستخراج المجهول، ووضعوا نماذج لمسائل تختص بالتجارة والمتواليات الهندسية والحسابية والقواعد لجمع المربعات والمركبات، وهم أوّل من استعملوا الجبر، وهم أيضاً من ابتكر علامة الكسر العشري..

وقد اعترف الغرب أن فكرة الصفر كانت أعظم هدية قدمها العرب إلى الغرب الأوروبي، ومن أبرز العلماء العرب والمسلمين الخوارزمي والبتاني والمجريطي والخيام».

وقد خلّف العرب الكثير من المؤلفات في تحليل المسائل الهندسية، وفي الحجوم والمساحات وتقسيم الزاوية، واستخدام المسائل الحسابية في التحليل الهندسي، وكان منهم البتاني، والنصير الطوسي، وابن الهيثم والبيروني.

عرف العرب أدوات فلكية، مثل: البوصلة، واستخدموا الاسطرلاب، ونشروا المراصد الفلكية، وعلموا الأوروبيين كيفية استخدامها واستخدام الجداول الفلكية، وربطوا بين علم الفلك وبين العلوم الرياضية، وكان من أبرزهم: ابن يونس، والفرغاني، والخازن البصري، والمراكشي.

كما اخترع العرب الساعات النحاسية والشمسية، كما صنعوا الساعات المائية والزئبقية وساعات تعمل على الشمع المشتعل، ومن أبرزهم: الفارابي، والبيروني والزهري والقرافي.

وقاسوا بدقة الوزن النوعي لكثير من المواد، كما شرحوا أسباب ضغط السوائل وتوازنها، وعرفوا الضغط الجوي، وسرعة الصوت والضوء، وعالجوا أصل الندى والمطر والثلج والصقيع والبَرَدّ، وأشكال الهالة في السماء، وقوس قزح والنيازك، ووضعوا النظريات في الإبصار..

كما فعل ابن الهيثم. واشتهر عدد لا بأس به في علم الكيمياء والصيدلة وعلوم الأحياء، وتوصل عدد منهم إلى اكتشافات مهمّة في ميدان الأحماض والأملاح وغيرها، نذكر منهم: داود الأنطاكي وابن البيطار والبغدادي والزهراوي..

واشتهر عدد كبير منهم بعلم النبات وانصرفوا لمعرفة خصائص كل نبتة.ووسع العلماء العرب علم الفلسفة وطوروه، فعن طريق العرب عرفت أوروبا مؤلفات أرسطو، ومعالم فلسفة أفلاطون، وكان منهم: الغزالي والكندي، وابن باجة وابن رشد وابن الطفيل وابن عربي.

كذلك برعوا في الجغرافيا وتحدثوا عن الأقطار التي زاروها، واستخدموا أجهزة الرصد والملاحة، كما تحدثوا عن الرياح الموسمية والتيارات البحرية، ومواعيد هبوب الرياح، وعرف منهم: شهاب العامري، وابن ماجد، وأشار السعودي إلى كروية الأرض بقوله: إن الشمس إذا غابت في هذه الجزائر، كان طلوعها في أقصى الصين، وذلك نصف دائرة الأرض.

العمارة العربية

وبالنسبة إلى العمارة العربية فإن تأثير هذا الفن انتقل إلى أوروبا عن طريق الأندلس، وهو واضح في الأبواب الكبرى للمدن، وفي القصور والكنائس والأديرة وفي نماذج القناطر. كما نقلت أوروبا العديد من مؤلفات العرب الموسيقية، وشرعت بإرسال الوفود إلى المعاهد والجامعات العربية لدراسة علوم الموسيقى العربية، وأشهر الموسيقيين: «زرياب وابن باجة».

كذلك فقد استمر الكثير من العمال المسلمين يعملون في المدن الإسبانية بعد نزوح المسلمين منها، وانتشرت الفنون الإسلامية على أيديهم، فكان منها: صناعة النسيج والصابون والسكر والورق والخزف والزجاج والسفن والجلود والصباغة والعطور والحلي الذهبية ومقابض السيوف والسدود ومستودعات المياه.

عن البيان الاماراتية

 

 

 

 

 

Exit mobile version