في سلسلة عالم المعجزات التي يقدمها التلفزيون الألماني (قناة RTL الألمانية) تناول موضوعاً يتعلق بالحضارة الإسلامية في مجال العلوم. والمذهل أن هذا الفيلم يعترف بالتطور التكنولوجي الكبير الذي شهدته الحضارة الإسلامية خلال قرون عديدة.
يقول أحد الباحثين في هذا الفيلم: قبل ألف سنة تقريباً كان العالم الإسلامي متطور لدرجة كبيرة، بينما كانت أوربا تعيش في حالة تخلف وجهل. فالمسلمون وضعوا المؤلفات العلمية والاكتشافات والاختراعات.. في مجال الطب كان المسلمون يتبعون الطرق العلمية والأدوية ويجرون عمليات جراحية، بينما الغرب كان يتبع أسلوب السحر والشعوذة للشفاء.
في مجال الهندسة اخترعوا ساعات دقيقة جداً وأساليب حربية متطورة… أول فكرة للصاروخ، وأول فكرة للدبابة.. أول شيفرة سرية، وأول أسلوب لقفل سري يعمل بالشيفرة.. وهكذا… والشيء المميز أن علماء المسلمين كانوا يعتمدوا أسلوب التوثيق العلمي، فكانوا يضعون اسم المرجع الذي اعتمدوا عليه في كتبهم.
الشيء الذي فعله الغرب ببساطة – كما يقول الباحث الألماني في الفيلم – أنهم سرقوا هذه العلوم بعد انهزام المسلمين، وطمسوا أسماء المؤلفين ونسبوا هذه العلوم والاكتشافات والاختراعات لأنفسهم، يتابع الباحث: “إنها أكبر عملية سرقة في تاريخ العلم”!
علماء كثر أخذوا اكتشافات المسلمين ونسبوها لأنفسهم… أسهل طريقة لسرقة العلم أن تأخذ الكتاب وتعيد نسخه حرفياً.. ولكن تمحو اسم المؤلف الأصلي وتضع اسمك عليه بدلاً منه!!
الجاذبية الأرضية
ينسب العالم الفضل للسير إسحق نيوتن في اكتشافه للجاذبية الأرضية وذلك بعد قصته مع التفاحة الشهيرة.
التاريخ يقول أن العلماء المسلمين سبقوا نيوتن في اكتشاف والحديث عن الجاذبية الأرضية، وإن كان نيوتن تمكن من صيغة الجاذبية في شكل قوانين رياضية واضحة.
الهمداني هو من أوائل العلماء التجريبيين الذين أشاروا إلى الجاذبية بوضوح في كتابه (الجوهرتين العتيقتين) عندما قال “فمن كان تحتها (أي تحت الأرض عند الأسفل) فهو في الثابت في قامته كمن فوقها، ومسقطه وقدمه إلى سطحها الأسفل كمسقطه إلى سطحها الأعلى، وكثبات قدمه عليه، فهي بمنزلة حجر المغناطيس الذي تجذب قواه الحديد إلى كل جانب”.
يقول ابن سينا في كتابه (الإشارات والتنبيهات)، “القوة في الجسم الأكبر، إذا كانت مشابهة للقوة في الجسم الأصغر حتى لو فصل من الأكبرمثل الأصغر، تشابهت القوتان بالإطلاق، فإنها في الجسم الأكبر أقوى وأكثر، إذ فيها من القوة شبيهة تلك”. وهو بهذا يشير إلى تعاظم قوة الجاذبية كلما كبر الجسم.
ويقول أبو الريحان البيروني في كتابه (القانون المسعودي)، “الناس على الأرض منتصبو القامات استقامة أقطار الكرة وعليها أيضاً تؤول الأثقال إلى أسفل”.
وفي كتاب (ميزان الحكمة) لأبي الفتح عبد الرحمن المنصور الخازني يقول “إن الأجسام الساقطة تنجذب نحو مركز الأرض، وإن اختلاف قوة الجذب يرجع إلى المسافة بين الجسم الساقط وهذا المركز”. ويتابع “الجسم الثقيل هو الذي يتحرك بقوة ذاتية أبداً إلى مركز العالم، أعني أن الثقل هو الذي له قوة الحركة إلى نقطة المركز”.
قوانين الحركة لنيوتن
يقول العالم نيوتن في قانونه الأول “إن الجسم يبقى في حالة سكون أو في حالة منتظمة في خط مستقيم ما لم تُجبره قوى خارجية على تغيير هذه الحالة”.
يبدو أن العالم المسلم ابن سينا قد سبق نيوتن في هذا الاستنتاج عندما ذكر في كتابه (الإشارات والتنبيهات) مثل هذا قائلاً “إنك لتعلم أن الجسم إذا خُلِّي وطباعه، ولم يَعْرِضْ له من خارجٍ تأثيرٌ غريبٌ، لم يكن له بُدٌّ من موضع معين وشكل معين، فإن في طباعه مبدأ استيجاب ذلك، وليست المعاوقة للجسم بما هو جسم، بل بمعنى فيه يطلب البقاء على حاله”.
ويقول نيوتن في قانون الحركة الثاني “إن القوة اللازمة للحركة تتناسب تناسبًا طرديًّا مع كلٍّ من كتلة الجسم وتسارعه، وبالتالي فإنها تُقاس كحاصل ضرب الكتلة × التسارع، بحيث يكون التسارع في نفس اتجاه القوة وعلى خط ميلها”.
في هذا الشأن سبق العالم المسلم هبة الله بن ملكا البغدادي نيوتن قائلاً في كتابه (المعتبر في الحكمة): “وكل حركة ففي زمان لا محالة، فالقوة الأشدّ تُحرِّك أسرع وفي زمن أقصر.. فكلما اشتدت القوة ازدادت السرعة فقصر الزمان، فإذا لم تتناه الشدة لم تتناه السرعة، وفي ذلك تصير الحركة في غير زمان أشد؛ لأن سلب الزمان في السرعة نهاية ما للشدة”.
وصاغ نيوتن قانون الحركة الثالث كما يلي “لكل فعل رد فعل، مساوٍ له في المقدار ومضاد له في الاتجاه”.
وقد أورد هبة الله بن ملكا البغدادي في نفس كتابه قوله “إن الحلقة المتجاذبة بين المصارعين لكل واحد من المتجاذبين في جذبها قوة مقاومة لقوة الآخر، وليس إذا غلب أحدهما فَجَذَبَهَا نحوه يكون قد خلت من قوة جذب الآخر، بل تلك القوة موجودة مقهورة، ولولاها لما احتاج الآخر إلى كل ذلك الجذب”.
ونفس المعنى جاء به الإمام فخر الدين الرازي في كتابه (المباحث المشرقية في علم الإلهيات والطبيعيات) عندما ذكر “الحلقة التي يجذبها جاذبان متساويان حتى وقفت في الوسط، لا شك أن كل واحد منهما فعل فيها فعلاً معوَّقًا بفعل الآخر”.
اكتشاف أمريكا
ينسب الغرب الفضل للرحالة كريستوفر كولمبوس في اكتشاف الولايات المتحدة الأمريكية أو القارة الأمريكية بشكل عام وذلك بموجب عقد بينه وبين البحرية الإسبانية لاكتشاف مناطق جديدة من العالم.
لكن في دراسة حديثة للدكتور يوسف ميروا، العالم اللبناني والمقيم بمدينة تورونتو الكندية، باللغة الإنجليزية أفادت أن كثيرًا من المؤرخين يؤكدون أن المسلمين وصلوا إلى شواطئ أمريكا قبل كولمبوس بحوالي 500 عام. استدل المؤرخون بما ذكره الجغرافي المسلم الشهير المسعودي في كتابه (مروج الذهب ومعدن الجوهر) من أن بحاراً مسلماً يسمى خشخاش بن سعيد بن أسود القرطبي قام بالإبحار من الشاطئ الغربي للأندلس عام 889م في خط مستقيم حتى وصل لشاطئ رجع منه محملاً بكنوز كبيرة. وقد قام المسعودي برسم خرائط لهذا المكان في غرب القارتين الأوروبية والأفريقية وأطلق عليه اسم الأرض المجهولة.
وتشير هذه الدراسة أيضاً لبعض الجمل التي ذكرها كولمبوس نفسه في رسائله ومذكراته حيث قال بأنه رأى جزيرة حمراء خلال رحلته لأمريكا يحكمها رجل عربي اسمه أبو عبد الله. كما اكتشف كولمبوس أن أهالي جزيرة سان سلفادور يتكلمون ببعض الكلمات ذات الأصول العربية مع وجود تحريف في النطق.
كما ذكر كولمبوس أنه رأى في هندوراس قبيلة سوداء مسلمة يطلق عليها لقب إمامي. وذكر أيضاً أنه رأى مسجداً فوق جبل في كوبا.
وفي ذلك ذكر المؤرخ الأمريكي وينر أستاذ التاريخ بجامعة هارفارد أن كولمبوس فهم أنه كان يوجد مسلمون في هذا العالم الجديد وأنهم انحدروا من غرب القارة الأفريقية وانتشروا في منطقة البحر الكاريبي ومنها إلى شمال وجنوب القارة الأمريكية. كما أشار المؤرخ الأمريكي إلى حدوث عمليات تزاوج بين التجار المسلمين وبين الهنود الحمر.
وقد أشار المؤرخ باري نيل في كتابه “قصة أمريكا” إلى أكثر من 565 تسجيلا ودليلا على تواجد المسلمين في القارة الأمريكية، هذه الأدلة كانت عبارة عن خرائط وآثار بالإضافة إلى أسماء عربية مثل مكة (كاسم لقبيلة هندية) ومنى وأحمد ومحمد والمرابطين، وأيضاً تم رصد كثير من التقاليد والعادات التي تبين اتصال المسلمين بالهنود الحمر.
العَدْوَى
ينسب العالم الفضل للغرب في اكتشاف مفهوم انتقال المرض بالعدوى بين شخص وآخر. يعود تاريخ اكتشاف العدوى لعصر النهضة الأوروبية وخصوصاً عبر كتابات جيرولامو فراكاستورو الفيزيائي والشاعر الإيطالي.
لكنَّ المسلمين كعادتهم سبقوا الغرب في هذا الأمر من خلال رسالة العالم المسلم الخطيب البغدادي الشهيرة في الطاعون. البغدادي استطاع مناقشة نظرية العدوى بصورة علمية بعيداً عن الاعتقادات الخاطئة.
يقول الخطيب البغدادي “إن وجود العدوى مقرر بالخبرة والدراسة وشهادة الحواس، وبالاخبار المتعمدة عن انتقالها بالثياب والأوعية والأقراط وانتقالها بواسطة أشخاص من منزل واحد واصابة مرفأ سليم ممن يصلون إليه من بلاد موبوءة”.
الدورة الدموية
تذكر كتب الطب في أيامنا هذه أن مكتشف الدورة الدموية الصغرى (وهي الدورة التي تنقل الدم من القلب إلى الرئتين والعكس) هو الطبيب والفيزيائي الإسباني ميجيل سيرفيت إي كونيسا الذي سبق الطبيب أفنجليزي ويليام في اكتشاف هذه الدورة.
بينما تشير المخطوطات القديمة إلى اكتشاف العالم المسلم ابن النفيس لهذه الدورة عام 1242م حيث وجدت عدة مخطوطات كتبها ابن النفيس يشرح فيها نظام الدورة الدموية.
وفي أحد المراجع الطبية واسمه بيولوجيا وصحة الإنسان (human biology and health) تم ذكر أن ابن النفيس هو أول مكتشف للدورة الدموية الصغرى.
كما سبق العالم المسلم علي بن عباس المجوسي الطبيب الأوروبي الشهير هارفي في وصف الدورة الدموية في الشعيرات الدموية. فقد تكلم ابن المجوسي عن وظيفتي الانقباض والانبساط كوظيفة من وظائف الجسم الحيوية في كتابه “كامل الصناعة الطبية”.
منابع النيل
إذا قمت بالبحث عن مكتشف منابع نهر النيل فستجدهم ثلاثة هم بيكر وبرتون وسبيك من بريطانيا.
لكن الإدريسي سبق هؤلاء الثلاثة إلى اكتشاف منابع نهر النيل بل هو أول من اكتشف منابع النيل وقد قام برسم نهر النيل في خريطه تصوره آتياً من بحيرات في وسط أفريقيا مما ساهم في تصحيح آراء العلماء في عصره.
يقول الإدريسي في كتابه نزهة المشتاق “والقسم الثاني من النيل يمر من جهة المشرق إلى أقصى المغرب وعلى هذا القسم من النيل جميع بلاد السودان أو أكثرها وهذان القسمان مخرجهما من جبل القمر الذي أوله فوق خط الاستواء بست عشرة درجة وذلك أن مبدأ النيل من هذا الجبل من عشر عيون، فأما الخمسة الأنهار منها فإنها تصب وتجتمع في بطيحة كبيرة وكذلك الخمسة الأنهار الأخر تنزل من الجبل إلى بطيحة أخرى كبيرة ويخرج من كل واحدة من هاتين البطيحتين ثلاثة أنهار فتمر بأجمعها إلى أن تصب في بطيحة كبيرة جداً وعلى هذه البطيحة مدينة تسمى طرمى”.