الفلسطينية ميسون.. شغفها بعلم الفلك وضع اسمها بمركبة تدور حول الشمس

منذ كانت في العاشرة من عمرها، دأبت الفلسطينية ميسون أبو حميد -وهي الآن في عقدها الثالث- على تأمل الشهب في ساعات الفجر الأخيرة باختلاف ألوانها، وبالشغف ذاته تراقب القمر الذي يخفي ظهور الشهب، ومنذ كانت في سن صغيرة تعرف كل حالات ظهور القمر وأوقاتها.

تزوجت ميسون -وهي في السابعة عشرة من عمرها- لكن ربة المنزل تلك لم تسمح ألبتة بموت عشقها لعلم الفلك، فبعد عشرة أعوام من الزواج حققت حلمها بفرحة النجاح في الثانوية العامة، ثم مضت نحو الاقتراب من الحلم الأكبر.

مع أول تليسكوب في غزة
كان 2013 عاما مفصليا في حياتها، حين أرسل البرفيسور الفلسطيني سليمان بركة -الذي اختير مؤخرا ضمن كبار علماء الفيزياء بالاتحاد الدولي للفلك- أول تلسكوب فلكي لقطاع غزة.

 تقول ميسون عن هذا اليوم “ذهبت لحضور أول فعالية رصد عبر التلسكوب وأنا أشعر برهبة وفرحة شديدة، شعرت في الطريق أني أطير في الهواء، وحين وصلنا المكان كنت لا أكاد أرى شيئا سوى التلسكوب”.

وتضيف -وهي مزهوة بقوة ذاكرتها- “كانت رؤيتي للقمر عبر التلسكوب رائعة للغاية، ودققت كثيرا في المشهد، على عكس من سبقني أو لحق بي، لذا استغرب الجميع، وتساءلوا: ماذا رأيتِ؟”.

عدّت ميسون هذا اليوم، الأول في رحلة انطلاقها عمليا نحو الغوص في علم الفلك، فيومها وجدت في جموع المختصين والمهتمين الأيدي التي ستصطحبها نحو تحقيق حلمها، فقررت ألا تبقى حبيسة الأحلام، وسرعان ما انضمت إلى”نادي هواة الفلك في غزة” الذي تأسس عام 2012 لفتح الآفاق أمام هواة الفلك في غزة.

تقول ميسون لـلجزيرة نت “لم أترك نشاطا للنادي إلا حضرته وشاركت فيه، حتى جاءت فرصتي بإلقاء محاضرة بتشجيع من الدكتور سليمان بركة، الذي ساعدني في أول ظهور لي أمام الحضور”.

تبسيط الفلك للصغار
حاضرت ميسون أمام طلبة جامعيين ومهتمين بعلم الفلك بكل ثقة، وانطلقت نحو تثقيف التلاميذ في المدارس حول هذا العلم، فجالت مدارس قطاع غزة من شمالها إلى جنوبها تشرح وتبسط علم الفلك للصغار الذين يعانون كثيرا بسبب انعكاسات العدوان والحصار الإسرائيليين عليهم.

كانت هناك أيضا مهمة صعبة أمام ميسون تتعلق بتغيير انطباع الفلسطينيين في القطاع حول علم الفلك الذي ربطوه دائما بالتنجيم.

تحب ميسون العمل مع الأطفال بشكل كبير، تخرج المعلومات من “قلبها” -كما تقول- فهي تتذكر حرمانها في طفولتها من أي فرصة لمعرفة الفلك في المدرسة، أو وجود مرشد يضع لها خطوط التحرك نحو علم الفلك.

تقول “عندما نذهب إلى المدرسة، وتكون الإدارة قد اختارت جزءا من التلاميذ للمشاهدة عبر التلسكوب، ثم أرى طفلا متخفيا ينظر إلينا أذهب بسرعة لإحضاره وأدخل السعادة إلى قلبه بهذه المشاركة”.

صفحة على الفيسبوك
أما عن عطائها لهذا العلم بعيدا عن ميدان تثقيف الغزيين، فقد شاركت ميسون في عام 2017 بمسابقة أعدها اتحاد الفلك الدولي، وحصل مشروعها الخاص بتطبيق على الهاتف المتنقل يقدم محتوى عربيا عن الأحداث الفلكية على المركز الأول.

كما أنشأت صفحة على موقع فيسبوك تقدم معلومات وأخبارا فلكية من مصادر علمية موثوقة.

تقول ميسون أصِل إلى التقارير والمقالات باللغة الإنجليزية ثم أقوم بترجمتها وتبسيطها للجمهور بحيث تفهم بسرعة ودون ملل، لقد أعجب المهتمون كثيرا بالمعلومات المتزامنة مع الأحداث الفلكية”.

عملت ميسون أيضا مع المهتمين في الوطن العربي، فكانت ضمن فريق إنشاء سلسلة ألف ليلة وليلة الفلكية، وهي فكرة شاب مصري مهتم بالفلك، يدعى أحمد بسيوني، قدم قصة عن كل نجمة في السماء اختار لها اسما من الأساطير لجذب هواة علم الفلك.

أحلام مع ناسا
كما تواصلت مع وكالة الفضاء الأميركية “ناسا” (NASA) التي رحبت بميسون ودعتها للمشاركة في عدة أحداث مثل إطلاق الصواريخ الفضائية وغيرها، غير أن ظروف قطاع غزة المحاصر حالت دون تحقيق حلمها هذا بزيارة الوكالة.

وتختم ميسون “هناك مركبة على المريخ فيها شريحة تحمل اسمي، وأخرى مع مركبة تدور حول الشمس، وحلمي أن أرى مذنبا بالعين المجردة”.

 

Exit mobile version