باولو كويلهو .. الجبل الخامس

باولو كويلهو  : روائي وقاص برازيلي من مشاهير الكتاب العالميين حيث تعد أعماله من روائع الأدب العالمي، شكل ظاهرة أدبية غريبة في فترة زمنية نسبياً وحظيت رواياته بإقبال كبير في العالم وترجمت إلى أكثر من ثلاثين لغة، وهو واحد من قلة نادرة من الكتاب ممن تحولوا، بالكتابة وحدها، من الفقر إلى الثراء الفاحش.

ولد باولو كويلهو في “ريو دي جانيرو” بالبرازيل عام 1947م، وقبل أن يعمل في الكتابة بشكل كامل مارس الإخراج المسرحي، والتمثيل، وعمل كمؤلف غنائي، وصحفي، وقد كتب كلمات الأغاني للعديد من المغنيين البرازيليين أمثال إليس ريجينا، ريتا لي، راؤول سييكساس، وبلغت مؤلفاته الغنائية أكثر من ستين أغنية.

بدء ولع كويلهو بالعوالم الروحانية منذ شبابه، حينما جال العالم بحثا عن المجتمعات السرية، وديانات الشرق، ونشر أول كتاب له عام 1982م بعنوان “أرشيف الجحيم”، والذي لم يلق أي نجاح، وتبعت مصيره أعمال أخرى ، ثم في عام 1986م قام كويلهو بالحج سيرا للقديس جايمس في كومبوستيلا ، وقام بتوثيق هذه الرحلة فيما بعد في كتابه “الحج”، وفي العام التالي نشر رواية “الخيميائي” ، التي كاد الناشر أن يتخلي عنها في البداية، و لكنها سرعان ما أصبحت من أهم الروايات البرازيلية وأكثرها مبيعا.

ويعتبر كثير من النقاد كويلهو كاتباً تبسيطياً فجاً تشكو كتاباته من الضحالة والنزعة التبشيرية، ويتهمه البعض بارتكاب الأخطاء اللغوية التي تكشف عن ضعف قدراته في الكتابة، ولكن كويلهو يرى أن البساطة التي تطغى على مؤلفاته تمثل الطريق القصير إلى الفن، فالبساطة في رأيه هي قمة الجمال، وهو لا يريد أن يطارد البلاغة والزخرفة والتعقيد.

وتمثل روايات كويلهو انعكاسا لحياته وجوانب من سيرته الذاتية المليئة بالأحداث وقد تعرض فترة إلي السجن والتعذيب بعد اختطافه من قبل مجموعة من العسكريين وأدت هذه التجربة إلى التخلي عن كل قناعاته وأجبرته على مراجعة نفسه، فبدأ يميل شيئاً فشيئاً إلى الدين وصار الإيمان يتسرب إلى نفسه، فتسلق الجبال مع مجموعة من المؤمنين للوصول إلى كنيسة، وكان هذا نوعاً من التطهر.

وعن هذه التجربة كتب نصاً طويلاً سماه “الحج” أو “يوميات كاهن”، وهو يرى أن القديسين والقديسات أشخاص يتمتعون بعواطف وميول جارفة، ولولا الدين الذي يشعل تلك العواطف ويفرغها بطريقة آمنة، لدخل هؤلاء الناس إلي عالم الجريمة.

ولا يريد كويلهو أن يكون رسولاً، وليست لديه رغبة في القيام بدور المخلص، فهو يروي الوقائع التي حدثت في حياته وردود الفعل التي بدرت منه إزاءها، هدفه هو تدوين هذه الأشياء، وروايتها في قالب يجمع حبكة حكائية وسرداً خفيفاً وحكمة عتيقة، ولا يؤمن الكاتب برسالة جماعية من شأنها أن تقود البشر بالعدل، وإنما يؤمن بالطفرات الفردية، والمبادرات التي تأتي من الشخص ككائن فريد لا شبيه له.

وفي رأيه أن الحرية القصوى للفرد تقوم في تمتعه بإمكان ترجمة ذاته خارج الحدود الجماعية، أي خارج الدين أو القومية أو الحزب أو المؤسسة، فحرية الفرد هي السبيل الوحيد لإزالة العوائق أمام طاقات الخـلق.

وعلى هذا تبدو روايات باولو كويلهو، أشبه بأطروحات فكرية تسعى إلى القفز عن حدود الحكاية، لتمثل مجموعة من الحوادث والإشارات والخواطر والتأملات، معروضة في قالب قصصي ومسرودة في نثر خفيف.

ومن أهم الأعمال التي كتبها باولو كويلهو  “بريدا” عام 1990م ، فالكيريس “فتيات فالكيري ” عام 1992م، “على نهر بيدرا جلست و بكيت” عام 1994م، “مكتوب” وهي عبارة عن مجموعة قصص و أشعار كانت قد نشرت في الصحف، “إتمامه النصوص الجُمَلية” عام 1995م، “الجبل الخامس” عام 1996م، “دليل محاربي الضوء” عام 1997م، “فيرونيكا تقرر أن تموت” عام 1998م، “الشيطان والسيدة بريم” عام 2000م، “قصص للآباء والأبناء والأحفاد ” وهي عبارة عن مجموعة من الحكايات الشعبية، “إحدى عشرة دقيقة” عام  2003م، “الزهير” وكتبها عام 2005م

طايع الديب

Exit mobile version