“بذلة مكيفة” لإنقاذ أرواح المصابين بالحروق الحرجة

نجحت الباحثة المصرية أشرف الملوك (استشاري جراحة التجميل والعلاج الطبيعي) في الوصول إلى علاج للحروق التي تغطي أكثر من 30% من مساحة جسم الإنسان والتي مثلت تحديا للأطباء في جميع أنحاء العالم، والعلاج الجديد التي تقدمه الدكتورة أشرف عبارة عن “بذلة مكيفة” تعد وسيلة مأمونة لتجاوز سلبيات الطرق التقليدية في تلك حالات الحروق الحرجة، والتي قد تسبب ألما شديدا، بالإضافة إلى رشح شديد في السوائل من الجسم بسبب اتساع مساحة الحرق ويهدر الحياة بنسبة تصل إلى 40% أحيانا.

والبذلة المبتكرة تعتمد فكرتها على كيفية السيطرة على عملية تكسر كرات الدم الحمراء و”نزح” السوائل التى يفرزها جسم المصاب، وهي تتكون من ثلاثة أجزاء، الأول منها يعطي البرودة للبذلة، أما الثاني فهو جسم البذلة نفسه، والثالث عبارة عن وحدة إليكترونية لقياس برودة البذلة حتى يتم التحكم في درجة البرودة اللازمة لوقف نزح السوائل في الحالات الحرجة، وهي تعتبر العلاج الوحيد لحالات الحروق ذات النسب العالية التي لا يكون لها علاج طبي حاسم على مستوى العالم.

تقول د. أشرف: “خطورة الحرق لا تكون بالنسبة لدرجته فقط بل ترتبط بالمساحة التي شملها، لذلك نجد أن حرقا واسعا من الدرجة الأولى قد يكون أخطر بكثير من حرق من الدرجة الثالثة، وإصابة نصف مساحة الجسم بالحروق من الدرجة الأولى قد تكون سببا في وفاته في أغلب الأحيان”، وتضيف: “إن مريض الحروق يمر بالعديد من الصدمات سواء كانت تسممية أو عصبية أو بكتيرية، إضافة إلى نزح السوائل، حيث يفقد مريض الحروق 12 لترا في أول يوم من سوائل الأنسجة الحية للجسم، مما يؤثر على جميع وظائف الجسم، وتتأثر الدورة الدموية والتنفسية، وأخيرا كم كرات الدم الحمراء التى تتكسر باطراد وخاصة في أول 36 ساعة، فتقل نسبة الأوكسجين في المخ نتيجة تكسر كرات الدم الحمراء، ويبدأ المريض في فقد الوعي تماما حتى الغيبوبة ثم الموت”.

العلاج بالتبريد
الفكرة تبلورت لدى د. أشرف بعد قراءتها لنشرة علمية متخصصة صدرت في النمسا، وذكرت أن مريضا بالحروق تم وضعه في “بانيو ثلج” لعلاجه، فأخذت بدورها في تطوير الفكرة من بانيو ثلج إلى ارتداء الأجزاء المحروقة في المريض لشيء مبرد تماما، والتبريد سيوقف نزح سوائل الجسم والصدمة التسممية التى تحدث، كما سيوقف تكاثر الميكروب بشدة في جسم المصاب، إضافة إلى تقليل صدمة الألم والصدمة العصبية في بداية الأمر، ويتم تعريض المصاب المحترق لدرجة حرارة معينة يتم التحكم فيها حسب احتياج المصاب، وتتوقف على درجة نزح السوائل من جسمه.

تقول المخترعة: “ترجع البداية إلى أواخر السبعينات، تحديدا عام 1976، عندما كنت أعمل في إحدى مستشفيات القاهرة، حيث كان العديد من مرضى الحالات الحرجة يلقون حتفهم من الحروق رغم محاولاتنا الدائمة لإنقاذهم بكل الطرق المعروفة، ولكن بلا جدوى، وفكرت في أسباب وفاة المرضى خطوة خطوة”.

وبدأت د. أشرف في تجاربها منذ عام 1993، حتى وصلت أخيرا إلى الصورة المكتملة للبذلة المختصة بعلاج مصابي الحالات الحرجة للحروق، ونجحت الاختبارات على البذلة في علاج الكثير من المصابين، غير أن البذلة وتتميز البذلة عن طرق التبريد الأخرى في أنها يمكنها أن تبرد الأماكن التي تتعرض للحروق فقط، بما لا يسبب أضرارا تذكر على أجزاء الجسم الأخرى غير المحروقة.

وطورت د. أشرف اختراعها بحيث يمكن تشكيل “البذلة” المبتكرة في أي صورة وأي حجم، فبجانب استخدامها لعلاج مصابي الحالات الحرجة للحروق، يمكن أن تستخدم أيضا في حفظ الموتى، وفي حفظ الأعضاء، وكجراب في غرفة العمليات، بل وكحقيبة مأكولات، كما يمكن أن تستخدم أيضا في علاج ضربات الشمس، ويمكن استعمال هذه البذلة في أثناء العلاج “الفوتوديناميك” لمرضى الأورام كعازل للضوء أثناء العلاج وكذلك كعازل حراري في حالات التعرض لإشعاعات الليزر.

كما يمكن أيضا تصنيع بذلة مكيفة للعمال والمناطق الحارة، وعمال مصانع الحديد والصلب، ويمكن أيضا أن يصنع من خلالها ملابس لكل العمال الذين يتعرضون للحرارة العالية أو إشعاعات الليزر، ولن تزيد كلفة إنتاج البذلة عن 200 دولار، وهو سعر مناسب مقارنة بأسعار الأجهزة الطبية عامة.

Exit mobile version