أبرز عباقرة الموسيقى في جميع العصور، أبدع أعمالاً موسيقية خالدة، له الفضل الأعظم في تطوير الموسيقى الكلاسيكية، قدم أول عمل موسيقي وعمره 8 سنوات، وبدأ يفقد سمعه في الثلاثينيات من عمره إلا أن ذلك لم يؤثر على إنتاجه الذي ازداد في تلك الفترة وتميز بالإبداع.
ولد “لودفيج فان بتهوفن” بمدينة بون بألمانيا في 16 ديسمبر من عام 1770م، وكان أبوه “يوهان فان بتهوفن” قد تزوج من أمه “ماريا ماجدلينا لايم” عام 1767م، وترجع العائلة إلى أصل فلمنكي قبل أن يقيم جده لأبيه بمدينة بون ويؤسس هذا الفرع من العائلة، وكان أبوه يعمل مغنيا بكنيسة البلدة وكانت شخصيته باهتة لا يفكر في غده أو في مسؤولياته تجاه العائلة، ومع ذلك فإن الفضل يرجع إليه في اكتشاف موهبة لودفيج غير العادية في سن مبكرة.
عندما بلغ الحادية عشرة من عمره كان لا يتعلم شيئا غير الموسيقى، وهذا يدلنا على أنه لم يتمكن من التأقلم مع الحياة المحيطة به رغم حدة ذكائه وقوة استيعابه لأمور عديدة أخرى، لم يتفوق في كل ما يجيده البشر من علوم ودراسات وعلاقات اجتماعية، فقد كانت له حياة أخرى لا يجاريه إنسان فيها.. حياة تغمرها الروحانيات والثراء الفني العميق.
قال عنه “ريس” الذي كان يعرفه جيداً في هذه المرحلة من عمره: “كان يبدو قميئاً.. مغلوبا على أمره.. تخلو حركاته من الرشاقة والمظهر الحسن.. كان نادرا ما يمسك بشيء دون أن يسقط من يده وينكسر، لم تنج منه أي قطعة من أثاث المنزل، فقد كانت زجاجات الحبر تنقلب يوميا لتغرق كل شيء، حتى أصابع البيانو، لم يكن يجيد الرقص أو الظهور بالمظهر اللائق..”.
وعندما بلغ الرابعة عشرة من عمره، حصل على وظيفة عازف الأرغن المساعد بكنيسة الدوق “فرانز مكسيميليان” الذي كان الابن الأصغر للإمبراطورة ماريا تيريزه، وهذا يدل على المستوى الفني الكبير الذي كان قد وصل إليه في ذلك الوقت.. وكان قبل ذلك ينوب عن عازف الأورغن عند غيابه، وبالإضافة إلى عزف الأورغن، فإن وظيفته تضمنت العمل كعازف للهاربسيورد بمسرح القصر لتدريب المغنين على خشبة المسرح، وكان في ذلك الوقت يدرس التأليف بعمق مع أستاذه “نيف” الذي أذاع في كل البقاع خبر الموهبة المعجزة لتلميذه العبقري.
وتشمل أعمال بيتهوفن تسـعة سيمفونيات وخمس مقطوعات موسيقية على البيانو ومقطوعة على الكمان، كما ألّف العديد من المقطوعات الموسيقية كمقدمات للأوبرا، ومن أجمل أعماله السيمفونية الخامسة والسادسة والتاسعة.
ويقسم الكثير من النقاد حياة بتهوفن إلى ثلاث مراحل .. رغم أن ذلك لا يقره آخرون.. المرحلة الأولى هي التي تتسم فيها أعماله بالطابع الكلاسيكي لهايدن وموتسارت وهي تبدأ من عام 1795م وتنتهي عام 1803م وتشهد هذه الفترة ما يقرب من خمسين عملاً موسيقيا تتضمن العديد من سوناتات البيانو وأهمها “ضوء القمر” و “المؤثرة” والسيمفونيتان الأولى والثانية.
أما المرحلة الثانية فتبدأ بعام 1804م حتى عام 1816م وتتسم بالشاعرية والثورية وبشخصيته الرومنتيكية وخلالها كتب سيمفونيته الخامسة وأوبرا “فيديليو” وافتتاحيات “كوريولان” و”اجمونت”.. أما المرحلة الأخيرة والتي شملت السنوات العشر الأخيرة من حياته، فقد تضمنت سيمفونيته التاسعة “والقداس الكبير” وسوناتاته ورباعياته الوترية الأخيرة، وهو في هذه المرحلة يرتفع على صراعه الشخصي مع القدر.. وتعبيره عن فرديته وشاعريته وفلسفته، حيث يتخطى نفسه ويجتازها إلى شعور أعم وأعمق.. إلى وحدة مع الإنسانية .. وصفاء وسلام وتعانق بين كل البشر.
وتوفي لودفيج فان بيتهوفن في فيينا عام 1827م ولكن موسيقاه باقية حتى يومنا هذا خير شاهد على عبقريته وموهبته الفذة.