رغم فقر أسرتي الذي اضطرني للخروج من المدرسة، فإنني استطعت بالصبر والعزيمة أن أصبح أثرى رجل في إسبانيا وثامن أغنى ملياردير في العالم.. لعل هذا خلاصة ما يمكن أن يجمل فيه الملياردير الإسباني أمانسيو أورتيغا بلسان حاله قصة كفاحه مع الحياة.
وبلسان الحال الذي أحيانا يكون أبلغ من لسان المقال يروي أورتيغا مشواره مع الحياة من البداية قائلا: ولدت في عائلة فقيرة في مدينة ليون الإسبانية عام 1936، وعندما توجهت عائلتي إلى شمال غرب إسبانيا لتسكن في المدينة الصناعية في لا كورونا بسبب وظيفة والدي، الذي كان يعمل في سكك الحديد، اضطررت لترك المدرسة والعمل لمساعدة أهلي في مصروف البيت.
في البداية عملت بائعا في محلات للملابس الجاهزة، وكانت وظيفتي توصيل الملابس لزبائن أثرياء. وهذه المهمة اليومية أثرت كثيرا على أفكاري، وهو ما جعلني أحمل في ذهني قررا للمستقبل وهو صناعة ألبسة لجميع الناس بأسعار منخفضة.
وبعد عامين، انتقلت للعمل مساعدا للخياطين في مصنع تابع لهذه المحلات، وهنا أيضا كسبت خبرة في مراحل الإنتاج.
وفي بداية ستينيات القرن الماضي، وبعد عمل مضن وجهود حثيثة، أصبحت مديرا لأحد متاجر الملابس في لا كورونا.
وهنا لاحظت أيضا أن معظم الأزياء تصمم وتصنع ليشتريها الأثرياء، لذا قررت دخول معترك الابتكار، فبدأت أفكر في وسيلة تخفض التكلفة على المصنع ليبيع بضاعته بأسعار رخيصة.
وانطلقت لشراء أول مجموعة من الأقمشة الرخيصة الثمن من مدينة برشلونة الإسبانية. وفي نهاية كل أسبوع، كنت أمضي يومي السبت والأحد في منزل العائلة ساعيا لتصميم أزياء جديدة ومحاولا تقطيع الملابس يدويا من دون استخدام معدات الخياطة.
وما هي إلا فترة وجيزة، حتى استطعت بيع أول مجموعة من تصميمي وتنفيذي، وهي عبارة عن ملابس نوم بأسعار زهيدة. ومن الأرباح التي جمعتها والأموال التي كنت أدخرها من وظيفتي، افتتحت أول مصنع لي عام 1963 وكان عمري لم يتخط 27 عاما.
المصنع الذي حمل اسم “كونفيسيونيز غووا” كان مخصصا في البداية لتصنيع “برنصات” للحمامات، ومعه دارت عجلة التصنيع والبيع لأعوام عدة.
وحتى عام 1975، كنت أوزع منتجاتي على متاجر ومحلات مختلفة في جميع أنحاء إسبانيا، وفي العام نفسه، قررت إطلاق علامة تجارية تحمل اسم “زارا”. وافتتحت لهذا الغرض أول متجر تحت اسم “زارا” في أشهر مجمع تجاري في لا كورونا، وذاعت شهرة علامتي التجارية جراء نجاحي في اختيار المكان أيضا.
وتميزت العلامة بمفهوم “ملابس على الموضة بأسعار رخيصة”، واستطاعت الانتشار بسرعة من خلال بناء شبكة من المتاجر في زوايا إسبانيا الأربع.
وفي أول تقرير حول البيانات المالية للشركة، أوضحت أهداف تأسيس زارا: وهي “جعل الموضة أكثر ديموقراطية، من خلال توفيرها لجميع طبقات المجتمع”.
ومع هذا لم أكتف بنجاح ماركة واحدة، فقررت إطلاق علامات تجارية مختلفة لتحاكي أذواق شرائح المجتمع المتنوعة. ففي عام 1985، أسست مع زوجتي روزاليا ميرا مجموعة إنديتكس، حتى تحتضن زارا وأخواتها.
وهذه المظلة الواحدة بدأت منذ اليوم الأول لتأسيسها في تنويع العلامات التجارية للملابس فخلقت “ماسيمو ديوتي” و”بول آند بير”.
ومن هنا، بدأت إنديتكس في التوسع خارج حدود إسبانيا، فنشرت مكاتب إدارية لعلاماتها التجارية في معظم دول العالم، أبرزها إيطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة وأمريكا اللاتينية والكويت، حتى افتتحت متجري رقم مائة في 1989. وظلت إنديتكس في تقديمها حتى أعلنت في عام 2000 عن نيتي إدراجها في سوق مدريد للأوراق المالية.
وعندما أدرجت الشركة في البورصة، أصبحت بالفعل أثرى رجل في إسبانيا بعد ارتفاع السهم 22 % في اليوم الأول.
وهكذا حتى صارت إنديتكس أكبر إمبراطورية صناعية في إسبانيا وثالث أكبر مجموعة لصناعة الألبسة في العالم بعد “غاب” الأمريكية و”إتش آند إم” السويدية.
وتضم مجموعتي الآن أكثر من 3 ألاف متجر يعمل بها 14 ألف موظف في 62 دولة حول العالم، إلى جانب استثماراتي في الغاز والسياحة والعقارات والبنوك.
ولم أنتبه لحجم ثروتي حتى ذكرت مجلة “فور بس” الأمريكية أنني أصبحت أثرى رجل في إسبانيا وثامن أغنى ملياردير في العالم بثروة تخطت 24 مليار دولار.
ولكني أنصح كل صاحب طموح ألا ينظر إلى ما انتهيت إليه، وإنما ينظر إلى ما بدأت منه مشواري.