صمم فريق من الباحثين جهازًا يمكنه تحلية المياه المالحة أو المياه غير النظيفة دون أن يكون هناك أي تلامُس بين الجهاز والمياه المراد تحليتها.

ووفق دراسة نشرتها دورية “نيتشر كوميونيكيشنز” (Nature Communications)، فإن الجهاز الجديد يعتمد على توظيف ضوء الشمس لتسخين مواد موصلة للحرارة تطفو على سطح الماء المالح للحصول على البخار، بتكلفة بسيطة وبأسلوب صديق للبيئة، بحيث يمكن تكثيف البخار وتحويله إلى مياه صالحة للشرب.

ويستخدم الجهاز الذي صممه باحثون بقيادة “توماس كوبر” -الأستاذ المساعد بقسم الهندسة الميكانيكية بجامعة “يورك” الكندية- و”جانج شين” -أستاذ الهندسة الميكانيكية في “معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا” بالولايات المتحدة الأمريكية- مادةً تمتص الضوء دون أن يكون هناك أي احتكاك بين الجهاز والماء المراد تحليته.

يقول “كوبر”، في تصريحات لموقع “العلم”: “إن عدم الاحتكاك يؤدي إلى منع تلوُّث الجهاز، كما يسمح بتوليد المياه النقية بكفاءة لفترات تشغيل طويلة”، مشددًا على أن “الأنظمة التي تعتمد على تحلية المياه باستخدام الطاقة الشمسية يمكن أن تقدم حلًّا فعالًا للتحدي الذي يواجه كوكب الأرض لتوفير مياه شرب نقية بطريقة مستدامة”.

ويمتلك التصميم “غير التلامسي” للجهاز قدرةً كبيرةً على مقاومة التلوث، سواء بالأملاح أو الشوائب، بفضل الأجزاء المتقدمة تقنيًّا الموجودة فيه والخاصة بامتصاص الطاقة الشمسية و”المحبب الفضائي” و”الباعث”، وجميعها أجزاء لا تتلامس فعليًّا مع المياه المالحة أو الملوثة؛ إذ إن الجزء الوحيد من الجهاز الذي يلامس المياه المالحة أو الملوثة هو الحوض، والذي يمكن ببساطة تنظيفه، على حد وصف “كوبر”.

وتشير الدراسة إلى أن “كم المياه التي يمكن أن ينتجها الجهاز تعتمد على عاملين أساسيين،هما المساحة التي يغطيها الجهاز، والإشعاع الشمسي (مقدار الأشعة الشمسية الساقطة على مساحةٍ معينة والقادرة على توليد قدرةٍ كهربائية)”.

يضيف “كوبر” أن “كل متر مربع من المساحة التي يشغلها الجهاز تنتج 2.5 لتر من المياه المقطرة يوميًّا في مكان يتمتع بإشعاع شمسي يومي يقدر بنحو 6 كيلوواط في الساعة لكل متر مربع. وبطبيعة الحال يكون إنتاج الجهاز أقل في الأماكن التي تقل فيها الشمس. ويمكن زيادة حجم الجهاز ليغطي مساحة أكبرلإنتاج مزيد من المياه يوميًّا”.

وتشير الدراسة إلى أن الجهاز يعمل حاليًّا في وجود الشمس، ولكن لا يحتاج الأمر إلى شمس ساطعة؛ إذ يمكن أن يتم تشغيل الجهاز بتدفقات من الطاقة الشمسية تبلغ أقل من 1000 وات لكل متر مربع وبمساعدة المكثفات الشمسية في الأوقات التي يقل فيها الإشعاع الشمسي، كما يمكن دمج التخزين الحراري في أي صورة لتمكين الجهاز من العمل في الأوقات غير الساطعة.

وعن إمكانية إحلال أي مصدر آخر للطاقة محل ضوء الشمس، يؤكد “كوبر” أنه يمكن استخدام أي صورة من صور الحرارة، مضيفًا أنه “يمكن، على سبيل المثال، حرق الكتل الحيوية واستخدام الحرارة المنبعثة في الأوقات غير الساطعة. ويُعد ذلك ميزةً في الأنظمة التي تعمل بالحرارة؛ إذ يمكن تهجينها بسهولة باستخدام أشكال مساعدة من مدخلات الحرارة”.

ولحل مشكلة ترسُّب الملح والشوائب التي قد تقلل من كفاءة الجهاز، يوضح “كوبر” أن “الجهاز يتكون من أجزاء عالية التقنية مثل تلك المسؤولة عن امتصاص الطاقة الشمسية والتسخين الفائق والانبعاث الحراري، وجميعها ليس بينها وبين الماء المالح أو الملوث احتكاك مباشر. والجزء الوحيد من الجهاز الذي يلامس هذا الماء هو الحوض، الذي يمكن غسله بصورة دورية بماء مالح لتنظيفه”.

ويختلف الوقت الذي ينتج عنه تلوث الجهاز بالشوائب والأملاح وفقًا لتصميم كل جهاز، فقد يحدث ذلك على الفور أو قد يتأخر حدوث التلوث لفترات طويلة.

يقول “كوبر”: إذا كانت المادة المسؤولة عن الامتصاص ملامِسةً للماء المالح وحدث تبخير تام للمياه، فقد تتكون بلورات الملح التي قد تعكس ضوء الشمس بعيدًا عن الجهاز، مما يؤثر بشدة على كفاءته. وهناك أيضًا مشكلة تلوث الجهاز بالترسبات الحيوية، وهي عبارة عن تراكم ونمو غير مرغوب فيه من الكائنات الدقيقة والنباتات والحيوانات والطحالب على الأسطح المغمورة في الماء، والتي قد تحدث على مدى أسابيع أو شهور.

لكن فكرة عدم الاحتكاك في الجهاز الجديد تؤدي إلى تجنُّب كثيرٍمن مشكلات التلوث، على حد وصف “كوبر”.

المصدر