“دليل”.. ابتكار جزائري لمساعدة المكفوفين وضعف البصر

تمكن الشاب الجزائري إسلام عز الدين رفقة زميليه من تصميم تطبيق عبر الهاتف النقال يحمل اسم “دليل” يساعد المكفوفين في التنقل والمشي دون الحاجة للمس الأشياء وتحسسها. بدأت الفكرة عام 2014، عندما لاحظ إسلام الصعوبات التي يواجهها غير المبصرين في السير والخروج والذهاب إلى الأماكن المختلفة، فقرر تصميم تطبيق يساعدهم على تجاوز ذلك باستغلال مهاراته في الإعلام الآلي باعتباره طالب ماستر في قسم الإعلام الآلي بجامعة قسنطينة.

وبالفعل نجح خلال نفس العام الشاب رفقة صديقين آخرين في إطلاق “دليل” لأول مرة عبر جهاز الكمبيوتر رغم الصعوبات التي كانت تواجهه بسبب ضيق الوقت والتزامات الدراسة. بعد ذلك قام الفريق بتطوير التطبيق الذي أصبح يستخدم عبر الهاتف النقال ويشرح اسلام لموقع كلافو، طريقة عمل الدليل: “عبر كاميرا الهاتف النقال، يقوم التطبيق بتحديد الأشياء الموجودة أمام غير المبصرين في شكل رسالة صوتية وهكذا يصبحون غير مضطرين للمس الأشياء وتحسسها من أجل تحديدها”. هكذا يساعد “دليل” المكفوفين في التنقل من مكان لآخر بمفردهم وتجنب الوقوع والاصطدام بالأشياء الموجودة أمامهم، كما يسمح لهم بالتسوق وقضاء حاجاتهم بالاعتماد على أنفسهم.

ومن أجل قياس ومعرفة مدى فاعلية قام الشباب الثلاثة بتجريبه على مجموعة من الأشخاص المكفوفين من مختلف الأعمار إناثا وذكورا، وذلك بالتعاون مع جمعية المكفوفين بولاية قسنطينة التي تتيح لهم إمكانية التواصل مع أكبر عدد ممكن من هذه الفئة، وحسب اسلام، فإن مراقبتهم لردود الأفعال أثناء استخدام غير المبصرين لـ”دليل”، سمحت لهم بتقييم المشروع، حيث كانت فاعلية التطبيق عالية جدا في الأماكن المغلقة مثل البيوت والمحلات لكون الأشياء الموجودة في مثل هذه الأماكن محدودة، مقارنة بالأماكن المفتوحة مثل الشوارع، التي يكون التنقل بها أكثر تعقيد.

 

بناء على هذه الملاحظات قرر فريق العمل تطوير التطبيق أكثر، حتى يسمح للمكفوفين بالخروج للشارع بشكل سهل، من خلال إضافة تفاصيل أخرى تسمح برفع فاعليته في الأماكن المفتوحة، وعدم الاكتفاء بوصف وتحديد الأشياء التي تتميز بكثرتها وإنما جعل “دليل” يقوم بوصف وضعية هذه الأشياء أيضا، مثلا هل هي ساكنة أو متحركة، والانتقال بعدها من وصف الأشياء منفصلة إلى وصف لقطات كاملة، ليصبح كأنه عين مبصرة توجه الأشخاص المكفوفين. ويسعى الشباب الثلاثة اليوم إلى إضافة خاصية جديدة في التطبيق حتى يصبح قادرا على  تحديد المسافة بين الأشياء وبالتالي قدرة الشخص على التجول بشكل أسهل وآمن مثل “توجد سيارة على بعد 5 أمتار  تسير في اتجاه اليمين”.

الوصول إلى هذه المرحلة من المشروع، المتميز لم يكن سهلا في ظل غياب الامكانيات اللازمة، ويوضح في هذا السياق إسلام لموقع “كلافو”: “اعتمدنا على إمكاناتنا الخاصة من أجل تمويل المشروع، وشراء الأجهزة الإلكترونية الضرورية لذلك والتي تكلف في العام الواحد ما بين 1500 دولار إلى 2000 دولار”. وهي تكاليف مالية مرتفعة بالنسبة لطلاب لا يملكون أي مدخول مالي، ولكن في أكتوبر 2016  حصل الشباب على دعم مالي  بقيمة 2 مليون دينار جزائري – حوالي 20 ألف دولار – من أجل تطوير المشروع، بعد فوزه بجائزة أفضل مشروع ناشىء في الجزائر عام 2016.

وتمكن الشباب من تجاوز عقبة الإمكانيات المحدودة، وغياب التشجيع في ظل عدم وجود ورشة خاصة للعمل، وصعوبة الوصول إلى المراكز العلمية لإنجاز العمليات الحسابية الضرورية، وغيرها. ويعلق هنا إسلام: “هذه الصعوبات يمكن تجاوزها لكنها تضيع الوقت كثيرا، ما أنجزناه في ثلاث سنوات كان يمكن إنجازه في سنة واحدة. التحدي الكبير الذي  نواجهه في مجال الاعلام الآلي هو السرعة في التنفيذ، لأن التطبيقات تتطور بشكل سريع جدا، وإذا لم تنفذ فكرتك قد ينفذها شخص آخر قبلك”.

 

Exit mobile version