توصل فريق بحثي مصري إلى طرق للانتفاع بحطب القطن ومخلفات صناعاته النسجية، عوض التخلص منها بطريقة تسهم في مشكلات البيئة.
”الحرق هو الطريق الأسهل للمزارع، مخلفًا سحبًا سوداء“، وفق رئيس الفريق، صلاح منصور صالح، رئيس قسم بحوث كيمياء القطن وألياف النسيج بمعهد بحوث القطن.
حول الفريق المخلفات القطنية إلى منتج، سموه ’بودرة القطن‘، يمكن إدخاله في أكثر من عشر صناعات، منها صناعة الورق والمطاط والصناعات الدوائية والغذائية ومستحضرات التجميل.
”بواقي زراعة القطن، ليس لها استخدامات متعددة توظف، مثل قش الأرز الذي يمكن إدخاله في العلف“، ويخلف كل 200 ألف فدان، 500 ألف طن من البواقي الزراعية سنويًّا.
الأمر ذاته يحدث بمصانع الغزل والنسج، في أثناء عمليتي التمشيط والسحب؛ إذ تخلف كميات كبيرة من الألياف القصيرة في أثناء غزل القطن الطويل التيلة، يصعب على الماكينات تحويلها إلى خيوط.
يمثل الغزل والنسيج ثاني أكبر قطاع صناعي بمصر؛ فعدد شركاته العامة يبلغ 33 شركة، إضافة إلى 11 ألف منشأة خاصة.
”لذا يحقق المنتج قيمة اقتصادية وبيئية كبيرة، خاصةً وأنه يستورد“، وفق صالح.
’بودرة القطن‘ عبارة عن جزيئات السليلوز النانوية بعد تحويلها إلى مسحوق دقيق للغاية، عبر تقنيات سهلة وبسيطة، سُجِّلت في ديسمبر الماضي براءةَ اختراع في أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا بمصر.
يقول ’صالح‘ لشبكة SciDev.Net: ”وقعنا اتفاقية تعاون في يناير الماضي مع إحدى شركات المطاط، لتزويدها بثلاثة أطنان من المنتج“.
وعن عملية الإنتاج يوضح ’صالح‘ أنها تمر بعدة خطوات، تختلف وفقًا لمصدر الإنتاج إن كان بواقي زراعة القطن (الحطب) أم بواقي الصناعات النسيجية.
في الأولى يجري فصل السليلوز عن المكونات الأخرى بطرق كيميائية بسيطة، في حين تدخل الثانية في عملية الإنتاج مباشرة.
يشرح ’صالح‘ عملية التصنيع بعد الفصل قائلًا: ”يوضع السليلوز في محلول حمضي (كبريتيك) بتركيز 40%، وفي درجة حرارة 65 درجة مئوية، لمدة من 60 إلى 120 دقيقة، ليعمل على تكسير الروابط بين وحدات الجلوكوز المكونة له، بعد ذلك يجري فصل جزيئات السليلوز عن المحلول، ثم تؤخذ إلى جهاز الموجات فوق الصوتية، ومن خلال بعض الشروط مثل وقت التشغيل وكمية الطاقة، يتم التحكم في حجم الجزيئات“.
جدوى إنتاج بودرة القطن بطريقة الباحثين المصريين -وفقًا لدراسة أعدوها- ”تجعل سعر الطن نصف سعر نظيره المستورد“.
يعني هذا أن فكرة الإنتاج على نطاق تجاري قابلة للتطبيق، إذا توافر الدعم الكافي لها؛ فالمنتج يمثل قيمةً مضافةً كبيرة.
يُستخدم المنتج في صناعات الورق العادي والمقوى لزيادة المتانة بين ألياف الورق، وفي تحسين الخواص الميكانيكية للمواد البلاستيكية، وهو يدخل في الصناعات الغذائية (مواد بديلة للسكريات منخفضة السعرات- مواد مالئة– مكسبات طعم ورائحة)، وفي التطبيقات الخاصة بمعالجة الصرف الصحي والصناعي، وفي صناعة المناديل الورقية، ومكوِّنات الحواسيب.
أيضًا يُستخدم في الصناعات النسجية لتحسين الخواص، وفي الصناعات الطبية والدوائية ومستحضرات التجميل، إلى جانب العديد من الصناعات الأخرى الحديثة والصديقة للبيئة.
بيد أن أميرة الشافعي، رئيسة شعبة بحوث الصناعات النسجية بالمركز القومي للبحوث، تتساءل عن أسباب تركيز عملية الإنتاج على السليلوز القادم من حطب القطن.
تشير أميرة إلى مصادر عديدة للمادة من المخلفات الزراعية، مثل جريد النخيل وقش الأرز، وغيرهما الكثير.
وتستطرد: ”حصر الفكرة في حطب القطن، ربما يجعل إمكانية تطبيقها على نطاق تجاري واسع محدودة، لارتباطها بمادة خام واحدة فقط“.
عملت أميرة قبل مدة مع باحثة بالمركز على إنتاج (بودرة القطن)، والتي تسمى علميًّا ’سليلوز نانو ويسكر‘، وحققت نتائج إيجابية.
يرد صالح على تساؤلات أميرة بأن: ”التركيز على حطب القطن، وإن كنت مدفوعًا إليه بحكم التخصص في معهد بحوث القطن“.
ثمة مسوِّغ آخر، وهو ”ندرة استغلال الحطب، خلافًا لجريد النخيل الذي عملت عليه الباحثة، والذي يمكن أن يكون له تطبيقات مختلفة“.
ولكنه يشير إلى أن عملية استخراج السليلوز تختلف من مادة خام إلى أخرى، فإذا كان قد اهتم بمادة ’حطب القطن‘ لاستخراج السليلوز، فيمكن استخراجه من مواد أخرى باستخدام طرق مختلفة.
المصدر: scidev.net