كما نقوم باقتناء التحف والمجوهرات ونقوم بتخزينها في أكثر الأماكن أمانا، كذلك يمكننا أن نقوم بتخزين العادات الحسنة في نفوسنا. لقد قمت بتجربة شخصية في هذا المجال، وثبت لي من خلالها أن ذلك أمرا ممكنا ونافعا جدا.
فعندما كان أولادي صغاراً ، وبيتي صغيراً ، كان المكان – كالعادة – ساحة لمعركة مستمرة منذ الصباح الباكر وحتى وقت متأخر من الليل، أما الهدوء فلم يكن له أثر فيه .
ومع معارك الأولاد وضجيجهم كيف يتسنى للوالدين الخلود إلى الراحة ؟
ولا شك أن فقدان الهدوء مدعاة لتوتر الأعصاب، وحدوث المشاكل في البيت.
هكذا كان وضعي في صيف عام 1988م حينما فكرت للقيام بعملية ” تخزين الهدوء النفسي” وذات صباح خرجت من المنزل إلى أقرب حديقة، وجلست في زاوية هادئة بعيدة عن صخب الناس ، وبدأت القيام بالتجربة التالية :
في البداية قمت ببعض التمارين الرياضية البسيطة ، ثم القيت ببدني فوق كرسي خشبي كان هناك ، وأخذت أتنفس بهدوء وعمق ، ومع كل شهيق وزفير كنت أوحي إلى نفسي بالهدوء وأخذت أخزن منه ما استطيع في نفسي .
ولم تكن هذه العملية مجرد ايحاء ذاتي، بل شعرت فعلاً كأن الهدوء يتركز في جسمي ، كما يتركز الأوكسجين فيه .
وحينما قفلت راجعا كنت قد حملت معي إلى المنزل كمية لا بأس بها من راحة النفس ، حيث شحنت أعصابي لمواجهة صخب الأطفال ومشاكلهم ، وقد كنت بحالة أفضل بكثير من الأيام الماضية، وشعرت إنه بإمكاني أن أتحمل صخبهم ومشاكلهم بشكل أفضل من أي يوم أخر . كما شعرت بأنني أستطيع أن أزرع فيهم الهدوء أيضا.
كانت تلك تجربتي الأولى مع الهدوء ، ولكن أعقبتها تجارب نفسية أخرى لتخزين أمور روحية أخري ، وجاءت كلها بنتائج جيدة .
إنها فعلا تجربة رائدة وتستحق المبادرة .