أثبتت الصيدلانية المصرية “هناء أبو طالب” أن “من رحم المعاناة والحاجة يتولد الإبداع”, الصيدلانية الشابة توصلت إلى مبادرة إنسانية رائعة, حيث قامت بالتوصل إلى حل يسهم في إصلاح قطاع الدواء المتداعي؛ جراء جائحة تفشي كورونا, عبر تسهيل حصول قاطني القرى والمراكز النائية في صعيد مصر على نواقص الدواء.
هناء أبوطالب، صيدلانية شابة ألهمها عملها بصيدليتها الواقعة بإحدى قرى مركز الواسطة التابعة لمحافظة بني سويف، بصعيد مصر واحتكاكها باستشارات البسطاء واحتياجاتهم إلى تطوير تطبيقها الكتروني “هاتلاقي دواك Hatla2ee Dawak“. ليكون بمثابة همزة وصل بين الصيدليات والمرضى لمساعدتهم على توفير احتياجاته من الدواء وتقديم الاستشارات الطبية لهم عن بعد بما يتناسب مع التباعد الذي تفرضه الجائحة من جانب، ويساعد الصيدليات على تنويع مصادرها وتقليل نواقص الأدوية بها من جانب آخر.
تصف هناء المشهد لـDW عربية، بقولها “لم تكن أزمة كورونا عادية… حدث نقص رهيب في بعض أصناف الأدوية التي كانت تستخدم لتخفيف حدة الوباء مثل الفيتامين وبعض المضادات الحيوية”.
لم يكن مصابو الوباء يجدون الدواء بسهولة، وإذ وجدوه يتعرضون “للاستغلال المادي”، حينها أخذت هناء على عاتقها مسؤولية توفير تلك الأصناف الدوائية في صيدليتها لأهالي منطقتها. ساعدها في ذلك شبكة العلاقات التي كونتها مع مخازن ومصادر الأدوية طوال فترة عملها.
قضت هناء أبو طالب طفولتها في دولة الإمارات حيث يعمل والداها هناك، قبل أن تعود إلى مصر عام 2005 لتلتحق بكلية الصيدلة في جامعة بني سويف إلى أن تخرجت منها عام 2010، لكنها لم تحتك بسوق الدواء حتى بدأت إدارة صيدليتها عام 2012، حيث لم تكن هناك سيدة تقف في صيدلية بحكم التقاليد.
مساعدة المرضى والصيدليات
تقول هناء “وجدت أن هناك نقص في أدوية كثيرة… كما تنتشر السوق السوداء للدواء بشكل واسع، وهذا كان يزعجني للغاية” تقول هناء وتضيف “لهذا كنت أريد أن أتميز في صيدليتي، والمبيعات تكون من عندي، فكونت شبكة علاقات مع مخازن الأدوية، كما أنها جذبت أطباء للعمل في المدينة”، وساعدها في ذلك زوجها الصيدلاني أيضا وشقيقيها الأكبر الأستاذ في كلية الطب بجامعة بني سويف، وأختها الصغرى طبيبة المخ والأعصاب.
تضيف “أعيش في قرية فقيرة، وأدرك جيدا معاناة الناس في العثور على الأدوية، لذلك حاولت قدر الإمكان المساعدة في مواجهة الجائحة”.
ورغم ذلك شعرت الصيدلانية الشابة، بعبء أخلاقي مزدوج سواء تجاه أهالي مدينتها، فهي لن تستطيع أن تلبي جميع احتياجاتهم، أو تجاه زملائها أصحاب الصيدليات المجاورة الذين لا يعرفون جميع مصادر الدواء التي تعرفها.
حينها خطرت لها فكرة إنشاء منصة إلكترونية مجانية لا تقتصر على قريتها ولكن على مستوى مصر، لتكون “حلقة وصل بين الصيدليات والمريض لمساعدته في توفير احتياجاته من الدواء وتقديم الاستشارة الطبية، وفي الوقت نفسه تساعد الصيدليات على تنويع مصادرها وتقليل نواقص الأدوية”.
استعانت هناء بفريق من 5 أفراد مبرمجين ومصممين لمساعدتها في إنشاء التطبيق وتسجيله، بينما هي تكفلت بالمحتوى الذي ستقدمه حتى رأى التطبيق النور في أغسطس 2020 عبر أجهزة أندرويد.
هجوم من الصيادلة!
خاضت هناء مع فريقها نقاشا حول اختيار اسم التطبيق حتى استقرت على: هتلاقى دواك Hatla2ee Dawak“اعترض فريقي في البداية على الاسم، لكنني تمسكت به لأنه يعبر عن فكرة التطبيق، والاسم باللهجة المصرية سهل الحفظ ويجذب الجميع”.
تلقت هناء دعما كبيرًا من أسرتها وأصدقائها، وزوجها الذي كان متخوفا في بداية الأمر، فيما لم يتقبل الصيادلة الفكرة بسهولة “كنت متخلية أنهم سيقبلون على التطبيق، لكني فوجئت بهجوم كبير لاعتقادهم أن هدفي هو بيع الأدوية أونلاين. لكن ذلك محظور قانونيا ويتعارض مع هدفي في تقليل معاناة المرضى وخدمتهم مجانا، ولن أسمح بذلك عبر التطبيق”.
الحاجة لمزيد من الإصلاح
كسب التطبيق الثقة بسرعة، خاصة بعدما أضافت إليه هناء قاموسا لأصناف الدواء يضم 17 ألف صنف دوائي، “كانت مهمة شاقة استغرقت 6 أشهر فلا توجد مصادر واضحة لأصناف الدواء في مصر، لذلك عكفت على تجميعها من مصادر مختلفة وكذلك بدائلها وأسعارها”. بوجود القاموس زاد معدل تحميل التطبيق أكثر من 10 آلاف وانتشر في جميع المحافظات، وصعد إلى المرتبة الثامنة في تطبيقات الدواء الالكترونية في مصر.
وتقول هناء وهي تعمل أيضا كصيدلانية بمركز صحي حكومي في مدينتها، إنها تحاول المساعدة لتغيير الوضع من خلال فكرتها. إذ “هناك إجراءات جيدة للغاية اتخذتها الحكومة مؤخرا في ملف الصحة، لكن علينا أن نبدأ بأنفسنا”.