أجبرتها الظروف علي خوض عالم لم تكن تدرك مفاتيحه فهي سيدة بسيطة لم يكن لديها خبرات في الحياة إلا في تربية أولادها وعلي الرغم من ذلك استقطعت جزءاً كبيراً من وقتها لمساعدة زوجها واستكمال أطفالها تعليمهم.
إنها ليلي عبدالمنعم سيد 45 عاما والتي لم تدخل عالم الفخار مثل باقي أقرانها منذ نعومة أظافرها إنما أجبرتها متطلبات الحياة علي ذلك حيث احترفت العديد من المهن منذ صغرها فبدأت وهي بنت الـ18 عاماً بالعمل في مصنع نسيج ثم عملت مساعدة في صيدلية حتي تزوجت خليل إبراهيم الذي يعمل في الفخار ومن هنا بدأ احتكاكها بهذا المجال ولكن كمجرد متفرجة فقط فلم تفكر مطلقا في العمل فيه.
لم تنتبه لما يخفي لها القدر حيث لم يكن لديها أي اهتمامات غير تربية أولادها وهم «حسن 24 عاماً دبلوم صناعي وبيسان 22 سنة خريجة كلية التجارة ومحمد بالمرحلة الثانوية وأحمد بالمرحلة الابتدائية ولخبرة زوجها الكبيرة في هذا المجال كان يقبل عليه زبائن من كل مكان من أجل الحصول علي أعماله المتميزة حيث كان يمتلك ورشة صغيرة تشبه المصنع بمنطقة الفخار بمصر القديمة بها أفران تعمل بالكهرباء ولديه عمال لمساعدته والتي كانت بمثابة حماية وتأمين لمستقبل أولادها.
ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن عندما بدأت إجراءات هدم الورش والمصانع لتجديد المنطقة وإحلالها بمبان وإنشاءات حديثة هنا تبدلت حياة ليلي حيث اضطر زوجها خليل لبيع كل ما يمتلكه في منطقة الفخار والانتقال لمنطقة شق الثعبان عام 2005 وبدأت الخسارة تدخل حياتها بداية من الشروط الجزائية الملزم بها زوجها لتنفيذ طلبات الزبائن وعدم معرفتهم بكيفية الوصول إليهم لعدم ارتباط منطقة شق الثعبان بالفخار، وذلك طبقا لما ذكرته صحيفة روز اليوسف المصرية.
تعلمت ليلي صنع بعض المنتجات يدويا علي الشريحة كما أنها علي دراية كاملة بكيفية عجن الطين الأسواني مثلما تعجن العجين الدقيق ولكن يصعب عليها عجن بكميات كبيرة لما يتطلبه من مجهود كبير لتفريغ الهواء بين طيات العجين في حوض كبير كل ذلك تفعله ليلي دون تذمر أو عدم رضا حتي تجني ربحاً بسيطاً هي وزوجها يساعدهما علي استكمال تعليم أولادهما.
يوم ليلي طويل يبدأ من الساعة السادسة صباحا وقد يستمر إلي الساعة الواحدة صباحا لاستيفاء الكميات المتفق عليها تستقطع بعض اللحظات لإعداد الطعام لزوجها وأولادها وتعود مرة أخري بلا كلل إلي العمل لم تكن تفضل سابقا تعلم ابنتها بيسان أصول الفخار خوفا عليها من الإصابة بمرض الحساسية والتقصير في تعليمها ولكنها الآن تندم علي ذلك حتي تكون لديها مهنة ترتزق منها إذا ساءت الظروف وتكون سلاحها في مواجهة الحياة بجانب تعليمها.
أمنية ليلي الوحيدة العودة لمنطقة الفخار لما بها من ذكريات جميلة جمعت بينها وبين زوجها وأولادها رغبة في الاستقرار والبعد عن الاستغلال فهي تعتبرها موطنها الأم ولا تستطيع الابتعاد عنها.
أماني حسين