مراكز متخصصة لاكتشاف المواهب الأفريقية وتصديرها

أصبحت إفريقيا منجما لاكتشاف مواهب كرة القدم الفطرية، حيث باتت القارة السمراء مصدرة للاعبين إلى عشرات الأندية في أوروبا والعالم التي تستورد كل عام ما يقرب من‏3500‏ منهم‏20000‏ يشاركون في مسابقات الهواة،‏ وقد دفعت أندية الدول الخمس الكبرى في انجلترا واسبانيا وإيطاليا وألمانيا وفرنسا العام الماضي مليارين ونصف المليار من الجنيهات لشراء لاعبين أجانب‏ كان معظمهم من القارة السمراء،‏ لكن هناك مشاكل تواجه اللعبة في أفريقيا بسبب نزع مواهبها بإغراء الاحتراف‏.‏

المشكلة الحقيقية التي تواجهها الأندية الأفريقية صاحبة الفضل في ظهور هذه المواهب وتنميتها هي قلة العائد المادي للاعبين من صغار السن‏،‏ ويرجع السبب الرئيسي في ذلك الي غياب تشريعات وقوانين محلية تنظم عمليات بيع هذه المواهب‏،‏ ويزيد من تفاقم المشكلة أن الأسر الإفريقية الفقيرة لا تتواني عن بيع ابنها لسمسار أو وكيل لاعبين أو حتي لناد أجنبي مقابل ألفين أو ثلاثة آلاف يورو أملا في تحقيق الوعود بتحويل الشبل إلى نجم كبير تنهال عليه الملايين من كل جانب‏.‏

ويعرب “مصطفي قمر” –  الخبير الكروي السنغالي – عن أسفه الشددي لضعف المقابل المادي الذي تحصل عليه الأندية السنغالية من بيع المواهب الصغيرة مشيرا إلى أنه علي سبيل المثال فإن أكبر ناديين في السنغال وهما “جان دارك” و”دياراف” يعانيان من عجز في موازنتيهما برغم أن كلا منهما يبيع منذ‏10‏ أعوام وبصفة دائمة ما بين‏6‏ و‏7‏ لاعبين إلى أندية أوروبية‏.‏

وقامت وزارة الشباب والرياضة بالسنغال بتكليف “مصطفي قمر” بإعداد إطار قانوني قادر علي حل مشكلة عملية تصدير المواهب السنغالية الشابة إلى البطولات الأوروبية بحفنة من الدولارات ليحقق من ورائها الوسيط أو النادي ملايين الدولارات‏.

ويؤكد “قمر” أن القوانين الحالية حددت مبلغا لا يزيد على‏30‏ ألف يورو علي سبيل التعويض للاعب السنغالي الموهوب الذي يقل عمره عن‏ 23‏ عاما وهو مبلغ رقم قلته إلا أنه يثير لعاب بعض الأندية السنغالية الفقيرة التي تتراوح ميزانياتها السنوية ما بين‏40‏ ألفا و‏80‏ الف يورو‏.‏

من ناحيته ، يكشف الأيطالي “رافائيل بولي” في دراسته عن أن بعض الأندية الأوروبية أصبحت تتحاشي التفاوض المباشر مع الأندية الإفريقية مفضلة الوسطاء حتي لا تطالب في المستقبل بتعويضات كبيرة لو تألق الشاب الأفريقي في صفوفها وتحول إلى نجم من عيار “ايتو” و”دروجبا” و”إيسيان”.

وتكشف الدراسة عن أن نادي “ميتز” الفرنسي علي سبيل المثال تعاقد مع الوسيط السنغالي “مهدي توري” فيما تعاقد نادي “سيدان” الفرنسي مع الإيفواري “ستيفان كوربيس‏”، وقامت الأندية الإنجليزية بتقليد الأندية الفرنسية فتعاقد نادي “مانشيستر يونايتد” مع وكيل اللاعب “توم فيرنون” الذي يمتلك مدرسة لتنمية مواهب اللاعبين المتميزين في غانا تحت شعار‏ “رايت تو دريم”‏ أو من حققك أن تحلم‏.‏

وشجعت المكاسب الهائلة التي يحققها من يعملون في مجال اكتشاف المواهب الأفريقية بعض اللاعبين الدوليين القدامي لفتح مدارس لاكتشاف المواهب وتنميتها في بعض الدول الافريقية‏، حيث‏ قام اللأعب الفرنسي الدولي السابق “جون ـ مارك جيو” بفتح خمسة مراكز لاكتشاف المواهب الإفريقية في مصر ومدعشقر ومالي والجزائر وغانا‏.‏

ويكشف “جون ـ مارك جيو” عن أن تكلفة مركز التدريب في دولة إفريقية لا يزيد على ‏5‏ ملايين يورو في فترة تمتد خلال‏10‏ سنوات يتم خلالها استعادة المبلغ وتحقيق أرباح معقولة وربما فلكية لو كان النجم من النجوم السوبر في الوقت الذي يتكلف فيه المركز في فرنسا‏ 4‏ ملايين يورو في العام الواحد أي‏ 40‏ مليون يورو في عشرة اعوام‏.‏

وأدي نجاح العديد من اللأعبين الأفارقة في البطولات الأوروبية خاصة دروجبا الذي أصبح أحد أعمدة نادي “تشيلسي” الإنجليزي الرئيسية وايتو في “برشلونة” الأسباني إلى تشجيع المهارات الأفريقية علي الهجرة في أعمار مبكرة لا تزيد على 18‏ عاما خاصة وأن القوانين الأفريقية لاتزال عاجزة عن حماية حقوق الأندية التي ترعرع فيها اللاعب المتميز الذي أصبح عملة نادرة الأن في العالم بعد أن أصبحت الكرة قوة وصحة وإلتزام وعلم ودراسة إلي جانب المهارة الفطرية‏، فلاعب مثل الغاني “مايكل إيسيان” انتقل وهو ابن‏ 18‏ ربيعا من نادي “ليبرتي اكرا” الغاني إلى نادي “باستيا” الفرنسي بدون مقابل ليبيعه “باستيا”
بعد ثلاث سنوات إلى نادي “ليون” الفرنسي بنحو‏11‏ مليونا و‏750‏ الف يورو ليعيد من جانبه نادي “ليون” بيعه إلى “تشيلسي” في العام‏2005‏ بــ‏38‏ مليون يورو ليصبح “إيسيان” أغلى لاعب إفريقي في الوقت الحاضر،.‏ ولكن كم هو نصيب نادي ليبرتي اكرا من هذه الملايين؟ الاجابة هي صفر‏.‏

وحتى لو كان هناك بعض الاهتمام بهذه المواهب يبقى السؤال : هل كل لاعب أظهر قدرا من الموهبة في المرحلة السنية المبكرة يمكن ان يتحول إلى نجم ساطع في عالم كرة القدم عند مرحلة النضج الكروي؟ الجواب هو لا، ‏ حيث تؤكد الدراسات أن من بين كل‏100‏ شبل موهوب ينبغ منهم اثنان علي أكثر تقدير في أفضل الحالات‏،‏ وفي معظم الحالات لا يزيد عدد الموهوبين منهم علي نجم واحد وربما شبه نجم و لهذا أرتفعت أسعار النجوم السوبر إلى أسعار فلكية بسبب عشق العالم للساحرة المستديرة التي تحولت لصناعة تدر المليارات‏.

Exit mobile version