مفيدة عبد الرحمن : تعتبر المحامية المصرية (توحيدة عبد الرحمن), بحق سيدة فوق العادة، حيث سجل التاريخ اسمها بحروف من نور، وقد سجلت مفيدة اسمها في سجلات التاريخ بكونها من أوائل من عملن فى مهنة المحاماة في مصر والعالم العربي، واستطاعت أن تنال إعجاب وتقدير كل من يعرفها لنبوغها وصدقها وإخلاصها في عملها.
والدها هو الأستاذ عبد الرحمن محمد مصطفى أفندي، الذي كان يعمل موظفا في مصلحة المساحة، وكان يمتلك موهبة الخط الجميل، وكتب المصحف الشريف بيده بالرسم المغربي مرة كما نسخه بالرسم العثماني 18 مرة، وكان يسكن في حي الدرب الأحمر أحد أحياء مصر العتيقـــــة والأصيلـــة، وأنشأ مطبعة خصصها لطباعة المصحف الشريف ونشره، كما كان رجلا متفتحا سابقا لعصره، ولذلك فقد حرص على أن يعلم أبناءه وبناته تعليما راقيا بمصر والخارج، ولذلك اتخذوه مثلا أعلى في التفوق والكفاح والإبداع.
ستطاعت مفيدة أن تمارس المحاماة بتميز ونبوغ، وتألق اسمها وذاع صيتها وترافعت في مئات القضايا التي شغل بعضها الرأي العام لسنوات طويلة، كما كانت برلمانية ذات دور سياسي معروف.
وتم زواج مفيدة عبد الرحمن قبل حصولها على البكالوريا، وبعد حصولها عليها أرادت أن تلتحق بكلية الحقوق، ولكن لأن دخول الجامعة كان محظورا على المتزوجات في ذلك الوقت، فرفض عميد كلية الحقوق السماح لها بدخول الكلية بعد علمه أنها متزوجة، وتوسط لها الكثيرون لدى إدارة الجامعة التي اشترطت موافقة زوجها لقبولها بالجامعة، خاصة وأنها كانت زوجة وأم لطفل صغير، وبالفعل التحقت مفيدة عبد الرحمن بكلية الحقوق بجامعة فؤاد الأول، وكان هذا حدثا شغل الرأي العام وقتها، حيث كانت أول زوجة وأم تلتحق بالجامعة، والطريف أنها تخرجت في الجامعة بعدما رزقت بأربعة أطفال آخرين.
ولدت مفيدة عبد الرحمن في يوم 19 يناير 1914، وتوفيت في يوم 3 سبتمبر 2002، وهي تعد واحدة من أوائل المحاميات الرائدات العرب، وقيل إنها كانت أول محامية تقيد للترافع أمام محاكم النقض، كما كانت أول محامية عربية تترافع أمام المحاكم العسكرية، وترافعت في مئات القضايا التي شغلت الرأي العام، كما عملت مع هيئة الأمم المتحدة، وكانت عضوا في مجلس الشعب خلال الفترة من سنة 1960 إلى سنة 1976، بالإضافة إلى أنها شغلت منصب عضو مجلس إدارة بنك كبير.
ورغم ما وصلت إليه المحامية مفيدة عبد الرحمن من مكانة رفيعة وشهرة كبيرة إلا أنها كانت دوما حريصة على التأكيد على إيمانها بأن البيت والأسرة عندها كانا يأتيان دوما في المقام الأول ثم يأتي العمل في المرتبة الثانية، وأن لهما الحق الأول لديها دوما مهما كانت الظروف والأحوال، وكانت ترفع شعار “أنا مع تحرير المرأة وضد تحررها”، وكانت دوما تباهي بأنها تعد لزوجها ملابسه وتمسح له الحذاء بنفسها، حتى وهي محامية وبرلمانية كبيرة.