الصدفة لا تلعب دورها فى الاكتشافات الأثرية فقط لكن لعبت دوراً كبيراً فى اكتشاف العديد من العلاجات الطبية الحديثة، وحلت العديد من مشاكل المرضى. وفى هذا السياق سوف نستعرض أهم الاكتشافات العلمية التى غيرت التاريخ الطبى عن طريق الصدفة، وتشمل:
البنسيلين
فى عام 1928 لاحظ أليكسندر فيلينغ، أستاذ علم البكتيريا، بداية تشكل العفن على صفحات بترى المكون من مستعمرات من بكتيريا المكورات العنقودية، وبينما كان يبحث عن المستعمرات التى يمكن إنقاذها من هذه المصابة بالعفن، لاحظ شيئاً مثيراً، لم تكن البكتيريا تنمو حول العفن، وتبين فعليا أن العفن هو سلالة نادرة من البنسلين المُعَيَّنَة التى أخفت مكونا يثبط نمو البكتيريا. وتم تقديم البنسلين فى الأربعينيات، والذى أدى لافتتاح حقبة المضادات الحيوية.
جهاز تنظيم ضربات القلب
فى عام 1956 كان يصمم ويلسون غريتباتش جهاز تسجيل إيقاع ضربات القلب. أخذ صندوقا مقاوما ليكمل دورة كهربائية، لكنه سحب القطعة الخطأ، حيث لم تكن بالحجم الصحيح.
وضع المقاوم غير الملائم ولاحظ أن الدورة بدأت ببعث نبضات كهربائية، مما جعله يفكر بتسجيل وقت ضربات القلب.
كان جريتباتش يفكر فى السابق أن المحاكاة الكهربائية قد تتمكن من تحفيز الدائرة الكهربائية فى القلق إذا كان هناك نوع من الانفصال هناك. جعله هذا الجهاز الجديد يفكر بإمكانية صناعة نسخة صغيرة بما يكفى لتقدم هذا التحفيز. بدأ بتصغير الجهاز، وفى 5 مايو من عام 1958 تمت زراعة نسخة من هذا الجهاز بشكل ناجح فى كلب.
مادة فى الديناميت تعالج الضعف الجنسى
مادة النيتروجليسرين استخدمت بشكل أساسى فى تصنيع الديناميت – الذى اخترعه العالم السويدى ألفريد نوبل عام 1863 – وبعد سنوات قليلة اكتشف العلماء بعض التطبيقات الطبية للنيتروجليسرين، منها أنها تساهم فى علاج النوبات الحادة من الذبحة الصدرية ووقاية المصابين بأمراض الشرايين التاجية من الإصابة بالنوبات المفاجئة، بجانب أنها تعمل على توسيع الأوعية الدموية، وإيصال المزيد من الدم المحمل بالأكسجين للقلب.
وتساهم مادة النيتروجليسرين فى إطلاق أكسيد النيتريك، الذى يعمل على توسيع الأوعية الدموية الدقيقة داخل العضو الذكرى، ويزيد تدفق الدم ويقوى الانتصاب.
الإنسولين
كان الاكتشاف الذى مكن الباحثين لاحقاً من إيجاد الإنسولين محض صدفة. فى عام 1889 كان طبيبان من جامعة ستراسبورغ، وهما أوسكار مينكوسكى وجوزيف فون ميرين، يحاولان فهم مشاكل البنكرياس المتعلقة بالهضم، لذا قاما بإزالة العضو من كلب طبيعى، وبعد أيام قليلة لاحظا أن الذباب كان يحلق مزدحما حول بول الكلب، وهو أمر غريب وغير متوقع. قاما باختبار البول ووجدا بعض السكر فيه. أدركوا أنه عبر إزالة البنكرياس أصيب الكلب بالسكرى.
لم يلحظ الاثنان نهائيا أن وظيفة البنكرياس هى تنظيم سكر الدم، لكن خلال سلسلة من التجارب التى حدثت بين عامى 1920 و1922 تمكن باحثون من جامعة تورنتو من عزل إفراز البنكرياس الذى دعوه بالإنسولين. حاز فريقهم على جائزة نوبل، وخلال ذلك العام كانت شركة الأدوية “إلى ليلى” تصنع وتبيع الإنسولين.
الفازلين
فى عام 1859 حقق العالم الكيمائى روبرت تشيزبروغ ببئر نفط فى بنسلفانيا عندما سمع بإشاعة غريبة بين عمال آلات النفط، وهى أن هناك مادة هلامية تعرف بـ”شمع القضيب” بدأت تبرز باستمرار على الآلات وتسببت بتعطيلها، لكن كان للمادة جانب إيجابى أيضا، حيث لاحظ تشيزبروج أن العمال استخدموا شمع القضيب لتسكين الجراح والحروقات على بشرتهم، وأخذ بعضا منها للمنزل لتجربتها. وتحول “شمع القضيب” إلى منتج بات يعرف اليوم بالهلام البترولى، أو الـ”فازلين”.