مهارات التدريب الذهني

يؤكد عالم النفس الفرنسي إميل كواي ان السبب الرئيسي الذي يمنع اغلب الناس من استغلال طاقاتهم الداخلية هوالجهد، ويقول: ” إذا اردت ان تكون إيحائاتك فعالة فيجب أن تقوم بها بدون عناء”

وتتلخص طريقة التدريب الذهني فيما يلي:
– استرخاء الجسم والذهن: بعد تحديد العيب الذي تريد إصلاحه ( مثل : نقص الثقة بالنفس) اختر مكاناً هادئاً لايزعجك فيه أحد وأجلس فيه أو تمدد في وضع مريح,ثم قم ببعض التنفسات البطنية العميقة ولاتفكر في أي شيء.
– التصورات البناءة: عندما تشعر أنك مسترخ تماما,أبدأ بتخيل الصورة التي تتمنى أن تبدو فيها,بكل جزيئاتها.
– الايحاء الذاتي: بعد ذلك,وأنت مازلت محتفظاً بهذه الصورة في مخيلتك,ردد بصوت هادىء ومنخفض جملة إيجابية مثل :” كل يوم أتكلم بهدوء وراحة أكثر فأكثر”.

ابدأ إذاً بالاسترخاء لمهارات التدريب الذهني

هذه هي المرحلة الأولى في التدريب الذهني,ويتم القيام بها حسب الخطوات التالية:
– اختر المكان : من الضروري جداً ألا يزعجك أحد خلال تمارينك الذهنية. اختر إذاً مكاناً هادئاً ومظلماً نوعا ما، وارفع سماعة الهاتف حتى لايخرجك صوت الجرس من استرخائك، البس ثياباً واسعة لجسمك بالتنفس بحرية، وأحضر بجانبك غطاء لاستعماله في حالة الشعور بالبرد.
– اختر الوقت: إذا كنت ترغب في الحصول على نتائج سريعة، فيجب القيام بحصة كل يوم مباشرة قبل النوم، بحيث بعد انتهائك من حصتك التي تستغرق حوالي 15 دقيقة,تغلق عينيك للنوم على صورة الشخص الجديد الذي ترغب أن تكونه,وتفسح بالتالي المجال لجهازك الداخلي لكي يعمل طوال فترة نومك على قبول هذه الصورة.
– اختر الكيفية: تمدد على ظهرك، مدد يديك ورجليك طوال جسمك، وباعد بين قدميك بحوالي 20 أو 30 سم. ابحث عن الوضعية الأكثر راحة لك,لأنك يجب ان تمتنع عن الحركة طوال الحصة.أدر قدميك الى الداخل والخارج، ثم اتركهما يسقطان بهدؤء الى الخارج. افعل مثل ذلك بيديك. أدر رأسك يميناً وشمالاً,ثم ضعه في الوسط.أرخ عضلات فكيك وأغمض عينيك.

– تنفس بعمق: ابدأ بالقيام ببعض التنفسات البطنية العميقة، وركز اهتمامك على حركات بطنك.لاتفكر في أي شيء عدا تنفسك.انس كل ما يحيط بك وكل مشاغلك، وحاول ان تصنع الفراغ في ذهنك.انتقل الآن الى المرحلة الثانية.

التصورات البناءة هي فن استعمال الصور الذهنية لتخيل الحالة الجديدة التي تود أن تنتقل إليها,بكل جزيئاتها.بعد الاسترخاء إذاً,تصور نفسك في الدور الجديد وتخيل كل جزيئاتها المكونة لهذا الدور. يجب ان تتراءى لك الصورة بكل وضوح ودقة، كما لو كانت حقيقة. حاول إذاً أن تتخيل المشهد بكل تفاصيله.

لنأخذ مثالاً على ذلك: لنفرض انك ترغب بشدة أن تصبح خطيبا فصيحا وتتكلم أمام أية مجموعة من الناس براحة وثقة,تخيل إذاً قاعة محاضرات كبيرة أين ستلقي خطبة أمام حوالي 500 شخص، تصور كل الجزئيات: زينة القاعة، تنظيم الكراسي، المنصة المعدة لذلك، الميكروفون، السبورة…إلخ.
ثم تخيل الحاضرين جالسين أمامك ينصتون إليك بانتباه، وأنت تتكلم بكل راحة وهدوء وتجيب على كل الأسئلة المطروحة,ثم تتقبل عبارات الرضى والاستحسان من الجميع. حاول أن تصغي جيداً لهذه العبارات، ودقق في الجزئيات.كلما اكثرت من التفاصيل كلما رسخت هذه الصورة في باطنك وانعكست إيجابياً في حياتك.

أبق هذه الصورة لبضع لحظات في ذهنك، وستندهش بعد بضعة أسابيع من التمارين عندما تلاحظ أنها بدأت تتحقق فعلاً في حياتك.

أكثر من التفاصيل

لتسهيل عملية التصور,تخيل أنك أمام شاشة تلفزيون أوسينما,تشاهد فيلما عن نفسك.ولكي تنعكس هذه الصورة أكثر مايمكن في واقعك,تخيل بدقثة كل التفاصيل التي يمكن أن توجد: الأشياء,الألوان,الأصوات…إلخ.فهذه التفاصيل هي التي ستدعم وترسخ في ذاكرتك صورة الشخص الجديد الذي تريد أن تكونه.

أدخل الحركة على صورك

إذا ركزت انتباهك على صورة ذهنية ثابتة,فإنها تختفي بسرعة.أما إذا أدخلت عليها الحركة,فإنها تبدو واضحة ومستقرة.إذاً,حرك صورك.تخيل نفسك تتكلم,تتحرك وتجيب على أسئلة الحاضرين.

لا تجهد نفسك

من الضروري أن يتم التصور بدون عناء,لأنك إذا صرفت طاقة كبيرة في التصور فإنك تخرج من استرخائك ولا تحصل على نتائج طيبة.حاول إذاً ألا تقاوم الشكوك والأفكار المعارضة التي يمكن أن تظهر لك خلال تمارينك الذهنية.اتركها تمر، ثم عد الى صورتك.انتقل الان الى المرحلة الثالثة والأخيرة.

الإيحاء الذاتي هو صياغة مجموعة جمل تقريرية، منشطة وإيجابية,ثم ترديدها باستمرار على جهازنا الداخلي حتى يقبلها على أنها صحيحة ويبدأ في العمل بها.واستعمال الإيحاء الذاتي يمكننا من استبدال عقدنا الباطنية بمعان إيجابية.بضع دقائق يومية من الجمل الإيجابية تكفي بالفعل لتغيير سنوات من العيوب والمركبات.

كيف يطبق؟

لكي يلعب الإيحاء الذاتي دوره يجب على القوى الواعية (العزيمة والتحليل والمنطق) أن تغيب لبعض الوقت عن الساحة، لتترك المجال للجهاز الداخلي أن يعمل. الشرط الأول إذاً هو أن تسترخي تمام (المرحلة الأولى)، ثم تتصور الشخص الذي تريد أن تكونه (المرحلة الثانية).بعد ذلك، والصورة الجديدة مازالت في ذهنك,تبدأ في ترديد جملة إيجابية عدة مرات وبصوت منخفض (المرحلة الثالثة).

جملة الإيحاء يمكن أن تكون أي تقرير إيجابي,مثل:” كل يوم اعبر عن آرائي براحة وثقة أكبر” أو “كل يوم تتحسن ذاكرتي أكثر فأكثر”. وطبعا كلما كانت الكلمات والمعاني إيجابية وفعالة وكنت مقتنعا بما ترددد كلما انعكست هذه المعاني في حياتك.

لكن لماذا الاسترخاء؟

من الضروري الاسترخاء تماماً عند القيام بالتدريب الذهني.عندما يكون جسمك وذهنك في حالة استرخاء فإن الموجات الموجودة في الدماغ تتباطأ وتصبح أنت قريبا من جهازك الداخلي للحوار معه.هذا المستوى العميق يسمى “مستوى ألفاً”، بينما يسمى مستوى اليقظة “مستوى بيتا”.

يقول الطبيب الجراح مكسوال مالتز :”اعتقادتنا الحالية,سواء كانت إيجابية ام سلبية,صحيحة أم خاطئة,تكونت بدون جهد,بدون ضغط وبدون تدخل العزيمة.وعاداتنا,حسنة أم سيئة,تكونت أيضاً بنفس الطريقة.يجب إذاً أن نستعمل نفس هذا الأسلوب لترسيخ عادات جديدة,أي في حالة استرخاء”.

أما الدكتور نايت دينلاب الذي قام بحوث في التربية فيجزم بدوره بأن :”بذل الجهد لتغيير عادة سيئة لايزيدها إلا رسوخاً”.وقد أثبتت تجاربه ان أفضل وسيلة لهذا التغيير هي تكوين صورة ذهنية واضحة للنتيجة فيها,والعمل بدون جهد للوصول إليها.

كيف تصوغ إيحاءاتك؟

هذه بعض القواعد الأساسية لحسن صياغة الإيحاء:
– يجب أن يكون الإيحاء إثباتاً قصيراً ووا ضحاً,مصحوباً بشعور قوي.
– يمكنك استعمال جمل جاهزة,لكن الأفضل أن تصوغ كلماتك بنفسك.
– صغ إيحاءاتك دائماً في الحاضر لا في المستقبل لأنه من الضروري اعتبار أن محتواها موجود فعلاً.لاتقل مثلاً :”ستصبح ثقتي بنفسي كبيرة” وإنما قل :”كل يوم أتخاطب مع الاخرين أحسن فأحسن”.
– لكي لاتصدم تحليلك المنطقي,يجب أن يكون الإيحاء تدريجياً,فعندما تقول مثلاً :”استطيع أن أتغلب على خجلي في أقل من يوم” فستدخل في صراع مع نفسك لأنك موقن بأن هذا الأمر مستحيل. يجب أن تقول إذاً :”كل يوم تزداد ثقتي بنفسي أكثر فأكثر”.
– صغ إيحاءاتك دائماً بأكثر مايمكن من اليقين وردد ماتريد تحقيقه وليس مالاتريد.لاتقل مثلاً:”لاأحب ان أكون خجولاً” فهذه الجملة لها معنى سلبيز.إنما قل :”كل يوماتحدث بوضوح وثقة” وبهذا تكون متأكدا من تحقيق الصورة الأكثر إيجابية.
– كن قطعيا.فجملة مثل:”أظن أن ثقتي بنفسي ستزداد”,معناها سلبي.
– لاتطلب عدة أشياء مرة واحدة عندما تقول :”ثقتي بنفسي قوية,وذاكرتي تتحسن أكثر فأكثر ومعدتي في صحة جيدة” فلن تحصل على أية نتيجة.
– الإيحاء يجب أن يردد بلهجة واثقة.إذا كان الصوت مظصرباً وشاكا فإن البلاغ المرسل الى الجهاز الداخلي يكون مبهماً ويوشك ألا يعطي أية نتيجة.
حاول إذاً أن تعتقد يقينا أن إيحاءك سيكون لها الأثر الفعال في حياتك.اترك جانبا ولو لبضع دقائق شكوكك ومخاوفك وامنح لإيحائك كل طاقاتك الذهنية ومشاعرك.

عامر العفاس

Exit mobile version