نوع جديد من الطلاء يتميز بقدرته على الالتئام في غضون ثوان بعد حدوث خدوش في الهيكل المعدن

قد يصعب تصديق أن عيوباً متناهية الصغر تؤدي إلى انهيار منشآت معدنية ضخمة، إلا أن ذلك حقيقي فعلاً! ؛ ففي بعض الحيان قد تنهار الجسور المعدنية، أو تتضرر خطوط الأنابيب، وربما تنفصل أجزاء من جسم طائرة ما بسبب وجود صدأ أو تآكل يصعب اكتشافه في الخدوش الدقيقة.
قام فريق من جامعة نورث وسترن (Northwestern University) في الولايات المتحدة بابتكار نوع جديد من الطلاء الخاص للمعادن، يتميز بقدرته على الإلتئام في غضون ثوان بعد حدوث خدوش في الهيكل المعدن، مما يساهم في الحيلولة دون نشوء تآكل للمعدن في تلك العيوب الصغيرة، والتي تؤدي بدورها إلى انهيار الهيكل المعدني كاملاً.
يقول (Jiaxing Huang) الأستاذ المشارك في قسم علوم وهندسة المواد، وقائد فريق البحث:
“إن التآكل الحاصل في العيوب الصغيرة في المعدن خطير للغاية، حيث أنه يصعب التنبؤ به، ويصعب اكتشافه، كما يصعب علاجه أيضاً، ويؤدي إلى نتائج كارثية”
حينما يحدث خدش في المعدن، يتدفق الطلاء بسرعة إلى الخدش ويلتئم جانبيه معاً مشكلاً جسراً ليعيد سطح المعدن إلى وضعه السابق، وذلك كله في ثوان وأنت تشاهده !
(مرفق فيديو في التعليقات لتوضيح العملية)
وقد أثبتت هذه المادة قدرتها على الإلتئام 200 مرة متتالية حتى وإن حدث الخدش في نفس النقطة بالضبط. وهي –لحد الآن- تفيد في علاج الخدوش بقياس نانومتر إلى ميكرومتر، علماً بأن النانومتر هو جزء من مليار من جزء من المتر، والميكرومتر هو جزء من مليون جزء من المتر. ويجري العمل على تطوير المادة لتكون قادرة على ملء خدوش بقياس مليمتر.
وفي سياق شرح مبدأ عمل هذه المادة يقول (Huang):

“حينما يبحر القارب مخترقاً لسطح الماء، يؤدي إلى تكوين شقين من الماء يظهران بشكل موجتين خلف القارب، إلا أنه سرعان ما تتحد الموجتان في موجة واحدة نظراُ إلى سرعة المياه الناتجة عن عبور القارب فيها، ومن هذه الظاهرة استوحينا فكرة الطلاء الجديد، وأدركنا أن السوائل وخصوصاً الزيوت هي المادة الأمثل لهكذا استخدام”، لكنه أشار إلى أن “الزيوت تتدفق بسرعة كبيرة في حال تم تطبيق مبدأ القارب عليها” ومن هنا ظهرت الحاجة إلى تطوير سائل ذو خصائص قد تبدو متناقضة؛ حيث ينبغي أن يكون مائعاً بما يكفي ليتدفق بشكل تلقائي لسد الخدش، وفي نفس الوقت لا يفترض أن يكون شديد الميوعة بحيث لا يثبت على سطح المعدن، وهذا مقارب لما يسميه العلماء بحالة “الميوعة الفائقة” (Superfluid)، حيث تنعدم المقاومة الميكانيكية في السائل أو يزول الاحتكاك الداخلي، مما يؤدي إلى انعدام لزوجة السائل وبالتالي سيلانه بشكل غير منتهي، وهذا لا يحدث إلا في مواد معينة فقط، وهي قليلة.
واجه الفريق تحدياً يتمثل بإنشاء شبكة من الجسيمات الخفيفة بغرض زيادة كثافة الزيت لمنعه من السيلان عن سطح المعدن، وحينما تتضرر هذه الشبكة نتيجة حدوث خدش ما يتدفق الزيت لإصلاحها وتوصيلها مرة أخرى، وقد استخدموا في هذه العملية مادة الجرافين، إلا أن (Huang) يشير إلى إمكانية استخدام أي جسيمات خفيفة الوزن. ويؤكد أن هذا الطلاء لا يلتصق بالمعدن بشكل عادي فقط، بل إنه شديد الإلتصاق تحت الماء، ولا يتأثر بالرطوبة أيضاً، ويستطيع التحمل حتى في الظروف الكيمائية القاسية مثل التعرض للأحماض، ويتصور (Huang) أنه من الممكن طلاء الجسور المعدنية وقواعدها المغمورة في المياه بهذه المادة، وكذلك القوارب.

 

 

Exit mobile version