كان طبيباً ذكياً عالماً بصيراً بالعلاج صانعاً بيده، وكان في صدر دولة عبد الرحمن الناصر لدين اللّه، واستوزره وولي الولايات والعمالات، وكان قائد بطليوس زماناً، وكان له من أمير المؤمنين الناصر محل كبير، كان ينزله منزلة الثقة ويتطلع على الكرائم والخدم.
كان يحيى بن اسحاق قد أسلم، وأما أبوه إسحاق فكان نصرانياً، ولد عام 1187م، قال عنه ابن جلجل إنه كان عنده غلام للحاجب موسى أو للوزير عبد الملك قال، قال بعثني إليه مولاي بكتاب، فأنا قاعد عند داره بباب الجوز إذ أقبل رجل بدوي على حمار وهو يصيح، فأقبل حتى وقف بباب الدار، فجعل يتضرع ويقول أدركوني وتكلموا إلى الوزير بخبري، إذ خرج إلى صراخ الرجل ومعه جواب كتابه، فقال للرجل ما بالك يا هذا؟ فقال له أيها الوزير ورم في إحليلي منعني البول منذ أيام كثيرة وأنا في الموت، فقال له اكشف عنه، قال فكشف عنه فإذا هو وارم، فقال لرجل كان أقبل مع العليل اطلب لي حجراً أملس، فطلبه فوجده وأتاه به، فقال ضعه في كفك وضع عليه الإحليل، قال، فقال المخبر لي فلما تمكن إحليل الرجل من الحجر جمع الوزير يده وضرب على الإحليل ضربة غشي على الرجل منها، ثم اندفع الصديد يجري فما استوفى الرجل جري صديد الورم حتى فتح عينيه ثم بال البول في أثر ذلك، فقال له اذهب فقد برئت من علتك، وأنت رجل عائث واقعت بهيمة في دبرها فصادفت شعيرة من علفها لحجت في عين الإحليل، فورم لها وقد خرجت في الصديد، فقال له الرجل قد فعلت هذا، وأقر بذلك، وهذا يدل على حدس صحيح وقريحة صادقة حسناء.
ألف ابن اسحاق كتاباً في الطب يشتمل على خمسة أسفار ذهب فيها مذهب الروم، وتوفي يحيى في عام 1203م.
المرجع: عيون الأنباء في طبقات الأطباء