ما يقرب من أربعين عاما وفكرة هذا الحلم تختمر في عقله، تنمو مع نمو خبرته، في عالم صناعة سيارات، والمركبات التي تعمل بالطاقة البشرية، والسيارات الشمسية، والدراجات ثنائية وثلاثية العجلات، حتى اختمرت الفكرة، ووجد أن الظروف مهيأة لاستقبالها مجسدة على أرض الواقع، ثلاثية الأبعاد، تسعى في دنيا الناس، مركبة تجمع بين كل تلك المزايا والسمات، فكانت سيارة إلف ELF وشركة أورجانيك ترانزيت Organic Transit التي تقوم على إنتاجها منذ عام 2013 .. إنه المهندس المبتكر ورجل الأعمال روب كوتر Rob Cotter .
بدأ روب كوتر عمله في السبعينيات من القرن العشرين في شركات تصنيع سيارات السباق من ماركات بورش وبي إم دبليو في كاليفورنيا وهو العمل الذي كان يشعره بخيبة أمل إلى حد ما، خاصة وأنه شاهد على مقربة من مقر عمله تجارب الدكتور بول ماكريدي Paul MacCready في تصنيع الطائرة التي تدار بقوة التبديل pedal power والتي أطلق عليها اسم جوسامر كوندور Gossamer Condor . وهي التجربة التي جعلت روب مفتوناً بتلك التكنولوجيا ومن ثم بنى محرك دراجة ثلاثية العجلات تعمل بقدرة 60 ميل في الساعة، وفي مرحلة لاحقة أصبحت سباقات الطريق السريع بالمركبات المزودة بمحركات كسور قوة الحصان Fractional-horsepower motors هاجسًا لدى روب، كما أصبح روب نائب رئيس الجمعية الدولية للمركبات التي تعمل بالطاقة البشرية.
وأدار أول سباق للسيارات الشمسية في الولايات المتحدة عام 1988 بدعم من جنرال إل كتر يك وشركة دوبونت، كما قام ببناء أو ساهم في العديد من المركبات المبتكرة. ثم عمل لاحقا مع أنيتا روديك، الرئيس التنفيذي ل The Body Shop لإطلاق حملات لحماية البيئة وحقوق الإنسان. وبعد العمل استشاريا تقنيا لبرنامج مشاركة الدراجات في مدينة نيويورك، أصبح من الواضح لديه وجود سوق قابلة للحياة لمركبة فائقة ال كفاءة، مركبة تجمع بين مزايا الدراجة الهوائية والسيارة، وكان ذلك بداية ELF.
مركبات ELF هي دراجات ثلاثية العجلات مبنية بإطار من الألمنيوم المعاد تدويره بنسبة 45 بالمائة ومجهزة بقاعدة مركّبة معاد تدويرها بنسبة 80 بالمائة، ونظام نقل حركة كهربائي، ولوح شمسي لشحن البطارية، ومصابيح أمامية، وأخرى خلفية من النوع الموفر LED ، وإشارات دوران. قد تبدو مركبات ELF الشمسية / الدواسة الهجينة تلك متواضعة بسبب حجمها الصغير وشكلها الرشيق، لكن نظرة أعمق تحت غطاء محرك السيارة تكشف عن شيء أكثر قوة وتعدد في الاستخدامات، فهي قادرة على حمل ما يصل إلى 550 رطلا من الحمولة وتكافئ ما يعادل 1800 ميل لكل غالون من كفاءة استهلاك الوقود. كان الحافز الرئيس وراء التفكير في المركبة هو أنه بالرغم من أن الدراجات هي مركبات رائعة إلا أن الناس يواجهون معها صعوبات في صعود التلال، فهم يتعرقون، ويواجهون صعوبة في ركوبها في الطقس السيئ أو حين يحملون البقالة أو الركاب أو غيرها. لذا كان التفكير في منحهم دفعة على التلال وحماية من الطقس، من خلال مركبة أكثر أمنا واستقرارا.
كان روب قد بدأ عمله على هذه المركبة من مكان مستأجر كان صالة عرض أثاث سابقا، يقع في مدينة دورهام بولاية نورث كارولينا، وبالتعاون مع فريق من المصممين وبناة الدراجات، وضع روب تصاميم المركبة وبدأ في بناء نماذج. وكانت الخطوة التالية هي تأمين التمويل، وعلى الرغم من العروض المقدمة من المستثمرين المؤسسيين، كانت شركة Organic Transit مهتمة دائماً بالبحث عن الممولين الذين يشاركون المجموعة المؤسسة رؤيتها، وليس فقط أرباحها. وبعد جولة تمويل أولية من بعض المستثمرين، مما سمح لروب ببناء أول نموذج كامل للمركبة في أبريل عام 2012 ، تحول روب إلى موقع التمويل الجماعي كيك ستارتر بهدف جمع 100 ألف دولار لبناء أول 100 مركبة، لكن الحملة تجاوزت التوقعات بكثير، حيث جمعت أكثر من 225 ألف دولار بحلول يناير 2013 ، وبيعت أكثر من 50 مركبة في هذه العملية.
وقد كان التمويل كافيا لتوظيف عاملين ومتدربين، والبدء في بناء المركبات بالفعل. والآن صار لدى الشركة ثلاثة موديلات من المركبة، كما أنهم يصنعون منها نماذج مناسبة لذوي الاحتياجات الخاصة.
في حوار مع روب في فبراير 2018 يقول: كانت لدي دائما رغبة في القيام بشيء من هذا القبيل لأنني أدركت أن السيارات لا يمكن أن تستمر كما هي الآن، لأنها غير فعالة بشكل كبير، حتى السيارات الكهربائية لا تتسم بالكفاءة، فالسيارات تزن ال كثير من الأطنان، وتستهلك الكثير من المساحة، وقائمة سلبياتها تطول. وهذا يؤثر أيضا على حالتنا البدنية الخاصة. فقد تسببت السيارات وثقافة ركوب السيارات غالباً في اضمحلال ثقافة المشي، وهذا هو السبب الحقيقي لمعظم أمراضنا. لذا فإنه في ختام حواره يرى شركته: أورجانيك ترانزيت كبديل جديد لشركات السيارات العملاقة وثقافتها.