ابتكار مركَّب يقضي على مقاومة بكتيريا خطيرة للمضادات الحيوية
نجح الباحث المصري “عمر الحلفاوي” في ابتكار مركب يُمكّن، لأول مرة، من القضاء على المسبب الأولى للعدوى في العالم، وهو البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، بعد 30 عاما من محاولات الباحثين الفاشلة في هذا المجال.
وجاء الابتكار نتيجة دراسة مشتركة بين جامعتي الإسكندرية المصرية وماكمستر الكندية، أسفرت للمرة الأولى عن إنتاج مضاد حيوي جديد يكسر مقاومة تلك البكتيريا، ويتخلص منها نهائيا، وفقا لما أوردته مجلة “ساينتفيك أمريكان” العلمية المتخصصة.
وتمكن الباحثون من استخلاص مركب “بنزويل ثيوريا”، الذي يقضي على أي مقاومة لبكتيريا المكورات العنقودية الذهبية.
وقال “الحلفاوي”، المؤلف الأول للدراسة: “ذلك المركب لا يشبه أيا من المضادات الحيوية المتاحة على المستوى الكيميائي (..) أنا والفريق البحثي اكتشفنا ذلك المركب من خلال فحص مجموعة من المواد الكيميائية المتنوعة، التي تحتوي على حوالي 45 ألف مركب”.
ويعمل المركب الجديد على الجهاز المناعي لإزالة عدوى المكورات العنقودية الذهبية المقاومة للمضادات الحيوية بشكل أكثر فعالية، كما أنه يسلبها القدرة على فعل العديد من السلوكيات التي تجعل علاجها صعبا للغاية.
وتوضح الدراسة أن “هذا المركب يمنع تكوين الأغشية الحيوية بواسطة المكورات العنقودية في ظل الظروف التي تستخدم فيها مضادات التخثر، كما هو الحال في أقفال القسطرة، تتكون الأغشية الحيوية للمكورات العنقودية الذهبية عندما تلتصق مجموعة من البكتيريا على سطح مثل القسطرة أو مفصل اصطناعي، ويصبح القضاء عليها غايةً في الصعوبة، ما يجعلها تتسبب في حدوث إصابات مزمنة وخطيرة”.
وعلاوة على ذلك، يستطيع هذا المركب الوصول إلى المكورات العنقودية عندما تختبئ داخل خلايا الجسم، إذ يتمكن من ردعها عن طريق اختراق هذه الخلايا ووقف تكاثر الميكروب فيها، بحسب الدراسة.
كما يمكن المركب من إعادة استخدام المضادات الحيوية الاعتيادية مثل البنسيلينات، لعلاج المكورات العنقودية المقاومة لتلك المضادات.
وعن هذا الإنجاز، قال “الحلفاوي”: “تلك المادة تعمل على استهداف أحد العوامل العدوانية، المعروف باسم عامل الضراوة للمكورات العنقودية، الذي يمكن عامل الضراوة تلك الكائنات من التصدي للهجمات الخارجية عليها من خلال تفعيل مجموعة كبيرة من العوامل الأخرى التي ترفع مستوى ضراوة هذه الميكروبات وتزيد من قدرتها على التسبُّب في العدوى ومقاومة العديد من المضادات الحيوية وبعض مكونات جهازنا المناعي”.
وأضاف: “بمعرفة ما يستهدفه هذا المركب في المكورات العنقودية، ومن خلال فهمنا لخصائصه البيولوجية وأهميته في إحداث العدوى ومقاومة المضادات الحيوية، تمكنّا من التعرُّف على الطرق المبتكرة التي يمكن لهذا المركَّب من خلالها القضاء على البكتيريا”.
واستطرد: “ضمنا بتحديد الاستراتيجية المأمولة لعمل المضاد الجديد، والتي تعتمد على التقليل من ضراوة الميكروب وتثبيط مقاومته للمضادات الحيوية المتاحة. وبناءً على تلك الاستراتيجية، قام الفريق بتصنيف واختيار المركب الأفضل واختبار خصائصه المختلفة”.
وكانت منظمة الصحة العالمية قد وصفت بكتيريا المكورات العنقودية الذهبية المقاومة للمضادات الحيوية بأنها “الخطر الأكبر” على العالم، إذ فتكت بحياة 700 ألف شخص حتى الآن.
واعتبرت المنظمة أن مقاومة بكتيريا المكورات العنقودية الذهبية “أكبر المخاطر التي تحيق اليوم بالصحة العالمية والأمن الغذائي والتنمية”.
وتعد العدوى ببكتيريا المكورات العنقودية الذهبية السبب الرئيسي لمعظم الالتهابات في جميع أنحاء العالم، كما أنها المسؤولة الأولى عن حالات الاعتلال والوفيات، وخاصة مع ظهور سلالاتها المقاوِمة للمضادات الحيوية.
ويسبب ذلك النوع من البكتيريا أمراضًا خطيرة، على رأسها التهاب الشغاف -البطانة الداخلية لحجرات القلب وصماماته- والتهابات نقي العظام، وتسمم الدم، ويمكن أن تصبح تلك الالتهابات مميتة، كما يمكن أن تتنقل عدوى الإصابة بالمكورات العنقودية من الشخص المريض إلى السليم، ما يجعل قدرتها على الانتشار مهولة.