الصدفي هو العالم المصري أبو سعد بن عبد الرحمن بن أحمد بن يونس الصدفي الذي ولد في مصر حوالي العام 338هـ / 950 م، وعاش فيها إلى أن توفي العام 399هـ/ 1009م، والذي أجمع المؤرخون على انه أول من اخترع بندول الساعة بالإضافة إلي عدد من الإسهامات الأخرى .
كان أبوه من أشهر المؤرخين في مصر كما وكان جده يونس الصدفي عالماً بالنجوم ومن أصحاب الإمام الشافعي، ويعد ابن يونس من أعظم فلكي مصر قاطبةً ومن أشهر فلكي القرن الرابع الهجري تحديداً وآثاره غيرت الكثير في مسار العلوم إبان العصور الوسطى في أوروبا.
حظي الصدفي بمكانةٍ عالية عند الفاطميين لما كان عليه من علمٍ وبعد رؤية وكرم خلق فاهتموا به وأجلوا له العطاء فأسسوا له وتلاميذه مرصداً فلكياً قرب مدينة الفسطاط تدل الآثار الباقية منه على أن موقعه تحديداً كان على قمة جبل المقطم.
برع في حساب المثلثات وألف العديد من البحوث القيمة التي أسهمت في تقدم هذا العلم ويعد أول من وضع قانوناً في حساب المثلثات الكروية وكان أول من فسر بدقة عالية ظاهرتا الكسوف والخسوف فرصد كسوف الشمس وخسوف القمر في القاهرة حوالي العام 368ه/978م ليكونان بذلك أول كسوفين في تاريخ البشرية سجلا بدقة متناهية وبطريقة علمية بحتة وجاء حسابه أدق ما عرف إلى أن ظهرت آلات الرصد الحديثة.
إسهاماته الصدفي
يؤكد المؤرخون في تاريخ العلوم أن ابن يونس الصدفي هو أول من اخترع بندول الساعة، وأنه وضع كتاباً بعنوان “الرقاص” ـ أي بندول الساعة ـ لقياس الزمن ومدة الذبذبة، بعد أن أمضى وقتاً طويلاً في دراسة حركة الكواكب والتي قادته في النهاية إلى هذا الاختراع•
ابتكر “الصدفي” طريقة سهَّلت العمليات الحسابية التي أدت إلى علم اللوغارتيمات، فحقق بهذا سبقاً على علماء الغرب بسبعة قرون، وقد أبدى علماء أوروبا دهشتهم من تحويل عمليات الضرب إلى عمليات جمع.
واخترع ابن يونس الصدفي حساب الأقواس التي تسهل قوانين التقويم، وكانت حساباته في الرصد الفلكي من أتقن ما عرف في التاريخ، وترجم علماء الغرب مؤلفات ابن يونس الصدفي إلى لغات أوروبية عدة، وتوجد بعض مؤلفاته بمكتبة ليدن في هولندا وبعضها في مكتبة الأزهر في القاهرة.
مؤلفاته الصدفي
من أهم كتب ابن يونس الصدفي كتاب (الرقاص) الذي فسر فيه حركة الرقاص أو ما يعرف اليوم باسم ”البندول” فتحدث عن مبدأ عمله وكيفية تصنيعه وفوائده واستخداماته واثبت أن زمن ذبذبته تتناسب مع طوله وثقله والمادة التي يصنع منها ليسبق بذلك العلْم الغربي الشهير ليوناردو دافنشي بأربعمائة عام ولا يستطيع أحدٌ أن يجزم بأن دافنشي نسب الرقاص إليه عن ابن يونس لما يعرف عن هذا العالم من إنجازاتٍ غيرت في مسار الحضارة أيضاً ولكن الروايات التاريخية لم تنفِ إطلاع ليوناردوا على مؤلفات من سبقوه من علماء المسلمين وعلى رأسهم ابن يونس الذي كانت كتبه منتشرة في مكتبات أوروبا آنذاك واغلب الظن انه اطلع على كتاب ”الرقاص” أكثر من مرةٍ في مكتبة بيزا في إيطاليا حيث كان يتردد دافنشي كثيراً.
من أهم انجازات العالم العربي ابن يونس الصدفي الأخرى تصحيحه لزاوية ميل دائرة البروج وزاوية اختلاف المسقط للشمس وبداية ظاهرة الاعتدالين وأورد اكتشافاته هذه في كتابه ”الزيج الحاكمي” المكون من أربع مجلدات بدأ بتأليفه بأمرٍ من الخليفة العزيز الفاطمي سنة 380هـ وفرغ منه بعد حوالي الخمسة عشرة عاماً ونقله المستشرقون إلى اللاتينية وبقيت نسخه أمهات كتب في جامعات باريس وبرلين والقاهرة لقرونٍ طويلة.
وله من المؤلفات أيضاً كتاب “الميل” وكتاب “الظل” وكتاب تاريخ ”أعيان مصر” والذي جمع فيه عدداً لا بأس به من المشاهدات الفلكية المعروفة من قبله وما اكتشفه من رصده لسماء مصر.
ومن أهم ملاحظات ابن يونس التي تستحق الوقوف عندها والتمعن بها ما ذكره في رسائله الفلكية عن حركة القمر وملاحظته أن سرعته في تزايد مستمر، مما يدلل على نبوغ هذا الفلكي العالم في سبر أعماق الفضاء فلم يكتفٍ بالملاحظة فحسب بل أقرنها بالتحليل والحساب ليكون بحق سابق عصره وأوانه.