يمكن استخدامه لقياس نبضات القلب.. ابتكار “مستشعر” فائق المرونة لا يتأثر بالإجهادات الميكانيكية
تمكَّن باحثون من معهد أبحاث العلوم الطبيعية في اليابان (ريكن) من ابتكار مستشعر رقيق فائق المرونة يعمل بالطاقة الشمسية، قادر على قياس الإشارات الحيوية للإنسان بدقة كبيرة.
تشير الدراسة، التي نشرتها دورية “نيتشر” الأربعاء، 26 سبتمبر 2018، إلى أن “المستشعر الجديد قابل للارتداء والزراعة داخل الجسم كجهاز لقياس نبضات القلب، كما يُمكن لصقه على الجلد البشري دون أدنى مشكلة”.
وتحتاج الأجهزة الطبية الحيوية إلى مواصفات خاصة، أهمها مواءمة الجلد البشري والأنسجة الحية، والقدرة على الكشف الدقيق والمستمر للإشارات الفسيولوجية دون الحاجة إلى مصدر طاقة خارجي أو أسلاك توصيل كهربائية، لذا، يسعى الباحثون منذ وقت طويل لدمج مجموعة من الخلايا الكهروضوئية المرنة التي يُمكن أن تلتزم بالمعايير الصحية دون أن تسبب التهابات أو حساسية للبنية النسيجية الحية المعقدة.
ويحاول العلماء ابتكار مصادر طاقة من مواد عضوية فائقة المرونة يُمكن دمجها بالمستشعرات، غير أن ذلك التكامل لم يحدث بعد بسبب طبيعة تلك المستشعرات التي تتعرض لتشوهات ميكانيكية وحرارية بسبب وجودها على الجلد البشري أو داخل الأنسجة الأخرى، وهو الأمر الذي يؤدي إلى ثنيها، ما يُفسد المواد الموجودة على سطح الخلايا الكهروضوئية ويُقلل من كفاءتها، وبالتالي ينضب مصدر الطاقة اللازمة لتشغيل المستشعر.
يقول “كاناجيرو فوكودا” -أحد الباحثين في الدراسة- في تصريحات لـ”للعلم”: “نجحنا في تطوير نظام إمداد بالطاقة الشمسية يعتمد على خلية شمسية عضوية ومستشعر كهربي كيميائي مثبتَين بعضهما على بعض وقابلَين للانحناء والثني دون أن تؤثر تلك الإجهادات الميكانيكية على كفاءة الجهاز”.
تستخدم الخلايا الشمسية العضوية الإلكترونات البوليمرية لإنتاج الطاقة من جزيئات الكائنات الحيوية، وهي تختلف عن الإلكترونات المعدنية الاعتيادية التي تحتاج إلى موصل غير عضوي في كونها تُنتج داخل جسم الكائن الحي، وهو ما يتيح زراعتها داخل الأعضاء الحية، أو على الجلد البشري لتمد المستشعرات بالطاقة.
ويبلغ سُمك الخلية الضوئية التي ابتكرها الباحثون بضعة ميكرومترات، وتستطيع إمداد المستشعر بطاقة كافية ومستقرة لتشغيله، كما تستطيع تحويل ضوء الشمس إلى كهرباء بكفاءة عالية.
وقام الباحثون باختبار الجهاز على قلوب الفئران تمهيدًا لنقل التجربة على الإنسان؛ كما استعانوا بشركة “توراي” اليابانية لتصنيع الطبقة النانوية التي تم طلاء سطح الخلية الكهروضوئية بها.
يضيف “فوكودا” أن “التطور الرئيسي لذلك الجهاز يكمن في نقطتين رئيسيتين: أولاهما نجاح الخلية الكهروضوئية في التعامل مع الإجهادات الميكانيكية، وثانيتهما استخدام تقنية النانو لطلاء سطح الخلية الضوئية بمجموعة من المواد التي تستطيع استقبال الإلكترونات العضوية من أي زاوية، وبالتالي تصل كفاءة تحويل الطاقة إلى الحد الأقصى”، موضحًا أن “تلك التكنولوجيا يُمكن استخدامها في كثير من التطبيقات التي تستلزم وجود أجهزة حيوية مزروعة على جلد الإنسان، كأجهزة قياس نبضات القلب، كما يُمكن استخدامها كنظام لتخطيط كهربية القلب، ما يمد المرضى والأطباء بمجموعة من المعلومات الآنية عن الحالة الصحية لقلوبهم”.
عمل الباحثون على ذلك المشروع مدة عام ونصف العام، وكان التحدي الرئيسي في تلك الدراسة هو تحسين قدرة الخلايا الكهروضوئية لإمداد المستشعرات بالطاقة اللازمة للتشغيل، أما التحدي الثاني فتمثل في إضافة مزيد من التحسينات على الثبات الميكانيكي ضد الإجهادات، وتمكن الفريق البحثي من تجاوُز كلا التحديين.
وتشمل الخطوة التالية دمج بطاقة ذاكرة على “المستشعر النانوي”؛ لتسجيل البيانات الخاصة بقياسات الأجهزة الحيوية للمرضى، في خطوة تُمهد لابتكار طريقة لنقل البيانات لاسلكيًّا إلى أجهزة طبية أخرى؛ لمراقبة حالة المرضى الصحية من قِبَل المتخصصين في مجال الرعاية الطبية على مدار الساعة.
ويوضح “فوكودا” أن الفريق لم يُحدد كُلفة تصنيع المستشعر إلى الآن، غير أن طريقة التصنيع الواردة في الدراسة تسمح بعمل كميات كبيرة من المستشعرات وإنتاجها بشكل صناعي، وفق قوله.