يوما بعد يوم أصبح اسم “فتيحي” من أبرز العلامات التجارية في مجال المجوهرات في العالم العربي برمته، وأصبحت كل قطعة من مجوهراته تحكي قصة الخيال المبدع.. قصة الذوق الرفيع والرفاهية المتناهية.. تحكي قصة كفاح رجل الأعمال أحمد حسن فتيحي.
ولد الشيخ أحمد حسن فتيحي في جدة عام 1942م، وهو من عائلة احترفت صناعة المجوهرات وتجارتها، فجده الأكبر كان يصوغ الفضيات في القرن الثامن عشر في مكة المكرمة، وتوسع الأب في هذه الحرفة وبدأ في صياغة الذهب والمجوهرات في عام 1907م، من هنا بدأ أحمد فتيحي في اكتساب خبرة كبيرة في مجال الذهب منذ السادسة من عمره حين كان يصطحبه والده إلى متجره, وعندما بلغ الابن الثانية عشرة مرض الوالد وكان ذلك إيذانا ببداية مرحلة جديدة، حيث اضطر الابن إلى ترك الدراسة ليقوم على أمور المتجر، واستمر يدرس في المنزل إلى أن حصل على شهادة “الثانوية العامة”.
شعر أحمد فتيحي برتابة “الموديلات” التي يتم طرحها في أسواق الصاغة في المملكة، ومن ثم فكر في التجديد، وكان هذا دافعه للسفر إلى إيطاليا وهو لم يبلغ العشرين من عمره بعد، في محاولة منه لاستطلاع جديد التصميمات الأوروبية في عالم المجوهرات ليحاكيها في متجر أبيه، ورجع ومعه كيلو ذهب ايطالي مشغول ليصبح أول صائغ سعودي يستورد الذهب الايطالي, وبعد عودته فكر كثيرا في أن يتوسع في تجارته لذلك اقترح على أبيه أن يؤسس شركة خاصة ذات مسؤولية محدودة، وبالفعل اقتنع الوالد بالفكرة وتم تأسيس الشركة عام 1965م، بعدها استقل أحمد فتيحي عام 1970 بعمله ليفتتح أول محل خاص بمفرده تحت اسم “أحمد حسن فتيحي”.
في عام 1984م افتتحت “شركة أحمد حسن فتيحي” أول مركز متكامل بأدوار متعددة يدار بواسطة شخص واحد في مدينة جدة على طريق المدينة وقد بني على طراز عالمي تحت إشراف شركة أوربية مشهورة على غرار مبني متجر “هاوردز” في لندن الذي يمتلكه المصري الملياردير محمد الفايد و”جالاري لافييت” في باريس ويعتبر قمة في الفخامة باحتوائه على جميع متطلبات الرفاهية من ذهب ومجوهرات وساعات وإكسسوارات وعطور وملابس رجالية وأقمشة وملابس نسائية. ذلك غير مصنع المجوهرات المتخصص الذي يتكفل بتنفيذ أي تصميم يراه العميل في مخيلته إلى واقع يرضيه، واستطاع أحمد حسن فتيحي أن يطور الاسم ويزيد من نجاحه ليس فقط على مستوى المملكة، ولكن أيضاً على مستوى الدول العربية والآسيوية من خلال جهود مكثفة من الدعاية والإعلان بجانب جودة البضائع وتفردها.
ورغم حداثة تأسيس الشركة الفتية إلا أنها استطاعت بمجهودات أحمد فتيحي -وبكل اقتدار- تثبيت أقدامها في عالم صناعة المجوهرات في زمن قياسي، لأنها أخذت على عاتقها تنمية الصناعة الرفيعة، هادفة إلى الوصول بمنتجاتها إلى حد كبير من الإبداع والأناقة، وبلغت تصميماتها الفريدة والمبتكرة الحد التي تناسب فيه كافة الأذواق، عاكسة روح التجدد المتواصل في عالم “الموضة” والمجتمع العصري من خلال استخدام أحدث التقنيات وأفضل الأحجار والمعادن الثمينة ليكون الناتج مجموعة مجوهرات رائعة، لا تعترف بمرور الزمن.
وفي عام 1990م قامت الشركة بافتتاح “مركز فتيحي” للجملة وقد روعي في تصميمه احدث أنظمة التخزين، وأصبحت الشركة ذات مسؤولية محدودة تحمل اسم “شركة احمد حسن فتيحي المحدودة” برأس مال 200 مليون ريال مدفوع بالكامل، وفي عام 1993 قامت الشركة ببناء “مركز فتيحي” الرياض وعلى نفس تصميم مركز جدة ولكن بشكل مصغر، بعدها قام فتيحي بشراء واحدة من أكبر الشركات السويسرية في مجال صناعة المجوهرات وهي شركة (Marians Bvlgari) عام 1995م، اشتراها بكامل أصولها وفروعها المنتشرة في أوروبا وآسيا والولايات المتحدة.
أدرك فتيحي ما يواجه “الشركات العائلية” من تحديات كبيرة في ظل العولمة الاقتصادية، وحتى تستطيع شركته ملاحقة هذه التغييرات العالمية حوّل شركته إلى شركة مساهمة في عام 1998م لتكون بذلك أول شركة سعودية تنتقل من نظام “الشركات العائلية” إلى “الشركات المساهمة”، مما أتاح لها مساحة كبيرة من التحديث والتجديد والسرعة والشفافية، وفرضت الشركة وجودها أمام المنافسين سواء أكانت شركات عربية أو عالمية.
وفي العام 2003م قام فتيحي بزيادة رأس مال الشركة ليصبح 385 مليون ريال سعودي، وفي عام 2007م تم افتتاح فرعين جديدين الأول بمدينة الرياض والثاني في مدينة جدة على طريق الملك، روعي فيهما الاهتمام بالذوق الرفيع لعشاق المجوهرات، ثم تم افتتاح فرع جديد في مدينة جدة في “الرد سي مول” الواقع في طريق الملك عبدالعزيز، ومؤخرا وافقت “هيئة سوق المال” على زيادة رأس مال الشركة إلى 500 مليون ريال سعودي، أي بنسبة زيادة قدرها 29.87%، وذلك بإصدار 11.5 مليون سهم بقيمة 115 مليون ريال، عن طريق منح سهم واحد مجاني مقابل كل 3.3478 سهماً قائماً يملكه المساهمون المقيدون بسجل مساهمي الشركة.
ونظرا لما يتبعه فتيحي من سياسات منفتحة حققت “مجموعة فتيحي القابضة” أرباحاً صافية بلغت 22.7 مليون ريال خلال الستة أشهر الأولى من عام 2008م، كما حققت المجموعة صافي ربح من النشاط التشغيلي بلغ 29.7 مليون ريال خلال النصف الأول من عام 2008م مقارنة بمبلغ 413 ألف ريال خلال نفس الفترة من عام 2007م، وبنسبة زيادة بلغت 7091%. وتعزى هذه الزيادة في الأرباح إلى النمو المتميز في المبيعات؛ حيث حققت المجموعة مبيعات بلغت 102.9 مليون ريال خلال النصف الأول من عام 2008م مقارنة بمبلغ 58.9 مليون ريال خلال نفس الفترة من عام 2007م، وبنسبة زيادة بلغت 75%. كما بلغت ربحية السهم 0.45 ريالاً خلال النصف الأول من عام 2008م مقابل خسارة للسهم بلغت 0.06 ريالاً لنفس الفترة من العام الماضي.
انتهجت المجموعة في المرحلة الأخيرة سياسة توسيع وتنويع استثماراتها من خلال تأسيس عدد من الشركات الكبرى في المجالات العقارية والتجارية والتي تمتلكها بالكامل مثل شركة “صدوق العالمية للاستثمارات القابضة”، والتي تأسست برأسمال 100 مليون ريال بهدف الاستثمار داخل المملكة وخارجها، وكذلك شركة “مدماك الخليجية للاستثمار العقاري”، والتي تأسست برأسمال قدره 100 مليون ريال بهدف الاستثمار العقاري داخل المملكة وخارجها، واستحوذت المجموعة أيضا على نسبة 80% من رأس مال “شركة تجارة السلع الكمالية الثمينة المحدودة”، بقيمة إجمالية تبلغ 4 ملايين ريال، وشركة تجارة السلع الكمالية الثمينة المحدودة تعمل في بيع وشراء المعادن الثمينة والأحجار الكريمة والمجوهرات والإكسسوارات والتحف والأدوات المنزلية ومستلزمات الديكور، ولها 9 معارض في مدينة جدة والرياض والخبر تحمل اسم (فتيحي جونيور) و(بيبي فتيحي).
أما خارجيا فقد سعت “مجموعة فتيحي القابضة” إلى الاستثمار الاستراتيجي في السوق المصرية حين استحوذت على 5% من رأسمال “شركة النساجون الشرقيون المصرية”، وهي شركة مساهمة بقيمة إجمالية تجاوزت 153 مليون جنيه مصري، أي ما يعادل 105 ملايين ريال سعودي، كما استحوذ الشيخ أحمد فتيحي -بصفته الشخصية- على نحو 10% من رأسمال “بنك التعمير والإسكان المصري”، في صفقة بلغت قيمتها 670 مليون جنيه (الدولار يعادل 5.3 جنيهات مصرية)، ليصبح بذلك صاحب أكبر حصة فردية في أسهم رأسمال المصرف الذي يعد أحد أهم المنشآت المصرفية والتنموية في مصر.
وكان “لمجموعة فتيحي القابضة” السبق بعرض هو الأول من نوعه في تاريخ القطاع الخاص السعودي، حيث وزعت المجموعة 12 ألف سهم من أسهمها على السعوديين المولودين في يوم 28 رجب الذي يوافق افتتاح “مركز فتيحي” الرئيسي في جدة (للسنوات من 1404 إلى 1428هـ)، وحصلت المجموعة على موافقة شركة السوق المالية “تداول” لتوزيع هذه الأسهم التي ستقوم إدارة الشركة بشرائها من سوق الأسهم السعودية لصالح كل من يتوافق تاريخ ميلاده يوم 28 رجب على مدى السنوات الـ 25 الماضية منذ تأسيس “مركز فتيحي” ـ جدة وحتى هذا العام.
وأكد الشيخ أحمد حسن فتيحي رئيس مجلس إدارة المجموعة أن “هذه الأسهم ما هي إلا تأكيد على الترابط الأسري بين مجموعة فتيحي وعملائها على مدى الأعوام الـ 25 الماضية، وتبرهن في الوقت نفسه على ثقتهم التاريخية الراسخة بهذا الكيان الذي سيبقى وفياً لهذه الثقة التي وضعها عملاؤه فيها كشركة رائدة في منتجاتها وخدماتها وارتباطها بعملائها”.
عُرف عن الشيخ أحمد فتيحي تواجده الدائم في دور المزادات العالمية أمثال “سوثبي” Sotheby’s و”كريستي” Christie’s و تملكه لعدد من المجوهرات والحجارة النادرة كمقتنيات شخصية، حتى أنه سجل في موسوعة “جينيس” للأرقام القياسية باعتباره صاحب أكبر ماسة في العالم على شكل “دمعة”، كما تم تقليده بوسام “نجمة التضامن” لما له من أثر في تقوية العلاقات الاقتصادية بين السعودية وإيطاليا، وهذا الوسام يعد أرفع وسام إيطالي يمنح بناء على مرسوم جمهوري صادر من رئيس الجمهورية الإيطالية للشخصيات المتميزة.
رغم أن وليد أحمد حسن فتيحي ولد لعائلة لها باع طويل في تجارة الذهب والمجوهرات، إلا أنه انتهج طريقا آخر، ولأن التميز هو ديدن العائلة، أصبح واحدا من أشهر أطباء المملكة على الإطلاق، أنهى الدكتور وليد دراسة الهندسة من جامعة “جورج واشنطن” الأمريكية، وتخرج الأول على دفعته بـ”مرتبة الشرف الأولى”، ثم التحق بكلية الطب في الجامعة، حيث حاز على شهادة الدكتوراه في الطب، ثم أتم تدريبه وزمالته من المستشفيات التابعة لكلية طب جامعة “هارفارد”.
حصل د. وليد فتيحي على “البورد” الأمريكي في الأمراض الباطنية و”البورد” الأمريكي في الغدد الصماء و السكر وحصل على جوائز عدة منها جائزة “أفضل معيد” لعام 1993 من مستشفي “مازنت اوربورن” التابعة لكلية الطب بجامعة هارفارد، وعمل مابين 1999-2002 كعضو هيئة تدريس كلية طب الجامعة نفسها، وكاستشاري في الغدد الصماء والسكر في “مركز يوزلن العالمي” للسكري التابع لكلية طب جامعة هارفارد، وحصل على الماجستير في الصحة العامة في الإدارة والقوانين الطبية.
ود. وليد فتيحي هو صاحب فكرة إنشاء المركز الطبي الدولي في جدة، وأشرف على جميع مراحله من اتفاقات واجتماعات وعقود وتصميم وتنفيذ، وهذا المركز تم افتتاحه في العام 2006م تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي أثنى عليه لما يحتويه من أجهزة ومعدات طبية تضاهى أكبر المستشفيات والعيادات في العالم، وتم إنشاء المركز بالتعاون مع “كليفلاند كلينك” إحدى أشهر العيادات في العالم، وتم تصميمه على الطراز الإسلامي، ورسالة د. وليد فتيحي كمؤسس للمركز الطبي الدولي هي السعي لتحقيق رسالة المركز الطبي من صناعة نموذج فريد لرعاية صحية ذات نظرة شمولية لشفاء الإنسان جسدا وعقلا وروحا بإتباع أفضل المعايير الطبية العالمية للعلاج واقتفاء “المعايير الربانية” في المعاملة والأخلاق.
يكتب د. وليد –إلى جانب عمله كطبيب- في صحيفة “عكاظ” السعودية سلسلة مقالات أسبوعية أدبية علمية تحت عنوان “آفاق من الحياة”، ويشغل منصب نائب رئيس تحرير مجلة “صحتك” السعودية الفصلية، كما أنه عضو مجلس إدارة مستشفى “دار الفؤاد” في مصر.
ألقى د. فتيحي الابن محاضرات في العديد من الندوات والمؤتمرات الطبية الأمريكية والدورات الطبية التدريبية وكذلك نشرت له العديد من المقالات الطبية في العديد من الصحف العربية المعروفة. كما أنه حاصل على العديد من الجوائز الطبية الأمريكية الرفيعة، و”الزمالة” في العديد من الجمعيات والهيئات الطبية الأمريكية المعروفة، وساهم د. وليد في تمثيل الإسلام والدفاع عن القضايا الإسلامية في الوسائل الإعلامية الأميركية المختلفة وألقى عشرات المحاضرات في الجامعات والكنائس والمعابد والدوائر الحكومية في الولايات المتحدة.
أحمد جندي