في مركز البحوث الزراعية هناك قسم مختص بأبحاث القمح من أهم أعماله استنباط أصناف جديدة تحقق إنتاجية أعلي ومقاومة للأمراض, وكل فترة تظهر علي أيدي علماء وخبراء هذا القسم أصناف جديدة تناسب كل أرض والظروف المناخية, وبفضل هذه الأصناف تمت زيادة الإنتاجية من 7 أرادب للفدان عام1980 إلي 18.2 إردب حاليا أي تمت مضاعفة الإنتاجية فما هو الجديد في أبحاث القمح الذي يقوم به علماء مركز البحوث الزراعية؟
يقول الدكتور محمد أسامة سالم (أستاذ المحاصيل ورئيس شعبة البيئة سابقا بمركز بحوث الصحراء): الحل هو التوسع الرأسي في الإنتاج وهذا هو ملخص المشروع الذي قمت به مع 65 عالما من كافة التخصصات (الجيولوجيا والهيدرولوجي والاقتصاد والإرشاد والإنتاج النباتي) وكلها تخصصات يجمعها مكان واحد في مركز بحوث الصحراء شاركوا في المشروع الذي نجح في رفع متوسط الإنتاجية من45% إلي 213% وتم تطبيقه من أسوان للوادي الجديد والساحل الشمالي الغربي وبورسعيد وترعة السلام شرق وغرب وشمال سيناء وجنوبها علي طول 18 موقعا من خلال برنامج (النهوض بمحصول القمح في مصر) والذي استمر من عام 2004 حتى العام الماضي ورفعنا تقريرا بالنتائج إلي وزير الزراعة السابق علي أمل تعميم التجربة لكن لم يحدث هذا حتى الآن.
من جهته أشار سامر المفتي الأمين العام لمركز بحوث الصحراء( سابقا) والخبير في إدارة الموارد الصحراوية إلي أن التعامل مع مياه الري سواء بوادي النيل أو خارجه يوحي بعدم وصول معلومة أن مصر قد دخلت بالفعل في عداد الدول التي تعاني ندرة المياه حيث هبط مؤشر الفقر المائي من ألف متر مكعب للفرد إلي780 مترا مكعبا فقط.. ونحن في مصر سعداء بأننا نحقق أعلي إنتاجية من الأرز وقصب السكر غير عابئين بأن هذين المحصولين يستهلكان30% من مياه الري جميعها لذلك فإنه ما لم تتغير العقلية الزراعية لوادي النيل والاقتناع بصحراوية مصر ـ ولدينا معدلان للاكتفاء الذاتي من القمح أحدهما عالمي وقد حققناه بالفعل أما المعدل المحلي فتلك حكاية أخري.. فهو يزيد عن ضعف المعدل العالمي وقضية الفاقد في الغذاء في مصر تشير إلي أن نسبة الفاقد في القمح وحده تصل إلي30%.
ومن المعروف أن الإنتاج الاقتصادي لمحاصيل الحبوب خاصة القمح يأتي في ظل أحزمة المطر التي تبتعد مصر عنها تماما باعتبارها دولة الصحراء رقم واحد في العالم وباعتبار أن معدل الأمطار السنوي علي مصر جميعها لا يتجاوز10 مم/متر مربع في حين أن أعلي معدلات الأمطار هي في الساحل الشمالي وهي لا تتجاوز150 مم/ المتر المربع وهذا معدل لا يمكن إنتاج قمح اقتصادي عليه.
في هذا الصدد يكفي أن نشير إلي محاولة وزير الزراعة السابق لزراعة نصف مليون فدان أخري من قمح وقد انتهي إلي أعلي معدل استيراد في ذلك العام حيث تم الاستيراد من أوكرانيا وتوريد القمح علي أنه منتج محلي!!
ويجب التركيز علي التوسع الرأسي في إنتاج القمح، أي رفع إنتاجية المساحة المنزرعة من القمح سواء بأساليب التربية التقليدية أو بالتعديل الوراثي. وقضية إنتاج القمح ليست قضية زيادة المساحة المنزرعة منه وإنما هي مجموعة من القضايا المتداخلة التي يجب أن تترابط من خلال منظومة واحدة تشمل قضايا الإنتاج والاستيراد والنمط الغذائي (المبالغ في استخدام القمح) والنقل والتخزين والطحن.