“ألف اختراع”.. معرض عالمي يعيد اكتشاف الحضارة الإسلامية
افتتح في متحف العلوم في العاصمة البريطانية لندن الخميس 12/1/2010 معرضا ضخما يحمل اسم “ألف اختراع واختراع: اكتشاف الارث الاسلامي في عالمنا”، يسلط الضوء على الجذور الإسلامية لعدد كبير من الابتكارات والاختراعات والاكتشافات التي نراها حولنا في حياتنا اليومية الآن.
والمعرض الذي ينتهي في 25 أبريل 2010 تنظمة مؤسسة العلوم والتكنولوجيا والحضارة وهي مؤسسة غير ربحية تأسست بمانشستر ببريطانيا، وتقوم على العمل التطوعي من قبل مجموعة من الباحثين والمهتمين بإبراز اكتشافات الحضارة الإسلامية خلال عصرها الذهبي، ودورها في نهضة العلوم الحديثة من خلال البحوث الأصيلة لعلماء تاريخ العلوم، ومن خلال تحقيق المخطوط الإسلامية المنتشرة حول العالم.
يقول البروفيسور سليم الحسيني رئيس مؤسسة العلوم والتكنولوجيا والحضارة: “إن الجمهور الغربي أقبل بشغف منقطع النظير على المعارض السابقة لألف اختراع واختراع” والتي طافت المدن البريطانية منذ بدء حملة التوعية هذه عام 2006 (بدعم من الحكومة البريطانية)، كما أن الجمهور الغربي “أصيب بدهشة لا توصف” لدى اطلاعه على الحقائق التي كانت بالنسبة إليه أغرب من الخيال وأكبر من أن تصدق لتجاهل معظم مناهج التدريس في الغرب للدور الثري والحيوي للحضارة الإسلامية في إثراء الحضارة الإنسانية عموما والغربية خصوصا.
ويأمل أستاذ الهندسة الميكانيكية في جامعة مانشستر وعضو الشرف في رابطة العلوم البريطانية أن يسهم المعرض في أن “يزيل القنوط ويعيد الفخر للعرب والمسلمين الذين يعيشون في بلدان الغرب ويعانون من أزمة هوية”
ويؤكد الحسيني أن هناك فقدان ذاكرة في أذهان الناس لفترة طولها ألف عام يشار لها بالعصور المظلمة في أوروبا وهي الفترة التي تألقت فيها إبداعات واختراعات في العالم الإسلامي، أدت إلى معظم الاكتشافات العلمية الحديثة. ودعا الحسيني الحكومات والشعوب العربية والإسلامية لتطعيم المناهج الدراسية خصوصا العلوم المستقلة كالرياضيات والكيمياء والفيزياء بمنجزات الحضارة الإسلامية كما بدأت نظم التعليم البريطانية في الوقت الراهن.
من جهته يقول البروفيسور محمد مختار القماطي، أستاذ البصريات والنانوتكنولوجي في جامعة يورك ونائب رئيس “مؤسسة العلوم والتكنولوجيا والحضارة”، التي تنظم المعرض بالتعاون مع مضيفه متحف العلوم “إن المرء يلحظ عددا لا يحصر من الاختراعات التي نراها في حياتنا اليومية من البيت مرورا بالمدرسة والمستشفى وحتى الجامعة والمختبر والتي لها جذور إسلامية بطريقة أو بأخرى” .
ويضيف “إن المعرض يهدف إلى تثقيف العامة في الغرب بهذه الحقائق وإعادة الاعتبار لإرث حضاري إسلامي منسي”.
وفي التاريخ الإسلامي، كلما كانت تربة التسامح الديني والقومي والتركيز على رفاه الإنسان وقيمته خصبة، تفتحت أزهار العقل والإبداع في كل مجالات العلوم والآداب والفلسفة. وفي هذه الظروف نبغ وبرز العلماء من العرب والمسلمين وممن تكلموا العربية من غير المسلمين: مسيحيين وصابئة وغيرهم.
ويقدم المعرض نماذج من العديد من الاختراعات والاكتشافات والتي يرجع الفضل فيها لعلماء لمسلمين، مثل خرائط للعالم، والأدوات التي استخدمها العربي عباس بن فرناس في محاولته للطيران، ونموذج لسفينة يقودها ملاح صيني مسلم، وأداة كيميائية لتقطير السوائل، وبوصلة لتحديد الاتجاهات، وغيرها من الاكتشافات.
ومن المعروضات أيضا نموذج بطول ستة أمتار ونصف لساعة مائية من اختراع العالم الشهير “الجزَري” تجسد خير مثال على ذلك الانصهار الحضاري الرائع، فهي عبارة عن فيل هندي يحمل هودجا فوقه تنين صيني، فوقه عنقاء مصرية، وتحتهم آلية صب ماء يونانية ـ وسائق الفيل الروبوتي الخشبي الذي يرتدي الزي العربي التقليدي.
بالإضافة إلى المسواك الذي كان أساس فرشاة الأسنان. والحناء التي تحولت في عصرنا إلى صباغات مختلفة للشعر والعطور التي جهزها كيميائيون وعطارون في دمشق وبغداد والقاهرة وقرطبة ولا يزال الكثير منها يستخدم الآن.
كذلك آلات الموسيقى الوترية، والسجاد الذي اشتهرت به أرض المسلمين حتى أن عددا من أباطرة الغرب بهروا بجماله فاستقدموا منها أعدادا لا تحصى إلى بلاطاتهم وقصورهم.
وهناك أمثلة أخرى مثل أدوات الزهراوي الجراحية وطائرة عباس بن فرناس، والتي كانت أول محاولة مؤرحة للطيران. والعالم ابن النفيس الذي اكتشف الدورة الدموية الصغرى. ولوغاريثمات الخوارزمي التي وضعت أسس الرياضيات الحديثة. وحسابات بن الهيثم في علم البصريات الفيزيائي.
يقدم المعرض أيضا أفلاما قصيرة تصور مخترعين مسلمين يروون قصص اختراعاتهم، وألعابا إلكترونية تعرف اللاعب بالمخترعين والمكتشفين في أرجاء العالم الإسلامي في القرون الوسطى وغير ذلك.