ممثل استثنائي، وحالة من الحالات الخاصة في السينما العالمية, فهو من أكثر وأفضل الممثلين الذين قدموا الشخصيات التاريخية والفنية الشهيرة بأداء خالد يعتبره البعض الأفضل, وربما لأن ملامح وجهه الصارمة قد ساعدته بالبروز فيها بقوة، تميز بغزارة الإنتاج حيث كان يمثل بمعدل 4 أفلام في العام الواحد وتحديداً الفترة ما بين 1936م و1983م.
ولد أنتوني رودولف كوين في يوم 21 ابريل من عام 1915م في شيوايوا بالمكسيك حيث تزوج أبوه فرانك كوين الايرلندي الأصل من فتاة من هنود الازتك، اسمها مانويلا عندما كان يقاتل إلى جانب الزعيم الثوري بانشو فيا، ثم انتقلت الأسرة إلى الباسو في تكساس، وبعد ثلاث سنوات إلى لوس أنجلوس بحثا عن عمل حيث قتل الأب في حادث سيارة.
وفي سن المراهقة أجرى كوين جراحة صغيرة على لسانه لتحسين نطقه ثم التحق بمعهد للتدريب على النطق الصحيح, وكان يسدد مصاريف الدراسة بالعمل في تنظيف النوافذ، كما اشتغل في صباه ماسحا للأحذية وعامل بناء وخياطا وعازف ساكسفون, ثم ملاكما مدة عامين لعب فيهما 16 مباراة, ثم كان عليه أن يختار بين الهندسة وأن يكون قسا, فقرر الذهاب إلى هوليوود وانضم إلى ممثلين يقومون بأدوار الهنود الحمر في أفلام الغرب الأمريكي.
سجل كوين باكورة نجاحاته على خشبة المسرح مع مسرحية “عربة اسمها اللذة” التي لعبها أواخر الأربعينيات، وبعد سنوات قام بأدوار سينمائية ثانوية في أفلام كاوبوي لم يحقق من ورائها النجاح الباهر رغم زواجه من كاثرين دو ميل ابنة المنتج الشهير سيسيل دو ميل.
في عام 1937م بدأ كوين مسيرته السينمائية بمجموعة من الأدوار في عدد من الأفلام مثل “التدريب الأخير في مدريد” و”موسيقى راقصة أخرى” الذي ترشح للأوسكار لأفضل أغنية، وفي عام 1938م ظهر في ستة أفلام أخرى.
وجاءت الفرصة التي انتظرها كوين, عندما شارك في فيلم “فيفا زاباتا” الذي لعب فيه دور اوفيميو زاباتا شقيق الثوري المكسيكي الشهير اميليانو الذي قام به الممثل مارلون براندو, ونال كوين بهذا الفيلم اعتراف الجمهور بقدرته وموهبته الفنية وحصل على جائزة اوسكار عن أفضل دور ثانوي، ليحقق بعد ذلك سلسلة طويلة من النجاحات لاسيما مع فيلم “لا سترادا”
وفي العام نفسه لعب دور كازيمودو في “نوتردام دو باري” المقتبس عن رواية فيكتور هوجو “أحدب نوتردام” ثم “لورنس العرب” و”زوربا اليوناني” و”إعصار في جامايكا” و”الساعة الخامسة والعشرون”.
وتوالت بعد ذلك أعماله، وعرفه الجمهور العربي من خلال فيلم “عمر المختار” والذي جسد فيه شخصية المناضل الليبي الشهير عمر المختار، وأيضاً فيلم ” الرسالة ” حيث قام بدور حمزة بن عبد المطلب عم الرسول ” صلى الله عليه و سلم” و كلا الفيلمين من إخراج المخرج السوري العالمي مصطفى العقاد.
وقدم أنتوني كوين العديد من الأفلام الأخرى الناجحة منها: “مدافع نافارون” مع نخبة من نجوم التمثيل حينذاك جريجوري بيك وديفيد نيفين وغيرهم الكثير، وهو الفيلم الذي تم ترشيحه لسبع جوائز اوسكار باعتباره أحد أفضل أفلام الحرب والحركة، كما قدم فيلم “لورانس العرب” مع النجم المصري الشهير عمر الشريف، وفيلم الانتقام مع الممثل الأمريكي كيفين كوستنر، وفيلم “العجوز والبحر” المأخوذ عن رواية الكاتب الأمريكي الشهير ارنست همنجواي والتي تحمل نفس الاسم وغيرها العديد من الأفلام التي قدمها على مدار حياته الفنية، وشارك كوين في نهاية حياته في التلفزيون في مسلسل المغامرات الأسطوري “هرقل وسيدة الأمازون”.
حصد أنتوني كوين العديد من الجوائز والتكريمات على مدار حياته الفنية منها جائزة الأوسكار كأفضل ممثل مساعد عن دوره في فيلم يحكي قصة حياة الفنان الموسيقي فان جوخ، وأيضاً حصل على نفس الجائزة عن فيلم فيفا سباتا عام 1952م، كما حصل على نفس الجائزة عام 1956م عن دوره في فيلم “شغف الحياة” و معظم الأفلام التي عمل بها رشحت لجوائز الأوسكار في مختلف المجالات.
وتوفى الفنان العملاق أنتوني كوين في يوم 3 يونيو من عام 2001م عن عمر يناهز 86 عاماً، بعد أن عشق الفن وقدم للسينما العالمية أكثر من مائة فيلم.