يمكن تلخيص مهمة أنبياء ورسل الله إلى البشرية، بأنها إرشاد الناس إلى الطريق الصحيح المؤدى إلى الكمال الحقيقى للإنسان، وذلك عن طريق تلقى الوحى وإبلاغه إلى الناس، وأرسل الله تعالى العديد من الرسل والأنبياء ليعلموا الناس الحق، دينيا وأخلاقيا.
لكن ربما لم يكتف أنبياء الله بتقديم النصح والإرشاد الدينى والأخلاقى فقط، لكن أيضا قدموا ابتكارات وأشياء لم يعرفها البشر من قبل، وكان لهم السبق فى تقديمها وخدمة البشرية.
إدريس علم الناس الكتابة
بعد آدم عليه السلام، كان الناس فى أول طريق الحياة، لا يملكون معلومات ولا أشياء تساعدهم على العيش، فاحتاجوا لمعرفة الأدوات والمعارف العلمية، حتى جاء النبى إدريس، والذى ينسب له أنه أول من خط بالقلم، وأول من خاط الثياب ولبسها، وأول من نظر فى علم النجوم وسيرها، وأول من صنع الأدوات والآلات، وأول من استخدم الدواب أو الخيول للهجرة وللجهاد.
وبحسب كتاب “تاريخ الخط العربى عبر العصور المتعاقبة 1-3 ج1” للدكتور عبد العزيز حميد صالح، فإن هناك آراء أن أول من كتب كان النبى إدريس عليه السلام، وقيل إنه خط بالقلم بعد آدم عليهما السلام، وأنه علم ابنه “صابيا” الخط.
ووفقا لما جاء فى كتاب “كلام الله: الجانب الشفاهى من الظاهرة القرآنية” للكاتب محمد كريم الكواز، فأن إدريس يعتقد بأنه هو نفسه “إيزيس”، وقد نسبوا إليه اختراع الكتابة والموسيقى والتنجيم والحساب.
نوح ينقذ العالم بسفينته
ولد نبى الله نوح عليه السلام بعد وفاة آدم عليه السلام بألف سنة، وفى عصر النبى نوح ساد الفساد والكفر بكل أشكاله، وكان لابد من شخص لإنقاذ البشرية، فكان نوح، الرجل الذى كان يعمل نجارًا، ويعد أول نبى يرسله الله لهداية أمة، وأصبح هو المنقذ، بعدما قدم أول سفنية فى التاريخ، بعدما أمره الله أن يحمل معه فى السفينة من كل زوجين اثنين، وفى الساعة الإلهية المحددة حدث الطوفان.
ولذلك يعتبر المؤرخون أن ظهور أول سفينة فى تاريخ الملاحة يعود إلى عهد نوح عليه السلام، باعتباره أول من ركب البحر، وأوّل من صنع السفينة.
وتتفق الديانة اليهودية والمسيحية والإسلامية، على أمر السفينة، وأن أول من صنعها نوح لحماية المؤمنين والحيوانات وجميع الكائنات الحية من الطوفان العظيم بعدما كثر شر الناس، حيث جاء فى سورة المؤمنون ” فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلَا تُخَاطِبْنِى فِى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ”.
صوامع يوسف
الصومعة مكان تخزين للغلال، وهى عبارة عن مبنى مجهز لتخزين الحبوب وتحميلها وتفريغها قبل بيعها أو استعمالها، وينسب إلى النبى يوسف أنه هو من قام بإنشاء الصوامع، تنفيذًا للنصيحة الإلهية والإرشاد الربانى لسيدنا يوسف عليه السلام، بترك القمح المخزون من أعوام الرخاء إلى أعوام الشدة فى سنابله، حيث كانت المجتمعات منذ العصور القديمة قبله تتخبط فى المشاكل التى تعوق تخزين المواد الغذائية، ويستشهد العديد بالنص القرآنى: «يوسف أيها الصديق أفتنا فى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات لعلى أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون. قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه فى سنبله إلا قليلاً مما تأكلون. ثم يأتى من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلاً مما تحصنون. ثم يأتى من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون» «يوسف» «الآيات 46-49».
داوود أول من صنع الدروع
تذكر العديد من المراجع، أن النبى داود عليه السلام أول من صنع الدروع، حيث أوحى الله سبحانه وتعالى إليه بصناعة الدروع من الحديد؛ ليحمى المقاتلين من أعدائهم، وقد جعل الله سبحانه وتعالى الحديد فى يد داود عليه السلام كالطِين المبلول؛ ليتحكم به، ويشكله كيفما شاء، دون ضربه، أو تعريضه للنار، فقال الله تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِى مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِى السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّى بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ).
وقد ورد عن ابن شوذب أن داود -عليه السلام- كان يصنع كلَ يوم دِرعاً، ويبيعه بنحو ستة آلاف درهم، كما روى أيضاً أنه كان يبيعها بأربعة آلاف درهم، فينفِق منها على نفسه، وأهله، ويتصدَق منها على الفقراء، والمحتاجين.