اشتهرت بالشيخة الحافظة أم السعد امرأة علمت الرجال قراءة القرآن
في ظل الاحتفالات باليوم العالمي للمرأة علينا ألا ننسى السيدة “أم السعد محمد على نجم”, والتى كانت قبل رحيها, أشهر امرأة على وجه الأرض في علم قراءات القرآن الكريم، اشتهرت بـ “الشيخة الحافظة المحفظة”. هذه المرأة الكفيفة التي تمتعت ببصيرة ربانية إلهية وكانت تشد إليها الرحال لتعلم القرآن الكريم على يديها، وكان مشاهير القراء يتباهون بأنها معلمتهم، التي تعلموا على يديها علم القراءات.
ولدت يوم 11 يوليو سنة 1925 بقرية البندارية مركز تلا بالمنوفية، بجمهورية مصر العربية وحفظت القرآن الكريم في مدرسة حسن صبح بمحافظة الاسكندرية، عاشت “أم السعد” بحارة الشمرلي بحي بحري العريق بالإسكندرية. وحصلت على إجازة القرآن الكريم من شيختها السيدة “نفسية بنت أبو العلا”, شيخة أهل زمانها.
في خدمة القرآن
أتمت “أم السعد” حفظ القرآن الكريم وهي في الخامسة عشرة من عمرها وحينها ذهبت إلى الشيخة “نفيسة بنت أبو العلا” “شيخة أهل زمانها” كما توصف، لتطلب منها تعلم القراءات العشر، فاشترطت عليها شرطًا عجيبًا وهو: ألا تتزوج أبدًا، فقد كانت ترفض بشدة تعليم البنات؛ لأنهن يتزوجن وينشغلن فيهملن القرآن الكريم، وكانت شيختها معروفة بصرامتها وقسوتها على السيدات ككل اللواتي لا يصلحن –في رأيها– لهذه المهمة الشريفة !.. ومما شجعها على ذلك أن “نفيسة” نفسها لم تتزوج رغم كثرة من طلبوها للزواج من الأكابر، وماتت وهي بكر في الثمانين، انقطاعًا للقرآن الكريم !
قد أتمت (أم السعد) المهمة الشريفة وحصلت من شيختها (نفيسة) على إجازات في القراءات العشر وهي في الثالثة والعشرين
الزواج
تزوجت الشيخة أم السعد من أحد تلاميذها الذين علمتهم وأجازتهم في قراءة القرآن، وهو الشيخ “محمد فريد نعمان” الذي كان كفيفاً مثلها، وهو صاحب أول إجازة تمنحها الشيخة أم السعد، وأصبح بعدها من أشهر قراء إذاعة الإسكندرية، وقد استمر زواجهما ما يقرب من 40 سنة حتى وفاته في سنة 1996، وهي لم تنجب أولادًا.
وتقول عن قصة زواجها: “لم أستطع الوفاء بالوعد الذي قطعته لشيختي (نفيسة) بعدم الزواج.. كان يقرأ علي القرآن بالقراءات.. ارتحت له.. كان مثلي ضريرًا وحفظ القرآن الكريم في سنّ مبكرة.. درَّست له خمس سنوات كاملة وحين أكمل القراءات العشر وأخذ إجازاتها طلب يدي للزواج فقبلت”. واستمر زواجهما أربعين سنة كاملة لم تنجب فيها أولادًا.. وتعلق قائلة: “الحمد لله.. أشعر بأن الله يختار لي الخير دائمًا.. ربما لو أنجبت لانشغلت بالأولاد عن القرآن وربما نسيته”.
القراءات العشر
والشيخة أم السعد هي المرأة الوحيدة التي تخصصت في القراءات العشر، وظلت طوال 60 سنة تمنح إجازاتها في القراءات العشر، ويبدأ سندها (تسلسل الحفاظ) باسمها ثم اسم شيختها السيدة “نفيسة أبو العلا”، ليمتد عبر العديد من الحفاظ وعلماء القراءات، بمن فيهم القراء العشر عاصم ونافع أبو عمرو وحمزة وابن كثير والكسائي وابن عامر وأبو جعفر ويعقوب وخلف، إلى أن ينتهي التسلسل بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، والجدير بالذكر أنه بين الشيخة أم السعد وبين النبي صلى الله عليه وسلم برواية حفص عن عاصم عن طريق الشاطبية 27 راويًا.
الانتقال إلى السعودية
أهدى إليها أحد التلاميذ هدية عبارة عن رحلة حج وعمرة واستضافة سنة كاملة في الأراضي الحجازية، وهناك منحت إجازات في القراءات المختلفة لعشرات الحفاظ من كل البلاد الإسلامية: السعودية، باكستان، السودان، فلسطين، لبنان، تشاد، أفغانستان.. وأحب إجازة منحتها لطالبة سعودية لم تتجاوز السابعة عشرة من عمرها..”.
الوفاة
توفيت أم السعد في فجر يوم السادس عشر من رمضان من العام 1427 هجرية الموافق 9 / 10 / 2006 عن عمر يناهز واحد وثمانون عاماً وقد شيعت جنازتها من مسجد ابن خلدون بمنطقة بحري بالإسكندرية.
ومن المعروف أنها قد أجازت مشاهير قراء القرآن الكريم، مثل المقرئ الطبيب أحمد نعينع، كما أنها أجازت عشرات القراء من السعودية وفلسطين والكويت ولبنان وغيرها، حيث أعيرت لتحفيظ القرآن بالسعودية والكويت، وكانت وفاتها رحمها الله تعالى في يوم 9 أكتوبر سنة 2006 الموافق ليوم 16 رمضان سنة 1427 هجرية عن 81 عاما.