فن “السلويت” هو نوع من الفنون التى تعتمد على استعمال اللون الأسود على خلفية بيضاء، لإظهار الحدود الخارجية للشكل، ويُطلق عليه أحياناً “التصوير التضادي” لأنه ينفذ بطريقة عكسية للإضاءة أو الرسم.
يعتمد هذا الفن في الأساس على الرسم، لذلك يجب أن يكون فنان “السلويت” رساماً حتى يجيد فيه. كما يتميز بالبساطة حيث يعتمد على أدوات بسيطة وهي المقص والورقة البيضاء والسوداء ولا يستغرق تنفيذه الكثير من الوقت، لم ينتشر هذا الفن بصورة كبير كباقي الفنون لكنه موجود بصورة أكبر في فرنسا وألمانيا واليابان عن باقي الدول.
Table of Contents
فن السلويت.. أصل التسمية
جاءت تسمية هذا الفن باسم “السلويت” من اسم عائلة وزير المالية الفرنسي الذي كان اسمه إتيان دو سلويت (Etienne de Silhouette)، حيث كان وزيراً للمالية في فترة القرن الثامن عشر، حيث دعا الأشخاص في ذلك الوقت إلى الاقتصاد المعقول، حيث قام سلويت بمعاتبة نبلاء فرنسا على قيامهم بهدر الأموال الكثيرة على شراء اللوحات الفنية، إذ أنه في ذلك الوقت كانت رسوم الخيال منتشرة ورخيصة الثمن، مما دعا الفرنسيين إلى إطلاق اسم “سلويت” على ذلك الفن من باب السخرية والطرافة.
وأُطلقت هذه التسمية فيما بعد على الصور الفوتوغرافية التي كانت تعتمد على فن إظهار الخيال.
فن السلويت ورسوم الخيال
في القرن الثامن عشر كان الرسامون يتقاضون مبالغ طائلة لقاء القيام برسم صورة الشخص الراغب في ذلك، وكان هذا الأمر في متناول عدد قليل من الناس فقط، ولهذا السبب، كانت رسوم الخيال منتشرة في ذلك الوقت إلى درجة معينة.
كان على الشخص الذي يريد الحصول على صورته الظلية، أن يجلس بين مصدر الضوء ولوحة الرسم بحيث تسمح إنارة الغرفة أن يظهر ظله بوضوح على لوحة الرسم، ويدير رأسه بحيث يعطي الظل شكلاً جانبياً مميزاً لذلك الشخص، فيقوم الرسام بتخطيط محيط الظل بالقلم، وبعد ذلك يلون المساحة المحصورة داخل المحيط بالحبر الصيني الأسود، ويقصه ويلصقه على ورقة بيضاء، وهكذا يصبح الرسم جاهزاً، وكان بالإمكان أيضاً تصغير محيط الخيال بعد تحديده حسب الرغبة بحيث لا يكون مطابقا للأصل. وبنفس الطريقة تم رسم مشاهد ومناظر طبيعية كاملة.
الإنتشار في أوروبا
في القرن الثامن عشر كان الرسامون يتقاضون مبالغ طائلة لقاء القيام برسم صورة الشخص الراغب في ذلك، وكان هذا الأمر في متناول عدد قليل من الناس فقط، ولهذا السبب، كانت رسوم الخيال منتشرة في ذلك الوقت إلى درجة معينة.
محمد القاضي.. حامل لواء فن السلويت
مبدع من نوع خاص أدواته الورق المقوي والمقص تتجسد فيهما طاقته الإبداعية ليرسم ملامح الوجه بمقصه بعد أن ينسخها في ذاكرته هو الفنان محمد القاضي الذي حمل لواء فن السلويت بعد الفنانة فتنة رشاد التي كانت أول من أدخله لمصر.
محمد القاضي ابن الإسكندرية –وطبقا لجريدة روز اليوسف المصرية– بدأ أولي خطواته العملية بعد حصوله علي دبلوم طباعة الأوفست تخصص رتوش ومونتاج عام 1968، قضي حوالي خمس سنوات في الجيش وهي مدة التجنيد الطويلة والتي بدأت من عام 1969 وحتي عام 1974، مر فيها بعدة معارك مرورا بحرب الاستنزاف وحتي انتصار أكتوبر 73، ليعمل بعدها في شركة مطابع محرم الصناعية، وقد تعرف علي فن السلويت بالصدفة البحتة، وذلك من خلال زيارته للمعرض الصناعي الزراعي في عام 1969 وهي بداية مرحلة التجنيد فشاهد جناحاً لفن السلويت لرائدة هذا الفن في العالم العربي الفنانة فتنة رشاد.
ورغم أنها كانت زيارة سريعة خاطفة نظرا لإقبال الجمهور علي هذا الفن وازدحام المعرض الذي لم يمكنه حتي من رؤية وفهم تفاصيله إلا أن قلبه تعلق به وانبهر بقدرة الفنانة علي رسم بروفيل الملامح الجانبية لأي شخصية بالمقص والورق الأسود في ثوان معدودة.
عقب تلك الزيارة الخاطفة تمني أن يصبح مثل هذه الفنانة فقد انبهر بمسألة تلقي رد فعل فوري من المتلقي للعمل الفني، ولكن ظروف تواجده، بالقوات المسلحة لم تمكنه من الإمساك بالمقص للتجربة فكانت وسيلته الوحيدة هي التخيل والرسم علي الرمال بقطعة خشب، وكان يشعر أنه لو أمسك بالمقص سوف يرسم أي شخصية.
وتحقق له حلمه هذا في أول أجازة وأحس برد الفعل من المحيطين به، وخلال فترة لم تتجاوز الأشهر القليلة قام برسم الأقارب والأصدقاء حتي جاء موعد لقائه بالفنانة فتنة في معرضها عام 1970 وكانت قد سمعت عنه من أحد الأصدقاء والتقي بها بالفعل وعرض أعماله عليها التي أشادت بها وهو ما أعطاه دفعة من الأمل.
وكانت نقطة التحول التي غيرت مسار حياته والتي مازال لها الأثر الطيب في نفسه عندما جاء موعد معرض فتنة رشاد متواكبا مع سفرها لقبرص لحضور معرض نيقوسيا الدولي فطلبت منه أن يقوم بالرسم في جناحها الخاص حتي يعرف جماهيرها ومحبيها أنه يوجد من تأثر بها وبفنها ليكون هذا اليوم بمثابة نقطة انطلاقه في هذا المجال ليشارك بعدها في العديد من المعارض الفنية في أماكن متفرقة بالإسكندرية والقاهرة كما سافر بفنه إلي دولة الإمارات العربية وبالتحديد في الشارقة، وذلك لعمله كرسام ومصمم في مجال الطباعة بمختلف فروعها، ثم نقل بعدها إلي المصانع الحربية للعمل بها وبعد عدة سنوات تقدم بالاستقالة ليتفرغ تمامًا لهوايته في مجال السلويت إلي جانب حرفته في مجال الإعداد الفني للطباعة من خلال العمل الحر.