تجربة فريدة على مستوى العالم تلك التي تقدمها فرقة الشروق المسرحية للمكفوفين أول فرقة جميع أعضائها من المكفوفين باستثناء مؤسسها عاطف أبو شهبه، وأعضاء الفرقة جميعا يؤدون الحركات المسرحية التي يؤديها الممثل العادي، وما يزيد من الصعوبة أنها لا تتبع أي جهة رسمية لا تتلقى أي دعم مادي من جمعيات أو أشخاص وتقدم كل أعمالها المسرحية بالجهود الذاتية.
بدأت فكرة الفرقة تختمر في عقل مؤسسها منذ 11 عاما حينما كان يجلس في مسرح سيد درويش بالإسكندرية وتصادف وجود فريق مدرسة “الأمل للمكفوفين” الذي يؤدون بعض المقطوعات الموسيقية، وهنا فكر في وجود فرقة على نفس الشاكلة، ولكن للتمثيل وليس للموسيقى، وبالفعل ذهب إلى مدرسة الأمل واختار 15 كفيفا كانوا نواة تجربة مسرحية فريدة في نوعها في العالم العربي أجمع.
يقول عاطف أبو شهبه: “يوجد في مصر ما يزيد عن إثنين مليون مواطن يعانون من إعاقات مختلفة 2.060.536 منها إعاقات ذهنية أو إعاقات حركية كشلل الأطراف أو كف البصر يمثل المعاقون بصريا نسبة 7.3% من بين مجمل المعاقين، أي بما يساوي حوالي 151510 مواطن كما جاء في تقرير لمركز البحوث الأجتماعية والجنائية بالقاهرة المنشور في يوليو عام 1999. تتراوح إعاقة البصر ما بين الكف الكامل للرؤية إلي حدة بصر10% مع أستخدم العدسات، ومحليا هناك العديد من الخدمات المادية والاجتماعية والثقافية تقدم للمعاقين مع اختلافهم سواء من خلال أجهزة الدولة أو من خلال الجمعيات الأهلية والخيرية المختلفة. ولكن ما يمكن ملاحظته بسهولة أن الجزء الثقافي في مجتمعنا أيضا لازال الشخص المعاق يعاني من تأثيرات الصور النمطية، التي رسخت في أذهان الغالبية منا، من خلال بعض الأعمال الأدبية والفنية التي تقوم بتصوير المعاق ذهنيا كعبيط القرية، والمعاق بصريا أو الكفيف، هو المقرئ أو المنشد متطفل دائما، أما معاق الأطراف (سيقان أو أذرع) فمكانه الطبيعي هو أبواب المساجد أو الميادين العامة بالمدن الكبرى يتسول العابرين”.
أما علي المستوى العالمي يتزايد الاهتمام حاليا بتحسين أوضاع المعاقين بما يتناسب مع حجم هذه الشريحة، ولأجل تعويض ما فاتهم من إهمال ونسيان، وسوء معامله أحيانا، من جانب الغالبية من الأصحاء. لكن الصورة النمطية السلبية هذه، لم تؤثر كثيرا علي مدي التأبيد أو العون الذي يجده المعاق.
ومن خلال الوعي بتلك الفجوة الثقافية التي يعانيها المكفوف، بدأ التفكير في خوض تجربة تشكيل فريق من المعاقين بصريا لتقديم أعمال مسرحية علي مبادئ أساسية:
1 – أن هذه التجربة ليست عمل “خيري” لصالح المكفوفين كما أنها ليست نشاط” للمعاقين.
2 – لا متاجرة بالإعاقة من أجل استجداء عطف الجمهور.
3- التجربة هي تفاعل ثقافي بين شرائح المجتمع المختلفة، ويجب أن يتم تقيم التجربة علي هذا الأساس، وهذا التقييم يجب أن يرتكز علي جدوى وأهمية ما يقدمه الفريق لإثراء الحياة الثقافية بشكل عام والمسرحية علي وجه الخصوص، شأنها شأن تجارب مسرحية طليعية أخري تستشرف مجالات جديدة للتعبير الدرامي.
وتعود النشأة إلي عام 1994 حينما توجه أبو شهبة إلي إدارة شرق الإسكندرية التعليمية وطلب منهم تقديمه إلي مجتمع طلاب مدرسة النور في زيزينيا الخاصة بالمكفوفين لتكوين فريق مسرحي منهم، ومن بين طلبة المدرسة اختار 15 طالبا بالإضافة إلي فتاة مبصره من خارج المدرسة، واختار نص ( جحا و السلطان) كأول عرض مسرحي يقدمه الفريق، وبدأت المهمة داخل مبنى في المدرسة يستخدم لتخزين الأثاث القديم . التدريبات لم تكن مهمة سهلة، وكان التحدي هو الأساس لتدريب هؤلاء المكفوفين علي كيفية التحرك علي خشبه المسرح بجانب التدريب علي تكنيك الأداء المسرحي وباقي مفردات المسرح.
وبعد أسابيع قليلة جاءت لحظه مواجهة الجمهور علي خشبه مسرح قصر ثقافة الانفوشي وجاء رد فعل المشاهدين مذهلا و مشجعا لأبو شبهة لأن يستمر بالتجربة، حتى قدم وفرقته عددا كبيرا من المسرحيات منها:
1994 مسرحية (على جناح التبريزي وتابعه قفة) علي مسرح قصر ثقافة الانفوشي من خلال فعاليات المهرجان الأول للمسرح الدولي بتنظيم من قسم المسرح بآداب الإسكندرية متعاونا مع البيت الفني للفنون الشعبية. النص من تأليف: الفريد فرج.
1995 إعادة تقديم (على جناح التبريزي وتابعه قفة ) علي مسرح الهناجر بالقاهرة، وقامت جمعية الشبان المسلمين بالإسكندرية بتقديم سطح مبناها في بالشاطبي لأداء البروفات والتدريبات.
1996 مسرحية (أوضـــة الفــيران) علي مسرح قصر ثقافة الانفوشي تفضل مدير المركز الثقافي الأسباني بالإسكندرية بتقديم مكان للبروفات، والنص من تأليف: حمدي زيدان.
1997 إعادة تقديم (على جناح التبريزي وتابعه قفة) خلال فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب وتم استخدام أحد مدرجات كلية الآداب جامعة الإسكندرية للتدريبات والتحضير.
1998 مسرحية (اللعبة) علي مسرح الطليعة بالقاهرة من خلال فعاليات مهرجان المسرح العالمي الذي نظمته جمعية هواة المسرح، ومرة أخري استضافت جمعية الشبان المسلمين بالشاطبي الفرقة لإجراء بروفات، وكان النص من تأليف الكاتب: فيمي يا جوبا
1999 مسرحية (حـزن المطـر) علي مسرح الهناجر بالقاهرة في إطار نشاطات جمعية هواة المسرح واستضاف الفرقة المركز الثقافي الفرنسي بالإسكندرية لإجراء البروفات والتدريبات الخاصة بالعرض، والنص مأخوذ عن ديوان أنشودة المطر للشاعر: العراقي الكبير بدر شاكر السياب.
2000 إعادة عرض (حزن المطـر) علي مسرح الانفوشي بالإسكندرية في إطار مهرجان نوادي المسرح.
2001 إعادة عرض (حزن المطـر) كإهداء من الفريق وشكر للمركز الثقافي لفرنسي.
2002 إعادة عرض (حزن المطـر) بمكتبة الإسكندرية في إطار مهرجان الأول للفرق الحرة.
2003 عرض (البين بيـن) للكاتبة “فتحية العسال” ضمن فعاليات معرض القاهرة للكتاب في دورته الـ35.
2003 إعادة عرض (البين بيـن) في مهرجان محكي القلعة المقام في الفترة من 20 يوليو وحتى 9 أغسطس 2003.
وحاليا يستعد الفريق لتقديم عرض ( قانون فوفو وبسه) للأديب / حجاج أدول ، وكذلك تجربة ارتجالية بعنوان (حسين علي اسم جده) .
يأمل الفريق ومؤسسه دخول مهرجانات محلية وعالمية أوسع نطاقا لتوسيع قاعدة الرؤية ونشر التجربة علي المستوي المحلي والدولي لتقديم التجربة بشكل أوسع من نطاقها المحلي، ومحاولة الوصول بالفريق لتقديم عرض مسرحي خاص يتذوقه جمهور المكفوفين أيضا وليس العادي فقط من خلال الاعتماد علي مفاتيح التلقي لدي المكفوف، وأخيرا التواصل مع الفرق المماثلة التي خاضت تلك التجربة علي المستوى العالمي لتبادل الخبرات في هذا المجال.