كل ما يحتاجه المعادين للاجئين هو الحب والمثل الإيجابي ، مع منحهم كمية كافية من هرمون غريب اسمه “هرمون العناق” الأمر الذي قد يزيد من لطفهم تجاه اللاجئين.
وبحسب دراسة جديدة أجريت في ألمانيا اكتشفت أنَّ إعطاء بعض الأشخاص هرمون “الأوكسيتوسين” إلى جانب وجود ضغطٍ اجتماعي إيجابي يُزيد اللُطف تجاه اللاجئين، حتى بين أولئك الذين يخافون من الأجانب.
وذكرت صحيفة الديلي ميل البريطانية في تقرير لها أن الهرمون يُفرَز طبيعياً من البشر أثناء ممارسة سلوكٍ اجتماعي أو جنسي، ووَجَد البحث أنَّه يخلق شعوراً بالثقة والسخاء لدى بعض الأشخاص الآخرين.
واستقبلت ألمانيا مئات الآلاف من اللاجئين عام 2015 وأغلبهم من السوريين والعرب.
هرمون الأوكسيتوسين .. أكثر من اسم
منذ بدأ الباحثون الكشف عن آثاره على السلوك، أطلق على هرمون الأوكسيتوسين أكثر من اسم مثل هرمون العناق، عناق الكيميائية، هرمون النعيم، علما أنه له وظائف بيولوجية في الإنجاب لدى الأناث.
وللهرمون تأثيرات على السلوكيات الاجتماعية والاستجابات العاطفية التي تساهم في الاسترخاء والثقة والاستقرار النفسي.
ويعتبر الأوكسيتوسين علاج محتمل للأمراض النفسية إذ يمكن أن يساعد الأشخاص الذين يعانون من الاضطرابات مثل التوحد إلى جانب ازالة القلق ، كما يمكن استخدامه خاصة في الاضطرابات العصبية والنفسية، التي يصاحبها خوف مستمر، وانخفاض الثقة وتجنب التفاعلات الاجتماعية.
كما أن الجماع يحفز إفراز الأوكسيتوسين، الذي له دور في الانتصاب والنشوة الجنسية، ولا يفهم السبب في ذلك تماما، ولكن في النساء، يزيد من حركة الرحم لتساعد على حركية الحيوانات المنوية ووصولها الى تخصيب البويضة.
ويعتقد بعض الباحثين أن الأوكسيتوسين يلعب دورا في النشوة الجنسية، ويقترح وجود علاقة بين تركيز الأوكسيتوسين وشدة النشوة الجنسية .
وأظهرت دراسة نشرت عام 2011 أن الأوكسيتوسين يحسن التصور الذاتي في المواقف الاجتماعية ، وتضخيم سمات الشخصية مثل الدفء والثقة والإيثار والانفتاح .
وهذا الهرمون هو الذي يسمح لنا أن نحب، قد يشجعنا أيضا على الكذب، وهو ما أظهرته دراسة نشرت عام 2014 حيث وجدت أن المشاركين الذين تعرضوا الى الأوكسيتوسين هم أكثر عرضة للكذب لمصلحة المجموعة .
هذه الأمور قادت العلماء لوصف هذا الهرمون بأنه واحد من “أنظمة تعديل العصبية الواعدة” .
تجارب العلماء
رينيه هيرلمان المُعِدُّ الرئيسي للدراسة التي تناولت تأثير الأوكسيتوسين على المواقف من اللاجئين قال : “قد يُقلِّل المزيج بين زيادة نسبة الأوكسيتوسين وتأثير الأقران المحيطين من الدوافع الأنانية. وفي ضوء توافر ظروفٍ مناسبة، قد يساعد الأوكسيتوسين في تعزيز تقبُّل المهاجرين، ودمجهم في الثقافات الغربية”.
وأشارت الديلي ميل إلى أنه في التجربة الأولى للدراسة ، عرَض علماءٌ من جامعة بون الألمانية على الـ183 شخصا الذي شاركوا في الدراسة ، سلسلةً من 500 قصة موجزة وحقيقية عن لاجئين أو مواطنين ألمان أصليين فقراء مع عرض بعض، احتياجاتهم الشخصية.
وصُوِّرت نصف القصص عن الأشخاص المحتاجين على أنَّها قصص لاجئين، وصُوِّر النصف الآخر على أنَّها قصص مواطنين ألمان.
ومُنِح المشاركون في الدراسة وفق الصحيفة 50 يورولكلٍ منهم، وكان مُتاحاً لهم التبرع لكل حالةٍ بيورو واحد كحدٍ أقصى، مع ترك الباقي لهم كمكافأةٍ شخصية.
وقالت نينا مارش، المُشارِكة في البحث: “فوجئنا بأنَّ تبرعات المشاركين في التجربة الأولى للاجئين فاقت تبرعاتهم للسكان المحليين المحتاجين بنحو 20%”.
وفي تجربةٍ أخرى مستقلة شملت أكثر من 100 مشارك، خضع سلوك المشاركين تجاه بعض اللاجئين لتقييمٍ في استبيان.
مفاجأة
في الجزء التالي من التجربة حدثت مفاجأة، فقد تم إعطاء نصف المشاركين هرمون الترابط، الأوكسيتوسين، عبر بخَّاخٍ أنفي.
وتم إعطاء النصف الآخر دواءً وهمياً قبل خوضهم مَهمة التبرع المستخدمة في التجربة الأولى.
وتحت تأثير الأوكسيتوسين، ضاعَف الأشخاص الذين كانوا يميلون أصلا إلى إبداء سلوكٍ إيجابي تجاه اللاجئين تبرعاتهم للسكان المحليين واللاجئين على السواء .
المفاجأة أن الأوكسيتوسين لم يُسبِّب أي تأثيرٍ إيجابي على الأشخاص الذين أظهروا سلوكاً أكثر تحفُّظاً تجاه المهاجرين، إذ كانت الرغبة لديهم في التبرع منخفضةً للغاية، سواءٌ للسكان المحليين أو اللاجئين.
وأوضح هيرلمان ذلك قائلاً: “يُزيد هرمون الأوكسيتوسين من السخاء تجاه المحتاجين بوضوح، ومع ذلك، إذا كان هذا السلوك الإيثاري الأساسي مفقوداً، لا يُمكن للهرمون وحده أن يخلقه”.
تجربة أخرى
وفي تجربةٍ ثالثة، اكتشف الفريق أنَّ إضافة نماذج اجتماعية إيجابية يُزيد السخاء لدى المشاركين الكارهين للأجانب في الاختبار زيادةً كبيرة.
وفي هذا الاختبار، عَرَض الفريق على المشاركين متوسط تبرع أقرانهم في التجربة الأولى في كل قصة تبرع.
وتناول نصف المشاركين هرمون الأوكسيتوسين مرةً أخرى، بينما تناول النصف الآخر دواءً وهمياً.
وقالت نينا: “والآن، حتى الأشخاص الذين يُكِنون مشاعر سلبية تجاه المهاجرين تبرعوا للاجئين بأكثر مما تبرعوا لهم به في المرة الماضية بنحو 74%”.
ومن خلال التطبيق المشترك بين تناول هرمون الأوكسيتوسين ووجود نموذج اجتماعي، بلغت التبرعات التي حصل عليها اللاجئين من أولئك المُتشكِّكين في المهاجرين ما يعادل نحو نصف التبرعات الإجمالية التي منحتها المجموعة التي أبدت سلوكاً إيجابياً تجاه اللاجئين.
وقالت نينا للديلي ميل البريطانية: “تُشير نتائجنا إلى أنَّه ينبغي تسليط تركيزٍ أكبر على إتاحة عقد لقاءاتٍ بين مواطني البلدان المُضيفة تتناول نماذج اجتماعية إيجابية”.
وأضافت: “على سبيل المثال، إذا صار الأشخاص الذين نثق بهم، مثل مُشرفينا، أو جيراننا، أو أصدقائنا، بمثابة نموذجٍ اجتماعي يُحتذى به بإعلان موقفهم الإيجابي تجاه اللاجئين، سيشعر مزيدٌ من الناس حينئذٍ بدافعٍ قوي للمساعدة”.