اختراعاتابتكارات جديدهاختراعات بيئيةالمجلةبنك المعلومات

“جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية”.. تطوير مستشعرات ضوء اقتصادية تُسهم في الكشف المبكر عن آفات النخيل

سوسة النخيل الحمراء Rhynchophorus ferrugineus أسم لنوع من الخنافس ذات الخطم تعتبر من أخطر الآفات الحشرية التي تهاجم النخيل بالمملكة العربية السعودية وكثير من دول العالم. تم اكتشاف أول إصابة بها في السعودية في بداية عام 1987م. ثم انتشرت بعد ذلك إلى دول الخليج العربي الأخرى ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتتبع سوسة النخيل الحمراء رتبة الحشرات غمدية الأجنحة. وتتسبب في خسائر اقتصادية سنوية تقدر بملايين الدولارات حول العالم، إلا أن فريقًا بحثيًّا صغيرًا في المملكة العربية السعودية ابتكر طريقةً فعّالةً من حيث التكلفة، تستخدم نبضات الليزر لاكتشاف المراحل المبكرة جدًّا من تفشِّي الإصابة بالآفة، مما يمنح المزارعين وقتًا كافيًا لإنقاذ أشجارهم.

سوسة النخيل الحمراء هي خنفساء طائرة، تتغذى وتضع بيضها داخل نخيل التمر، وتعد كنوعٌ من الخنافس النباتية التي نشأت في آسيا الاستوائية. وانتشرت هذه الخنفساء على مدى العقود القليلة الماضية، حتى وصلت إلى جزء كبير من مناطق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وإلى منطقة البحر الأبيض المتوسط بأكملها تقريباً.

تتسبّب يرقات السوسة، أي الحشرات وهي في مرحلة تطورها من بيضة إلى ما قبل شكلها البالغ، بأضرار جسيمة وواسعة النطاق لأنواع معينة من أشجار النخيل.

وتقضي يرقات السوسة دورة حياتها البالغة أربعة أشهر، داخل أجذع أشجار النخيل، وتعمل على تفريغها من الداخل حتى تموت الشجرة.

ووفقًا للدكتور اسلام عشري، الباحث في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) والذي يعمل على مستشعرات الألياف البصرية، واستشعار البلازمونات، والمواد النانوية، فانه عندما تظهر أضرار واضحة بالأشجار بسبب تفشِّي الإصابة بالسوسة، يكون أوان إنقاذ الأشجار الأوان قد فات، مشيرًا إلى أن هناك عدة وسائل تُستخدم حاليًّا للكشف عن تفشِّي الإصابة بسوسة النخيل الحمراء، “لكنها غير موثوق فيها أو غير مُجدية في مزارع النخيل الكبيرة”، على حد قوله.

يوضح البروفيسور خالد  نبيل سلامة، أستاذ الهندسة الكهربائية والحاسوبية في “كاوست”،  أن الصعوبة الرئيسية لهذا التحدي تكمن في أن المرض كله يحدث داخل الشجرة، لذلك سيكون من الضروري ان تركّز طرق الكشف المبكر على معرفة ما إذا كانت السوسة تعيش داخل الشجرة، حتى يتمكن الخبراء من اتخاذ الإجراءات المناسبة والقضاء عليها قبل أن تفتك بها.

 وفي أثناء قراءة مقال عن الآثار المدمرة لهذه الآفة، أدرك البروفيسور بوون إس أووي، أستاذ الهندسة الكهربائية والحاسوبية في “كاوست” أن عمله في علم الضوئيات يمكن أن يكون مفيدًا في هذا الصدد.https://player.vimeo.com/video/410064374?dnt=1&app_id=122963

ويقول أووي موضحًا: “يمكن للألياف البصرية أن تكشف بكفاءة عن صوت ضعيف جدًّا على مدى عدة كيلومترات”، ومن ثمَّ قاد فريقًا من الباحثين، بالتعاون مع يوسف الفهيد في وزارة البيئة والمياه والزراعة بالمملكة العربية السعودية، لتقصِّي إمكانية استخدام الألياف البصرية كوسيلة فعّالة من حيث التكلفة وغير مؤذية لاكتشاف أصوات المضغ الصادرة عن اليرقات الصغيرة في وقت مبكر جدًّا.

 

والألياف البصرية هي عبارة عن خيوط طويلة ورفيعة جدًا لا يتعدى سمكها سمك الشعرة، وتُستخدم في نقل الإشارات الضوئية لمسافات بعيدة.

واستجابة لهذه التحديات، طوّر باحثو “كاوست ” طريقةً تتضمن إرسال نبضات ليزر من جهاز استشعار إلى ألياف بصرية، يمكن لفها حول جذوع أشجار متعددة على مساحة شاسعة؛ إذ يتفاعل الصوت مع الإشارة الضوئية داخل الألياف ويغيّر من ترددها، في حين تقوم الألياف بإرسال البيانات إلى المستشعر، الذي يمكنه -بدقة نسبية- إبلاغ المزارعين بالأشجار السليمة أو المصابة.

قبل استخدام نظامهم، سجل الباحثون صوت يرقات عمرها ١٢ يومًا لتحديد بصمتها الصوتية، كما قاموا بتسجيل وتحديد البصمات الصوتية لضوضاء الخلفية المعتادة، مثل الرياح والطيور.

 كانت ترددات الأصوات مختلفةً بما يكفي ليتمكنوا من استخدام مرشح في مستشعرهم يتجاهل معظم الضوضاء غير ذات الصلة، كما طوّروا أيضًا خوارزميةً تحلّل الإشارة الواردة لإبراز ضوضاء اليرقات.

أظهرت الاختبارات المعملية على الأشجار الصغيرة أن النظام يميّز بين الأشجار السليمة والأشجار المصابة على نحوٍ موثوق.

وفي هذا الصدد يقول الباحث العلمي الدكتور يوان ماو من،  في “كاوست”: “يمكن لمستشعرنا توفير ميزة المراقبة المتزامنة، منخفضة التكلفة، غير المؤذية، على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع لنحو ألف نخلة باستخدام ألياف بصرية بطول ١٠ كيلومترات، واكتشاف يرقات لا يتجاوز عمرها ١٢ يومًا”.

يخطط فريق الباحثين لخطواته المقبلة لنشر نظامهم للاستشعار في مزارع واسعة النطاق في الهواء الطلق، ويقول عشري: “سيتطلب ذلك تعديلات على النظام، ليشمل تقنيات متقدمة لمعالجة الإشارات، يمكنها تجاهل الضوضاء الموجودة في هذه البيئات”.

زر الذهاب إلى الأعلى