إلى جانب انشغالها بالبحث العلمي تولي المغربية “مريم الياجوري” اهتماما كبيرا بمجال تبسيط العلوم للجمهور الناشئ بالمغرب، حيث قامت بتدشين قافلة الفضاء المغربية المتجولة.
الياجوري متخصصة في الفيزياء الفلكية وهندسة الفضاء، استطاعت تضع لنفسها مكانة في هذا المجال كعالمة شابة ملهمة للشباب العربي، حيث نالت مريم جائزة الدكتوراه لسنة 2018 من قبل الاتحاد الفلكي الدولي The International Astronomical Union، وتسلمتها في الجمع العام الحادي والثلاثين للاتحاد الذي انعقد في كوريا الجنوبية بين الثاني و11 أغسطس، بعد تأجيله من عام 2021 بسبب جائحة كورونا.
تحليل بيانات تلسكوب جيمس ويب
تعمل الياجوري في وقتنا الراهن على تحليل بيانات تلسكوب الفضاء جيمس ويب، كباحثة مؤقتة في معهد الفيزياء الفلكية في أورساي التابع لجامعة باريس ساكلاي.
بداية المشوار
بدات الياجوري مشوارها البحثي بتوجيه من الباحثة “فرنسوا كومبس”, وهي باحثة بارزة في علم الفلك في فرنسا التي نصحتها باتباع مسار (البكالوريوس-الماجستير-الدكتوراه)، للعمل في مجال الفيزياء الفلكية.
وبعد أن أمضت مريم سنتين في الأقسام التحضيرية، قامت بإتمام السنة الثالثة منها في كلية العلوم بالرباط التي حصلت فيها على الإجازة (الليسانس) عام 2013 بتقدير جيد.
وواصلت مريم دراستها في جامعة “بيير وماري كوري” في فرنسا للحصول على درجة الماجستير في علم الفلك والفيزياء الفلكية وهندسة الفضاء بين عامي 2013 و2015، وبعد ذلك انضمت إلى فريق الباحثة “روزين لالمون” (مديرة أطروحتها في الدكتوراه) في مرصد باريس لإعداد الدكتوراه.
الحصول على الدكتوراه
وفي عام 2018 حصلت على درجة الدكتوراه، ثم شغلت منصب مساعدة تدريس وباحثة مؤقتة في الفريق نفسه، وأتيحت لها الفرصة لقضاء 3 أشهر في المرصد الأوروبي الجنوبي في تشيلي ضمن مشروع تعاون دولي.
جائزة الدكتوراه من الاتحاد الفلكي الدولي
حصلت الياجوري على جائزة الدكتوراه من الاتحاد الفلكي الدولي وتعد هذه هي المرة الأولى التي يحصل فيها طالب أفريقي أو عربي على هذا التتويج، وكانت هذه هي المرة الثانية في فرنسا.
تمنح جائزة الدكتوراه (التي بدأت منذ عام 2016) من قبل أحد الأقسام التسعة المكونة للاتحاد الفلكي الدولي تقديرا للإنجازات العلمية البارزة في الفيزياء الفلكية حول العالم، حيث تتاح لكل قسم مرة واحدة في العام، الفرصة لمنح جائزته الخاصة للمرشح الذي يشعر أنه قام بتنفيذ أكثر الأعمال تميزا خلال سلك الدكتوراه على المستوى الدولي.
ووفقا للياجوري يندرج عملها البحثي في مجال القسم (هـ) قسم الوسط بين النجمي والكون المحلي (النطاقات المنتشرة بين النجوم)، وتتمحور الأبحاث التي يغطيها القسم حول دراسة الوسط البينجمي والنجوم في مجرتنا درب التبانة وفي المجرات القريبة”.
تم اختيار الياجوري استنادا إلى قيمة المقالات البحثية التي نشرتها كمؤلفة أولى وعددها 4، بالإضافة إلى مساهمتها في 5 مقالات أخرى، خلال السنوات الثلاث التي قضتها في سلك الدكتوراه.
جائزة العلماء الشباب في الفلك
حظيت الياجوري هذا العام بتتويج في المهرجان الدولي للفلك في مدينة إيفران المغربية بجائزة أفضل باحثة شابة في المغرب في مجال علم الفلك. وجاء تتويجها بهذه الجائزة المحلية في إطار الاحتفاء بالعلماء الشباب الذين قدموا مساهمات علمية في مجال علم الفلك، تشجيعا لهم لما يقومون به من جهود كبيرة سواء في المجال العلمي على الصعيد الدولي، وفي مجال تبسيط العلوم للجمهور المغربي بمختلف فئاته في مختلف المدن والقرى المغربية.
كما نالت مريم درع المتألقات في مجال تخصصها من الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة ضمن برنامج “متألقات” الذي يعرف بنساء ملهمات من شتى الميادين داخل المغرب وخارجه.
قافلة الفضاء المتجولة
إلى جانب انشغالاتها العلمية والمهنية تولي اهتماما كبيرا بمجال تبسيط العلوم للجمهور الناشئ بالمغرب؛ حيث قامت بتأسيس قافلة الفضاء المغربية المتجولة (SpaceBus Maroc).
تقول مريم لموقع الجزيرة: “بالتوازي مع عملي في البحث والتدريس، في بداية رسالتي، في أكتوبر/تشرين الأول 2015، قابلت باحثين من مرصد باريس شاركوا في قافلة الفضاء في السنغال، وهي نوع من القوافل العلمية التي تعبر المدن لنشر العلوم وأغرتني الفكرة وأردت أن يستفيد بلدي من مثل هذه المبادرات”.
تقول مريم حول هذا المشروع “كان هذا مشروعا قريبا من قلبي لكنني علمت أنه لا يمكنني تنفيذ مثل هذا المشروع الكبير بمفردي، كانت هناك حاجة لمقابلة الناس وتشكيل فريق في فرنسا وفريق في المغرب، كنت أعرف بالفعل البروفيسور سمير القادري وزهير بن خلدون اللذين أسهما في توجيهي العلمي”.
وتضيف “فوجئت بوجود شبكة ضخمة من جمعيات هواة علم الفلك في المغرب، وهم أناس شغوفون يساهمون بشكل كبير في تبسيط العلوم لعامة الناس، لذلك دعوت كل هؤلاء الأشخاص البارزين في هذا المجال والعديد من الخبرات العلمية والتنظيمية”.
وتتابع مريم “طوال سبتمبر 2016، عبرت شاحنة مصممة لهذه المناسبة 17 قرية ومدينة في المغرب، وتم تعريف حوالي 15 ألف شخص من جميع الأعمار والفئات بالعلوم من خلال علم الفلك على مسار بلغ 3 آلاف كيلومتر.
وتوضح مريم أن النسخة الأولى من قافلة الفضاء كانت ناجحة، حيث يمكن وصفها بأنها ملهمة وإنسانية، وتبنى المبادرة نفسها زملاؤها الفرنسيون الذين شاركوا في قافلة الفضاء المغربية، وهذا أدى إلى إنشاء قافلة الفضاء في فرنسا، التي أصبحت جمعية رائدة في هذا المجال.
وشغلت مريم نائب رئيس رابطة هواة علم الفلك بمراكش عام 2017، كما تم تعيينها منسقة لجنة التواصل الوطنية المغربية لنشر علوم الفلك بعد عودة المغرب إلى الاتحاد الفلكي الدولي عام 2020.