في عالمٍ من الأولويّات، أعاد فريقٌ من الباحثين في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس الحركةَ والقدرةَ على التّحكّم إلى أيدي وأصابع ستة أشخاص يعانون من إصاباتٍ حادّةٍ في الحبل الشوكي بعد أربعة أسابيع فقط من تدريب المجموعة على نظام التنبيه الشوكيّ غير الجراحي.
قبل إدراج ذلك في الدراسة التي نُشرت في دورية نيوروتروما، عانى ثلاثة مشاركين من شللٍ جزئيٍّ أثّر بشكلٍ ملحوظٍ على حركة أيديهم، وأُصيب ثلاثةٌ منهم بالشلل التام لمدة سنةٍ واحدةٍ على الأقل وحتى 21 عامًا، بعد تضرر حبالهم الشوكيّة الرقبيّة.
بعد ذلك، وُضع الأشخاص الستّة في أماكن كمختَبرين لدى المؤلّف الأوّل ورئيس مخبر عمليّات إعادة تأهيل الأعصاب التجريبية ريجي إدجرتون، والتي تُدعى تأهيل التحكم الحركيّ عبر الجلد أو tEmc.
خلال كل جلسة، حاول المشاركون الضغط على جهازٍ مزوَّدٍ بنابض وقبض أيديهم لعدة ثوان، في حين أنّ الأقطاب الكهربائيّة الموضوعة في نقاطٍ استراتيجيّة من جلد الرقبة نقلت تيّارًا كهربائيًا متفاوت الشدة وتمَّ التكرار إلى مجموعات العصبونات أسفلها.
قال إدجرتون في بيانٍ له: «بعد ثمانِ جلساتٍ فقط، كان بإمكانهم القيام بأشياء لم يكونوا قادرين على القيام بها منذ سنوات، بالإضافة إلى قبض اليد، استعاد العديد من المرضى بعض الحركة في أرجلهم، والقدرة على الجلوس دون مساعدة، وأظهروا تحسُّنًا في المثانة ووظيفة القلب والأوعية الدموية».
يعتمد هذا العمل على الإلهام الحديث، والذي كشف عنه إدجيرتون وزملاؤه الحاليون والسابقون، إذ أنَّ الاتصالات العصبية بين العضلات والحبل الشوكي تبقى سليمةً بعد سنواتٍ من الخمول بسبب إصاباتٍ جزئيّةٍ أو حتى تامّة في النخاع الشوكيّ، وبفضل اللّدونة المتأصّلة في الخلايا العصبية، كان باستطاعتها التّشكّل لتنقلَ السيالات العصبية مجدّدًا.
في عام 2014، أعاد مُختبر إدجرتون وجامعة لويس فيل السيطرة الحركيّة الإراديّة إلى أرجل أربعة رجالٍ أُصيبوا بالشلل التام في أطرافهم السفلية منذ سنواتٍ على الأقل.
قاموا بذلك باستخدام جهاز يعمل على التنبيه المستمرّ للحبل الشوكيّ من خلال شبكة أقطابٍ كهربائيةٍ مزروعة.
لاعتقادهم أنّ التّدخل غير الجراحي يمكن أن يحقق النتائجَ نفسها، طوّرَ الفريق نظام tEmc، ثم دُعي تنبيه الحبل الشوكي الكهربائيّ عبر الجلد.
أثبت اختبارٌ ناجحٌ على خمسة رجال آخرين يعانون من شللٍ كاملٍ في الساق فرضيتهم في عام 2015.
أوضح الدكتور باراج جاد؛ المؤلِّف الرئيسيّ للدراسة الحالية والمساهم في ورشة 2015، لـ iflscience أن tEmc يعملُ بدايةً على تفعيل الشبكات العصبيّة النائمة، والتي بدورها تنشِّط المجموعات العضليّة المناسبة لتحسين وظيفة الأطراف، ومع مرور الوقت، يؤسِّسُ هذا اتّصالًا ثنائي الاتجاه بين الدماغ والعضلات، ما يسمح للمريض في النهاية أن يحافظ على الوظيفة حتى عند إيقاف التنبيه.
في السنوات القليلة الماضية، نجحت العديد من المجموعات البحثيّة الأُخرى أيضًا في إعادة الحركة للأفراد المصابين بالشلل الجزئيّ والتام، ومع ذلك فإنّ أساليبَهم لا تزالُ تعتمدُ على نوعٍ من الأجهزة المزروعة جراحيًّا.
إنّ النظام الذي يعيد الحركة دون الحاجة إلى إجراءٍ جراحيٍّ وإلى زراعة، قد يحتاج إلى استبدالٍ على مرّ السنين، وهو بالتالي، مغيّرٌ للّعبة تمامًا.
وقال إدجرتون: «لقد انتُقدت كثيرًا لإعطائي أملًا كاذبًا، لكننا نتبع الطريق الذي يوجهنا إليه العلم ونعطي فقط نتائجَ الأبحاث، كل شيء يخبرنا أنّ الجهاز العصبي أكثر قدرة على التكيّف مما أعطيناه من موثوقية، ويمكنه إعادة التعلم والشفاء من الإصابة الشديدة».
ولكن ما تزال النتائج على المدى الطويل بعد العلاج باستخدام tEmc مجهولةً حاليًّا.