الحاج محمود عابدين شيخ الفخارين، رئيس الجمعية المصرية لتنمية وتطوير صناعة الفخار والخزف بمدينة الفسطاط، وهو من مواليد القاهرة عام ١٩٣٤، ورث المهنة عن جدوده «القناويين»، عشق المهنة منذ صغره كبر معها، لم يكمل دراسته لأنه كان العائل الوحيد لأسرته.
ويحكي الحاج محمود عن أسرار الصناعة، قائلاً: أكيد هناك شروط لعامل الفخار الجيد، ومنها أنه عندما يبدأ يكون عمره لا يزيد علي عشر سنوات، لأنها مهنة إحساس والإحساس لابد أن يُزرع في الطفل وهو صغير، ويتركز في كف اليد يعرف متى الطين خُمر أو «استوي» وبعد ذلك يقدمه للصانع يصبغه.
لا يوجد شكل معين لقطعة الفخار، فالصانع يصنع الشكل الذي يخطر علي باله فهي مهنة إحساس من الطراز الأول.
وعن مراحل صناعة الفخار، يؤكد الحاج محمود أن لكل قطعة طريقة خاصة بها، فهناك قطع تصنع علي مرحلتين وقطع أخري تصنع علي ست مراحل.
ويؤكد الحاج محمود أن مهنة الفخار مهنة مربحة جداً في أي مكان، أما في مصر فهي مهنة فقيرة جداً، علي الرغم من أن مصر بها الفسطاط أقدم مدينة في التاريخ لصناعة الفخار من عهد الفراعنة، بالإضافة إلي وجود سبع مدن مذكورة في التاريخ لصناعة الفخار، منها: تونس، المغرب، الفسطاط، تايلاند، نيوزيلاندا، المكسيك، والفسطاط أقدمهم جميعاً.
أهم ما يميز الفخار المصري هو العامل الماهر، فصانع الفخار المصري يتميز بالمهارة والإتقان.
هناك أنواع من الطين الذي يستخدم في صناعة الفخار فهناك الطين الأسواني والاسبوكله والبروسلين طمي النيل وأحسنها جودة هو الطين الأسواني.
ويقول الحاج محمود: إن العديد من طلاب كليات الفنون الجميلة والتطبيقية يزورونه كثيراً، ومنهم من يحضر دراسات عليا عن الفخار، ويشير الحاج محمود إلي ولع واهتمام الفرنسيين بالفخار، فهناك في متحف اللوفر جزء خاص بفخار الفسطاط، وفي أواخر التسعينيات سافر ابني أشرف إلي فرنسا وأخذ معه صانع فخار ودولاباً «الآلة التي يستخدمها في تشكيل الفخار»، والطين وحضر معرضاً في فرنسا خاصاً بالأعمال اليدوية، وكان الفرنسيون يقفون في دهشة وانبهار عندما يرون صانع الفخار يشكل من الطين إنساناً أو زهرية أو لعبة أطفال، وكتبت حوالي ١١ جريدة في فرنسا عن الفرعون المصري.
ويتذكر الحاج محمود حكاياته مع الفخار، قائلاً: أنا شاركت في فيلم أجنبي اسمه «الوصايا العشر» عام ١٩٥٥ يحكي عن قصة «سيدنا موسي»، حيث طلب من مخرج العمل صناعة الإكسسوارات الخاصة بالفيلم، وكانت كلها مصنوعة من الفخار، وقاموا بإحضار الإكسسوار المستعمل في هذا الوقت من أمريكا.
ويستطرد الحاج محمود كلامه قائلاً: زمان في الأحياء الشعبية كان جهاز العروسة لا يخلو من الفخار، وكان أهل العروسة يشترون صينية نحاس وعليها أربع قلل مزينة بالحلي، والعفش كان علي عربيات الكارو والدولاب يحملوه أربعة وصينية القلل النحاس في المقدمة، بالإضافة إلي قدرة السمنة البلدي المصنوعة أيضاً من الفخار، وكانت موجودة في البيوت الغنية والفقيرة، وقلة السبوع وفي الأرياف الوبور العجين كانت القرصة مصنوعة من الفخار.
وعن مستقبل الفخار في مصر، يتمني شيخ الفخارين أن تهتم الدولة بهذه الصناعة في مصر، لأن الفخار في مصر الآن صناعة تموت.