تفاجأ العالم يوم الثلاثاء 17 سبتمبر/أيلول الجاري بانفجار مئات أجهزة الاستدعاء (البيجر) في الجنوب اللبناني، مسببا مقتل نحو 12 شخصا، بينهم طفلان، إضافة إلى إصابة ما يقرب من 3 آلاف شخص.
في اليوم التالي شهدت لبنان مزيدا من الانفجارات في ربوعها المختلفة بأجهزة أخرى، مما أدى إلى مقتل 14 شخصا، وإصابة ما يقارب 500. وفقا للجزيرة نت .
Table of Contents
تفاصيل ما حصل
كشف مصدر أمني لبناني لموقع الجزيرة عن بعض تفاصيل ما حدث من تفجير أجهزة اتصالات “بيجر” يستخدمها عناصر حزب الله اللبناني، أدت إلى مقتل 12 شخصا وإصابة الآلاف. وقال المصدر إن تلك الأجهزة كانت مفخخة بشكل مسبق، عبر إضافة كمية لم تتجاوز 20 غراما من المواد المتفجرة.
وأفادت مصادر أخرى بأن المادة المتفجرة التي أضيفت لأجهزة البيجر التابعة لحزب الله يرجح أن تكون من نوع “آر دي إكس” أو “متفجرات التدمير الملكي” وتسمى أيضا “الهكسوجين”، وهي مادة تحمل الاسم الكيميائي “سيكلوتريميثيلين ترينترامين”، وهي معروفة بثباتها الجيد وإنتاجها العالي للطاقة، مما يجعلها مناسبة لمجموعة متنوعة من التطبيقات العسكرية والصناعية.
متفجرات التدمير الملكي
في صورتها الكيميائية، فإن هذه المادة صلبة بلورية بيضاء تشبه السكر، غير قابلة للذوبان في الماء، وحساسة للصدمات، واستخدامها غير العسكري الرئيسي هو في كبسولات التفجير في عالم التعدين. أما عسكريا، فعادة ما تستخدم هذه المادة في خلطات مع متفجرات أخرى، فهي المادة المتفجرة الرئيسية في المتفجرات الشهيرة “سي 4” وكذلك “سيمتكس”.
وتمتلك هذه المادة المتفجرة عامل فعالية نسبيا يبلغ 1.60، ويعني ذلك أنها أكثر فاعلية واستقرارا من متفجرات ثلاثي نترو التولوين الشهيرة (تي إن تي).
وتمتلك هذه المادة سرعة انفجارية تساوي حوالي 8750 مترا في الثانية، يجعلها ذلك واحدة من أقوى المتفجرات الكيميائية المستخدمة، مع كثافة طاقة انفجارية عالية. السرعة الانفجارية، هي السرعة التي تنتقل بها مقدمة الموجة الصدمية عبر المادة المتفجرة.
أما الخاصية الثانية فهي أنها، بعد خلطها مع مواد أخرى، تصبح أقل حساسية ومستقرة في التخزين، ولو على المدى الطويل، ويعني ذلك أنها يمكن أن تقبع في مكان ما لفترة طويلة تنتظر أن يتم تفعيلها.
وبحسب موقع المونيتور الأميركي، فإن ذلك كان ضروريا لخطة الاحتلال الأصلية والتي كانت تقضي بتفجير الأجهزة في حال اندلاع حرب شاملة مع حزب الله من أجل تحقيق تفوق إستراتيجي، ولكن معلومات استخباراتية أفادت بأن اثنين من أعضاء حزب الله اكتشفا اختراق الأجهزة، فقامت بتفعيلها.
الاستقرار الكبير لهذه المتفجرات يجعلها تتطلب مفجرا أو صدمة عالية الطاقة للانفجار، وربما وضع معها جهاز تفجير صغير في أجهزة البيجر، أو يمكن وضعها في مكان سري بجوار البطارية، ثم حينما يتم اختراق أجهزة البيجر للتسبب في وضع أحمال إضافية على البطارية، تسخن الأخيرة مقدمة ما تحتاجه تلك المادة للانفجار.
متفجرات عالية التكسير
وإلى جانب ذلك، فإن “آر دي إكس” تنضم لفئة “المتفجرات عالية التكسير”، مما يعني أنها تولد موجة صدمة قوية وسريعة للغاية عند الانفجار، مما يتسبب في تحطيم المواد أو تفتيتها بقوة كبيرة.
يمكن استخدام “آر دي إكس” في عمليات الهدم المتحكم فيها، وخاصة حيث تكون هناك حاجة إلى قوة انفجار دقيقة.
تتميز المتفجرات عالية التكسير عادة بسرعات تفجير عالية للغاية، غالبا ما تتجاوز 7 آلاف متر/ثانية. حيث تخلق هذه السرعة موجة ضغط شديدة تتسبب في قطع أو كسر أو حفر المواد.
ولهذا السبب، فإن هذه النوعية من المتفجرات غالبا ما تستخدم في تركيب العبوات الناسفة وهي قنابل محلية الصنع التي قد تُستخدم في إعداد الكمائن على جانب الطريق أو المباني، ويمكن تركيبها على العربات والدبابات لتدميرها.
تاريخ طويل من التدمير الموثوق به
ما سبق من خصائص سمح لمتفجرات التدمير الملكي أن تجد لنفسها مكانا راسخا في عالم العمليات العسكرية، تم تصنيع مادة “آر دي إكس” لأول مرة في عام 1899 بواسطة الكيميائي الألماني هانز هينينج. ومع ذلك، لم تجتذب الكثير من الاهتمام في ذلك الوقت بسبب توفر متفجرات أخرى مثل ثلاثي نترو التولوين.
ولكن في أوائل عشرينيات القرن الـ20، بدأ التعرف على إمكانات مادة “آر دي إكس” كمتفجرات عسكرية قوية، وخلال الحرب العالمية الثانية، ازداد الطلب عليها حيث أنتجت الولايات المتحدة حوالي 15 ألف طن شهريا وأنتجت ألمانيا حوالي 7100 طن شهريا أثناء الحرب.
وبعد الحرب العالمية الثانية، ظلت مادة “آر دي إكس” قيد الاستخدام على نطاق واسع خلال الحرب الباردة، وكان استقرارها النسبي وإنتاجها العالي من الطاقة مثاليا لتصميمات الرؤوس الحربية النووية، وواصلت الولايات المتحدة ودول الناتو الأخرى تحسين تركيباتها ودمجها مع مواد أخرى لإنشاء متفجرات متنوعة.
“حادث متعمد” بعيد عن الصدفة
تحدثت الجزيرة نت إلى ماهر القاضي، الأستاذ المساعد في قسم الكيمياء والكيمياء الحيوية بجامعة كاليفورنيا لوس أنجلوس الأميركية، الذي أخبرنا أن الرسائل النصية التي تستقبلها أجهزة البيجر ليس بإمكانها رفع درجة حرارة البطاريات الموجودة داخلها، أما برامج التجسس فتستطيع فعل ذلك، لكن ليس بالحد المطلوب لانفجارها.
“قد تسبب برامج التجسس رفع حرارة البطارية إلى 50 أو 60 درجة مئوية، وهذه الحرارة -رغم ارتفاعها- غير كافية، إن انفجار البطاريات يتطلب حدوث سلسلة من التفاعلات الكيميائية عالية السرعة داخل البطارية، وهو أمر لا يتحقق إلا بعد تخطي درجة حرارتها 150 درجة مئوية”، بحسب القاضي.
لكن القاضي أشار إلى أنه رصد حالة “صعبة الحدوث” قد تسبب انفجار البطاريات، وهو أن تسبب الرسائل النصية تفعيل “سويتش” يربط الجزء السالب من البطارية بجزئها الموجب، الأمر الذي ينتج منه حدوث حالة تشبه ما نعرفه باسم “حالة ماس كهربائي” قد تسبب انفجار البطارية.
يقول القاضي في تصريحه “للجزيرة نت” “من الملاحظ أن كافة الانفجارات حدثت في التوقيت نفسه تقريبا، الأمر الذي يخفض فرضية انفجار البطاريات جراء تفعيل “السويتش”، أو جراء سوء الاستخدام، أو عيوب الصناعة، لذا فنحن -في أغلب الأحوال- أمام هجوم متعمد لجأ إلى تفخيخ أجهزة البيجر مُسبقا بأحد أنواع المتفجرات”.
لماذا تنفجر بطاريات الهاتف؟
يعزي القاضي انفجار البطاريات بشكل عام إلى 3 أسباب رئيسية:
- الأسباب الميكانيكية: تنفجر البطارية إن تعرضت إلى الاختراق بجسم حاد، أو السحق جراء وجود ضغط عالٍ عليها (مثلما هو الحال في السقوط من مكان مرتفع)، وهو موضوع تعتني شركات إنتاج السيارات الكهربية به كثيرا، فمثل هذه السيارات قد تواجه حوادث مرورية.
- الأسباب الكهربائية: كما هو الحال في “حالة الدائرة المغلقة” المذكورة سابقا، وهي مشكلة ترفع درجة حرارة البطارية سريعا وتسبب انفجارها.
- الأسباب الحرارية: يتوقع القاضي أن هذا العامل هو سبب الانفجارات في لبنان، فتعرض البطاريات لدرجة حرارة مرتفعة تتخطى 150 درجة مئوية سيؤدي إلى انفجارها، وهي حرارة يُمكن الحصول عليها عبر استخدام أنواع عدة من المتفجرات.
ويوضح القاضي قائلا “أعتقد أن ما حدث هو أنه تم تفعيل متفجرات صغيرة الحجم موجودة في أجهزة البيجر عن بعد، مما أدى إلى رفع درجة الحرارة فجأة وانفجار البطاريات تباعا”.
في هذا السياق، يتفق القاضي مع بهران في الرأي بشأن الهواتف الذكية، فكليهما لا يعتقد أن بالإمكان استخدام أي برامج تجسس أو تقنيات لرفع درجة حرارة البطاريات الخاصة بتلك الأجهزة، رغم سهولة اختراقها.
ويضيف القاضي “تجري شركات تصنيع البطاريات اختبارا باسم “الصندوق الساخن” لضمان أمان البطارية. في هذا الاختبار توضع البطارية داخل ما يشبه الفرن الذي تصل حرارته إلى 150 درجة مئوية، والانتظار مدة ساعة. في حال خروج البطارية سليمة دون مشكلات فهي تُعتمد من قِبَل الشركة”.
ويوضح القاضي أن انفجار بطاريات الهواتف الذكية أمر نادر الحدوث، إلى جانب أن الانفجارات الناتجة من عيوب الصناعة لا تظهر إلا بعد ما يقارب 30 يوما من الاستخدام، أي أنها لا تحدث دفعة واحدة كما رأينا في أحداث لبنان، لذا فلا ينبغي التخوف من انفجار هذه الهواتف، إلا أنها -بالطبع- قابلة للتتبع!”.
ويوضح القاضي قائلا “أعتقد أن ما حدث هو أنه تم تفعيل متفجرات صغيرة الحجم موجودة في أجهزة البيجر عن بعد، مما أدى إلى رفع درجة الحرارة فجأة وانفجار البطاريات تباعا”.
في هذا السياق، يتفق القاضي مع بهران في الرأي بشأن الهواتف الذكية، فكليهما لا يعتقد أن بالإمكان استخدام أي برامج تجسس أو تقنيات لرفع درجة حرارة البطاريات الخاصة بتلك الأجهزة، رغم سهولة اختراقها.
ويضيف القاضي “تجري شركات تصنيع البطاريات اختبارا باسم “الصندوق الساخن” لضمان أمان البطارية. في هذا الاختبار توضع البطارية داخل ما يشبه الفرن الذي تصل حرارته إلى 150 درجة مئوية، والانتظار مدة ساعة. في حال خروج البطارية سليمة دون مشكلات فهي تُعتمد من قِبَل الشركة”.
ويوضح القاضي أن انفجار بطاريات الهواتف الذكية أمر نادر الحدوث، إلى جانب أن الانفجارات الناتجة من عيوب الصناعة لا تظهر إلا بعد ما يقارب 30 يوما من الاستخدام، أي أنها لا تحدث دفعة واحدة كما رأينا في أحداث لبنان، لذا فلا ينبغي التخوف من انفجار هذه الهواتف، إلا أنها -بالطبع- قابلة للتتبع!”.
من النصائح المهمة أيضا التوقف عن استخدام أي بطارية تعاني “الانتفاخ”، وهي مشكلة تصاحب قدم البطارية، مما يسبب تحلل السوائل الموجودة داخلها منتجة نوعا من الغاز يرفع الضغط داخلها.
ينبغي أيضا الحذر في حال لاحظ المستخدم ارتفاع درجة حرارة البطارية بمعدل كبير في أثناء الشحن، وهو المعدل الذي يشعر الفرد خلاله بـ”لسعة حرارية” عند لمس الموبايل، الأمر الذي يعني أن البطارية تسوء حالتها.
يقول القاضي في ختام تصريحه “ما حدث في لبنان أمر استثنائي، ولن يحدث مجددا إلا في إطار الحروب والاستهداف المتعمد، لا شيء أكثر من ذلك، سواء انفجارات أجهزة البيجر أو الووكي توكي، أما الهواتف الذكية فهي رغم كل شيء أكثر أمانا، باستثناء سهولة تتبعها”