نجح علماء معهد فراونهوفر الألماني في صناعة معدن متين وخفيف ينتظر أن يحدث ثورة في عالم بناء الطائرات والمركبات الفضائية. وذكر المعهد أن من الممكن إنتاج المعدن بشكل عجين في الفرن أو بشكل رغوة يمكن أن تطفو على سطح سائل بكثافة الحليب.
وقال الباحث يواخيم باومايستر أنه من الممكن استخدام معدني الألمنيوم والتيتان لإنتاج صفائح معدنية يمكن أن تطوى بكافة الاتجاهات، أو بشكل رغوة متينة جدا يصعب كسرها بعد أن تتجمد. وتتألف الرغوة من نسبة صغيرة من المعدن، ونسبة أعظم من الهواء، وهو سر خفة وزنها. وعلى هذا الأساس فإن الرغوة المعدنية الناتجة ستكون رخيصة كما أن طريقة تحضيرها ليست مكلفة.
ووصف باومايستر، أحد أعضاء فريق العمل، رغوة المعدن بأنها ذات خواص مستقبلية واعدة، فهي خفيفة جدا، متينة جدا، تمتص الكثير من الطاقة، تكتم الصوت والموجات الصوتية ويمكن تدويرها بسهولة. ويمكن استخدام الرغوة المعدنية في صناعة سيارات أمينة تمتص الصدمات، وخفيفة لا تصدر الكثير من الضوضاء.
وكشف باومايستر أن شركة أودي عرضت في معرض فرانكفورت الدولي للسيارات سيارتها المستقبلية «كيو7» التي تمت صناعة صندوقها فقط من رغوة الألمنيوم التي أنتجها المعهد. واعتبر باومايستر هذه الخطوة دليلا على نجاح الرغوة في عالم صناعة السيارات وقال إنه يتمنى أن ينتبه قطاع السيارات الألماني إلى هذا الاختراع.
وأطلق المعهد على الألمنيوم الطافي اسم «الولايت» (الألمنيوم الخفيف)، وأعلن عن البدء بإنتاجه، بالتعاون مع شركة نمساوية، بحدود 30 طنا في اليوم وبسعر 15 يورو للكيلوغرام الواحد. وتولت شركة بناء المكائن «فيلهلم شميدت» تجربة رغوة الألمنيوم المغلفة بصفائح الحديد في مختبر «صدمات السيارات». وقال فرانك ويستفال، من الشركة إن، رغوة الألمنيوم أخف 20% من الألياف الكربونية والزجاجية وأكثر صلابة، كما يمكن منحها متانة أكبر من خلال إنتاجها بشكل «سندويتش»، أي تغليف الرغوة بصفائح رقيقة من الحديد.
وقارن باومايستر بين صناعة الرغوة، أي نفخ الهواء في المعدن، بعملية الخبز في الفرن. إذ استخدم فريق العمل مسحوق الألمنيوم كمادة وأضاف إليه هيدرايد التيتان Titanhydride كـ«خميرة»، ونتج عن المزيج مادة عجينية القوام تتخذ الشكل الذي يريده الصانع، وتتحول إلى رغوة بعد وضعها في الفرن لفترة 30 ثانية تحت درجة حرارة 550 مئوية. وطبيعي فإن الحرارة تنفخ العجينة كما ينتفخ الخبز فتتخذ المادة شكلا رغويا يعادل حجمه الحقيقي 5 مرات. ومن الممكن طبع «خبز» العجينة بين شريحتين رقيقتين من الحديد لإنتاج «سندويتشا» متينا.
وتنتج العديد من الشركات «سندويتشات» الألمنيوم الرغوي والحديد، إلا أن الطريقة غير متكاملة بعد، كما أن الكلفة ما زالت مرتفعة وتبلغ 1000 يورو للمتر المربع. وأثبتت الفحوصات التي أجريت على هذه الأنواع من رغوة المعادن أنها تغير خواصها مجددا بعد فترة، بمعنى أنها ليست ذات خواص فيزيائية ثابتة. وتغير هذه الرغوات خواصها لأنها تصنع بطريقة تسليط الأشعة فوق الحمراء عليها، في حين أن طريقة الفرن تنتج رغوات ثابتة الخواص. ولهذا فمن الممكن أن تحدث طريقة «الخبز» الجديدة، من معهد فراونهوفر، المجال أمام إنتاج المادة بكميات تجارية. ويمكن بهذه الطريقة إنتاج رغوات مختلف المعادن مثل الحديد والتيتان إلا أنها ليست بخفة وزن الألمنيوم، كما أنها تتطلب «خبزها» في الفرن تحت درجة حرارة تبلغ 1400 مئوية. وتمكن العلماء من إنتاج رغوة من المغنيسيوم تستخدم الآن على نطاق واسع في صناعة أجزاء العظام التالفة بسبب خفة وزنها وخاصيتها على الذوبان لاحقا داخل أنسجة الجسم.
وعبر كريستوف ماتز، من خطوط لوفتهانزا الألمانية، عن قناعته بأن تقنية رغوة الألمنيوم بحاجة إلى مزيد من البحث والتطوير قبل المجازفة باستخدامها في صناعة الطيران. وحسب رأيه فمن الضروري إخضاع قدرة رغوة الألمنيوم على تحمل ضغط الهواء قبل البت في استخدامها.