المجلةبنك المعلومات

مليونير زمانه.. (حسن طوبار) شيخ إقليم المنزلة والزعيم الشعبي الذي سخر ماله لمواجهة الحملة الفرنسية

(حسن طوبار).. شيخ صيادي المنزلة، وصفه المؤرخون بأنه أول مليونير في مصر، وقدرت ثروته إبان الحملة الفرنسية على مصر بخمسة ملايين فرنك. كان يملك أسطول صيد يضمّ أكثر من 5 آلاف مركب، إلى جانب عدد من مصانع النسيج ومساحات شاسعة من الأراضى الزراعية. عشقه لمصر كان أقوى من حبه لأمواله التي سخرها لمواجهة الحملة الفرنسية.

كان حسن طوبار زعيماً على إقليم المنزلة بالدقهلية وشيخاً له، وكان من أكثر الأقاليم التي واجه الفرنسيون فيها مقاومة شعبية عنيفة، وكان محور هذه المقاومة هو هذا الرجل.

كتب المسيو «ريبو» أحد كتاب فرنسا السياسيين في كتاب تاريخ الحملة الفرنسية في مصر، يصف فيه سكان هذه الجهات بقوله: «إن مديرية المنصورة التي كانت مسرحا للإضطرابات تتصل ببحيرة المنزلة، وهي بحيرة كبيرة تقع بين دمياط وبيلوز القديمة (الطينة)، والجهات المجاورة لهذه البحيرة وكذلك الجزر التي يسكنها قوم أشداء ذوو نخوة ولهم جلد وصبر، وهم أشد بأسا وقوة من سائر المصريين، ثم هم أغنياء بما ينالون من الصيد، ولهم في البحيرة خمسمائة أو ستمائة مركب، تجعل لهم السيادة في البحيرة، ولهؤلاء 40 رئيسا، وكل هؤلاء الرؤساء يتبعون حسن طوبار شيخ المنزلة وهو الزعيم الأكبر لهذه المنطقة».

وذكر الجنرال «لوجيه» في يومياته: «ان عدد المراكب التي ببحيرة المنزلة وتخضع للشيخ حسن طوبار تبلغ الألف».

وثيقه نادرة من إبراهيم بك بن محمد علي باشا والى مصر إلي شلبي طوبار أخو المجاهد حسن طوبار

كان حسن طوبار واسع الثروة والنفوذ، محبوباً من سكان إقليمه من الصيادين، وكان في حالة من الرواج كفيلة بأن تقعده عن اتخاذ أي موقف يمكن أن يهدد ثروته، إذ كان يملك أسطول صيد قدرته بعض المصادر الفرنسية بنحو خمسة آلاف مركب، وعدداً لا بأس به من مصانع نسج القطن، والمتاجر، ومساحات شاسعة من الأراضي الزراعية،

ثروة طائلة لأغنى رجل في مصر، كما أشار الجنرال الفرنسي «أندريوس» في تقرير قدمه إلى المجمع العلمي، في حين قدم الجنرال «لوجييه» تقديراً لثروته بأنها«في حدود خمسة ملايين فرنك».

رفض طوبار الاحتلال الفرنسي، وسخر إمكاناته للتصدي له، لذا أحرق جنود الحملة الفرنسية قرية “الجمالية” في محافظة الدقهلية، التي كانت في حمايته، فصعَّد من مقاومته. في إثر ذلك، طلب الجنرال الفرنسي “فيال” في دمياط مقابلة طوبار فرفض، وحينما علم بونابرت أرسل بعض الهدايا ومنها سيف من الذهب إلى «فيال» ليقدمها باسمه إلى المجاهد كي يستميله بها، وكتب فيال إلى الشيخ حسن يستدعيه لتسلم هذه الهدايا فرفض وواصل المقاومة.

وكما يذكر المؤرخ عبد الرحمن الرافعي في أول جزء من «تاريخ الحركة القومية وتطور نظام الحكم في مصر»، كان طوبار الزعيم الوطني الذي أشعل نار الثورة في مختلف البلاد الواقعة بين دمياط والمنزلة والمنصورة، وبينما كان يحمّس الأهالي في البلاد كان في الوقت نفسه يجمع مراكبه في بحيرة المنزلة لمهاجمة الفرنسيين، وكان الرجل في نظرهم عنواناً للمقاومة والعصيان.

قبر المجاهد حسن طوبار في حديقة قصره وتظهر عليه علامات الإهمال

قاد طوبار المقاومة في نطاقه الجغرافي ورفض ممالأة الفرنسيين رغم ثرائه الواسع وأملاكه من دون النظر إلى تعرض ممتلكاته للخطر بسبب مقاومته، وجهز من أمواله الخاصة أسطولاً بحرياً من القوارب التي حاربت الفرنسيين في بحيرة المنزلة وهاجمتهم في دمياط، وأوشكت أن تخرجهم منها.

يقول الجبرتي: «وجد نابليون أنه لا بد من إخضاع هذا الزعيم بالحرب، وأنه لن يكون له سلطان على هذه المنطقة إلا بالقضاء عليه، فأمر بإطلاق حملتين كبيرتين إحداهما بحرية والأخرى برية، واستطاعت الحملتان أن تخضعا طوبار وتدخلا المنزلة يوم 5 أكتوبر 1798، ولم يكن أمامه إلا الفرار إلى الشام.

ودخل الفرنسيون منازله وقصره، ولكنهم لم يجدوه.

وفي الشام، تحديداً في غزة، لم يكف حسن طوبار عن المقاومة‏، فاستأنف نشاطه، وكون جيشاً من المقاومين وأسطولاً من 50 قطعة كي يبحروا به إلى دمياط لمباغتة العدو‏.‏ ورغم أن الظروف لم تمكنه من إتمام هذه الحملة، فإن رعب الفرنسيين منه جعل نابليون يسمح له بالعودة إلى مصر بعدما أبقى ابن الشيخ عنده في القاهرة، وعاد حسن طوبار إلى دمياط».

وفاته

بعد عودته عاش حسن طوبار في دمياط فترة قصيرة، وفي يوم 29 يونيه 1800م رحل القائد والزعيم والمجاهد حسن طوبار، واحتفت بوفاته صحف فرنسا لتنشر جريدة «كورييه دليجبت» الجريدة شبه الرسمية للحملة الفرنسية نبأ وفاته في العدد 75 الصادر بتاريخ 28 يوليو سنة 1800، وكتبت عنه ما خلاصته:«في 29 يونيه مات فجأة حسن طوبار كبير مشايخ إقليم المنزلة مصاباً بالسكتة القلبية، وكان هذا الرجل عظيم المكانة لأصله العريق وغناه الواسع، وقد هاجر من بلاده في الأشهر الأولى من الحملة وعاد إليها بعد الزحف على سوريا، وأذن له الجنرال بونابرت في الرجوع إلى مصر، فأذعن من يومئذ وأخلد للسكون، وقد خلفه في شياخة إقليم المنزلة أخوه شلبي طوبار».

هذا ولا يزال حسن طوبار يذكره كبار السن إلى الآن في جهات البحر الصغير والمنزلة ويسمونه «حسن طوبار الكبير الذي حارب الفرنسيس».

زر الذهاب إلى الأعلى