مهنة يدوية شعبية مهمة من تاريخ العراق استمدتها من حضارة وادي الرافدين التي ما زالت مستمرة رغم ما طرأ عليها من متغيرات سياسية واقتصادية وظروف أخرى سنتطرق إليها بما تبقى من محترفي المهنة المتوارثة بصنع الأشكال الجمالية من سعف النخيل الذي له خصاصته ومميزاته بين أنواع النخل في العالم كمادة طبيعية تدخل في تراكيبها الماء والتربة والظروف الطبيعية وملائمة هذه المادة الداخلة في تصاميم بث روح التراث في المنازل والحدائق وديكورات المسرح والتلفزيون كما أكد لنا فيها أولا السيد وليد علي عباس المعروف بابو سجاد عن حيثيات هذه المهنة وظروفها الحالية: تعثرت في السبعينيات ونشطت في التسعينيات.
يقول ابو سجاد: “منذ خلق الله سبحانه الإنسان وسخر له هذه النخلة المعطاء بزادها وظلها وسعفها الذي طوعه الإنسان ليجعل منه سقفا وسريرا وقفصا لدواجنه واعتقد أنها قد نشطت أو اعتمدت في مهنتها كحرفة توارثها أبناء بلاد الرافدين قبل حوالي أكثر من خمسة قرون أي في العهد العثماني والمستمرة إلى يومنا هذا لأنها تدخل في تركيبة الشخصية (البيت) العراقي وكذلك مفردات حياته وبيئته التي من خلال الديكور المصنوع من سعف النخيل يمثل مرحلة من مراحل العراق في الماضي والحاضر وهي باقية رغم كل الظروف السياسية والاقتصادية الأخرى”.
يستطرد أبو سجاد ” تعثرت هذه الصناعة في نهاية السبعينيات من القرن الماضي تبعا للانتعاش الاقتصادي من خلال تأميم النفط حيث كان الاستيراد بديلا عن هذه الصناعة نظرا لمتانة ذلك الاقتصاد آنئذ وكذلك الإهمال الذي نتج عن متابعة النخيل بالنسبة لتلقيحه وتركيبه الذي لا يوازي قيمة المنتج من التمر وكذلك السعف وقلة الطلب عليه ثم ازدهرت تلك الصناعة في فترة الحصار من تسعينيات القرن الماضي حيث وصل الطلب إلى 100% لشحة الاستيراد والاعتماد على المنتج المحلي حالها حال بقية الصناعات الأخرى”.
وعن منتجات الجريد يقول أبو سجاد ” المنتجات كثيرة منها ما يتعلق بالمنزليات مثل طقم جلوس من أرائك ومناضد صغيرة وكبيرة (طبلات) آسرة ـ سقائف للمحال المكشوفة ـ مناضد بيع (جنابر) ـ أقفاص دواجن وطيور ـ ديكورات للأعمال المسرحية والتلفزيونية وكل ما هو داخل في الحياة العراقية من تراثيات وحسب الطلب، أسعار هذه المنتجات مناسبة ومتوافقة لما هو مستورد.
لا يوجد آلات كهربائية في هذه الصناعة وتعتمد على أدوات يدوية مثل ـ ساطور التقطيع ـ منجل تنظيف ـ مثقب (صجمة) وتسمى لدى الحرفيين (مجذف او مزرف) وهي مصنوعة من الخشب خاصة نوعي شجرة المشمش والبرتقال ـ المعلم (للنيشان) ترسيم الثقوب ـ مناشير ـ وكل هذه الأدوات هي مراحل عمل بجهد عضلي وطول صبر للإنتاج.