من المعروف أن مرض الأنفلونزا من الأمراض التي تصيب الجهاز التنفسي ابتداءً من الحلق إلى الرئتين، وكانت في الماضي سببا وراء حدوث أوبئة خطيرة أصابت أمما بكاملها والتي كانت أخطرها وباء الأنفلونزا الذي انتشر عام 1918 وكان من أكثر الأوبئة المدمرة لمرض معد انتشارا في التاريخ البشري وتسبب في وفاة نحو 50 مليون شخص في أنحاء العالم، وعلى الرغم أن التقدم العلمي وضع حدا لخطورة هذا الوباء، إلا أنه حتى الآن لم يجد وسيلة علاجية فعالة للقضاء على مرض الأنفلونزا.
ويمثل مرض الأنفلونزا خطورة على المسنين والأطفال، وأشد خطراً على مرضى الربو، حيث تضعف مقاومة الجسم فتمهد الطريق لغيرها من أمراض الجهاز التنفسي مثل التهاب الشعب وتكيسها والالتهاب الرئوي والتهاب الجيوب الأنفية والتهاب الأذن الوسطى، كما يتأثر بها القلب أيضاً.
ولا يوجد حتى الآن علاج ناجح للأنفلونزا، فمن المعروف أن الفيروسات لا تتأثر بأدوية “السلفا” والمضادات الحيوية، وتوصف الأدوية المضادة للأنفلونزا في الأساس من أجل درء مضاعفات الأمراض البكتيرية الأخرى مثل الالتهاب الرئوي والتي تنتج عن اقتحام فيروس الأنفلونزا للجسم.
وغالبا ما يكون التزام المريض للفراش هو الوسيلة الوقائية الوحيدة لوقاية غيره من هذا المرض السريع العدوى، ويجب على المصاب بالأنفلونزا الالتزام بالدفء وشرب السوائل بكثرة، بالإضافة إلى تناول مسكنات الحمى كل ثلاث ساعات التي تساعد في القضاء على الحمى وتخفيف الآلام والضيق.
ويجب على المرضى المصابين بالربو الذين يتعاطون علاجاً لذلك عند إصابتهم بالأنفلونزا زيادة جرعة أدويتهم الخاصة بالربو إلى الضعف لحين الشفاء من الأنفلونزا، ويجب التأكد من ذلك من طبيبهم المختص.
وهناك مصل للحد من الأنفلونزا من المفضل أخذه قبل التعرض للإصابة بوقت كاف، ويجب على المسنين فوق 65 سنة والحوامل والأطفال ومرضى القلب والرئتين والكليتين استعمال مصل الأنفلونزا ويعاد التطعيم سنويا، حيث إن حصانة المصل لا تدوم مدة طويلة.
بعدما أثبت العلاج الكيميائي فشله في التوصل إلى علاج فعال لفيروس الأنفلونزا، دخل طب الأعشاب للبحث عن البدائل العلاجية، حيث ينصح خبراء طب الأعشاب أن يبادر المرضى بالعلاج بالنباتات والأعشاب الطبية فور ظهور أعراض الزكام عن طريق تناول المشروبات الطبيعية الساخنة، وبصفة خاصة عصير الليمون الدافئ ومشروب القرفة والزنجبيل.
وينتشر مرض الأنفلونزا دائما في الدول شديد البرودة في الشتاء كأوروبا وأمريكا والدول الإسكندنافية وبعض دول الشرق الأوسط التي تقع في حوض البحر المتوسط التي تتأثَّر بالرياح الباردة والصقيع.
وبالفعل نجحت النباتات الطبية في مواجهة فيروس الأنفلونزا، وهناك عدة وصفات شعبية معروفة لمقاومة أمراض البرد والزكام، ومنها استخدام نباتات تحتوي على زيوت طيارة أو عطرية، ونجح استخدام مزيج من النباتات التي تحتوي على التركيب الكيميائي للموادّ الفعّالة بتأثير “الفارماكولوجي” لتصنيف فصائل النباتات ومنها: عمل مستحلب من أزهار الزيزفون والحبة السوداء وورق الجوافة والنعناع والشمر ولبان الذكر وبذور الكتان والزعتر والعرقسوس وحب الرشاد والأهليلج “الكبلي” ويشرب المستحلب ساخنًا ومحلى بعسل النحل مرتين يوميًا على الأقل.
ونجح استخدام مسحوق شيح البابونج استنشاقًا بعد أن يضاف مع ماء مغليٍّ، حيث يساعد على وقف الرشح والزكام، وأيضًا بخار الكافور الناتج من وضعه في ماء مغليٍّ واستنشاق البخار الناتج منه.
وللأطفال وصفات خاصة بهم، حيث ما يستطيع أن يتحمله الكبير قد لا يصلح للصغير، ويسبِّب له متاعب، واستخدام عصير الجزر بعد تحليته بالسكر أفضل علاج لسعال الأطفال، ويمكن استخدام مزيج مكوَّن من مطبوخ شرائح البصل الممزوجة بعسل النحل كعلاج فعال لأنفلونزا الأطفال.
وثبت أن الفواكه الشتوية كالموالح ومنها الليمون والبرتقال واليوسفي والكيوي والجوافة وتناول الخضراوات الطازجة والجزر والجرجير وبعض الحبوب كالقمح والشعير لها تأثير جيد للوقاية، ويمكن استخدام الزيوت العطرية المستخلصة من بعض النباتات كنقط للأنف لمقاومة الرشح والزكام ومنها خلط مزيج من زيت الحبة السوداء والبردقوش واللوز المر والورد والنعناع وحصى اللبان للتقطير منها للأنف بمعدَّل مرتين أو ثلاث مرات يوميًا لتخفيف حدة احتقان الجهاز التنفسي والرشح.
من الأدوية العشبية التي تفيد كثيراً في علاج الأنفلونزا مثل: حشيشة القنفذ الأرجوانية، فحسب الدكتور “روي ابتون” – المحاضر في الأعشاب الأميركية – فإن أفضل شيء للأنفلونزا هو دمج حشيشة القنفذ مع عصير الليمون عند الشعور بأعراض المرض، حيث يحضر مغلي من أزهار حشيشة القنفذ بأخذ ملعقة صغيرة وغمرها في ملء كوب ماء مغلي وتركها خمس دقائق، ثم يعصر على المغلي ليمونه كاملة، ويشرب منه 3 مرات يومياً.
ويمكن استخدام صبغة حشيشة القنفذ الموجودة في محلات الأغذية التكميلية بحيث تؤخذ 25 نقطة وتوضع في كوب، ثم يعصر عليها ليمونة كاملة ويملأ الكوب بالماء المغلي ويشرب بمعدل 3 مرات في اليوم، أو يمكن استعمال كبسولات حشيشة القنفذ الأرجوانية الموجودة أيضاً في السوق.
وأفضل طرق العلاج الطبيعية للأنفلونزا تلك التي استخدمها المصريون القدامى وهي التي تعتمد على استعمال “الثوم”، وتتم بتقطيع ثلاثة فصوص من الثوم الأخضر الطازج وبلعهم ثم يعقبه بشرب ملء كوب من الماء، ومن المعروف أن الثوم هو من أفضل الأعشاب الطبيعية التي تحتوي على مضادات الجراثيم والفيروسات ويكرر ذلك مرة كل مساء.
كما يحتوي “النعناع” على “زيت طيار” وهو المركب الرئيس في “المنثول” الذي يعد من مضادات البرد والأنفلونزا، ويستخدم النعناع على هيئة شاي حيث يؤخذ ملء ملعقة من الأوراق الجافة وتوضع في كوب، ثم يضاف لها ماء مغلي حتى يمتلئ الكوب ويترك مدة خمس دقائق مغطى ثم يصفى ويشرب، ويفضل عمل تدليك من زيت النعناع للصدر حيث يساعد على منع الأنفلونزا والبرد.
ومن الوسائل الأخرى استخدام “فطر شتاك المشروم”، حيث يقول الباحثون اليابانيون إن هذا الفطر الياباني الأصل المعروف عليماً باسم Lentinus Edodes ـ الذي يزرع على أرفف خاصة وعلى جذوع بعض الأشجار وله لون أبيض مثل الثلج ـ أفضل بكثير من العقاقير التجارية المصنعة كمضادة للفيروسات، ويقولون إن مركب “النتين” في هذا الفطر هو الذي يساعد على تقوية المناعة لكي تكافح فيروسات البرد والأنفلونزا.
وصممت وصفة تشتمل على هذا الفطر تحتوي على نصف كوب فطر شتاك طازج، ونصف كوب ثوم مفروم، ونصف كوب بصل على هيئة حلقات كوبان سلطة مشكلة، ويخلط الفطر مع الثوم والبصل ويوضع عليها نصف كوب من صلصة السلطة، وتترك حتى تكون حلقات البصل طرية جداً ثم يضاف هذا المزيج إلى السلطة، وتحرك جيداً ثم تؤكل.
ويفيد تناول التمر الهندي في الحد من الزكام، ويشرب كوبان منه في اليوم الواحد (كوب بعد الإفطار وآخر بعد الغداء)، ولكن يجب الحذر من أن هذا العلاج يخفض ضغط الدم أيضا فمن يعاني من انخفاض مرضي في ضغط الدم لا ينبغي له استخدام هذا العلاج.
أما الحبة السوداء فتغلي في زيت الطعام أو زيت بذرة القطن ثم تترك لتبرد، وبعد ذلك تستخدم كقطرة للأنف، فان ذلك يخفف من حدة الزكام والرشح، وللوقاية من الزكام فينصح بتناول ملعقة كبيرة من زيت حبة البركة يوميا على الريق وتشرب مع كوب من الحليب أو الزبادي مرة واحدة يوميا والاستمرار على ذلك مدة طويلة, فإن ذلك يقوي جهاز المناعة ويقي من الزكام.
ويساعد الجزر الطازج أيضا في الوقاية من الإصابة بالزكام والأنفلونزا ويخفض من حدتها، حيث يحتوي على كمية كبيرة من مادة “البيتا كاروتين” المضادة للأكسدة، وكذلك “الرمان” إذا خلط مسحوق بذور الرمان الطازج مع نفس مقداره من عسل النحل النقي، ثم قطر في الأنف فان ذلك يقاوم الزكام.
صلاح عبد الصبور