اشتريت مؤخراً كتاباً يحاول تجاوز ما استكشف إلى (ما تبقى اكتشافه) ومن الموجود إلى ما يتوقع ظهوره مستقبلاً. ومؤلف الكتاب (جون مادوكس) رجل مؤهل للحديث عن المستقبل والاكتشافات المتوقعة فيه، فقد تولى رئاسة مجلة نيتشر العلمية لمدة 23عاماً.
وحين استقال عام 1995سأله ابنه الصغير: “طالما عملت في المجلة كل هذه الفترة لماذا لا تحدثنا عما لم يكتشف بعد”.. وبفضل هذا السؤال “الوجيه” فكر في تأليف كتاب بعنوان: ماذا تبقى ليكتشف أو (what remains to be discovered)!! وبالطبع يصعب تلخيص كامل الكتاب ولكن يمكن (من خلال الفهرس) أخذ فكرة سريعة عن المواضيع التي يتضمنها:
فالفصل الأول يتحدث عن (الفضاء والمادة) ويندرج تحته ثلاثة أبواب هي:
كيف بدأ الكون وكيف سينتهي!
وما الذي يؤدي للاختلافات الواسعة بين المواد – مثلاً ما الذي يجعل الخشب خشباً والحديد حديداً..
وهل سينجح العلماء في الوصول لنظرية شاملة توحد كل القوى الفيزيائية (الكهربائية والنووية والجذبية والمغناطيسية..)!!
أما الفصل الثاني فقد خصصه للحياة وتنوعها – واستعرض الموضوع تحت أربعة أبواب هي:
كيف ظهرت الحياة على الأرض!
وفهم آلية الخلية وكيف تنطلق (منذ البداية) لتشكيل هذا العضو أو ذاك!!؟
وكيف تعمل المورثات (أو الجينات) ومدى الاستفادة من وضع خريطة لها!!
وكيف تنوعت الحياة إلى هذا الحد الهائل وما هي الظروف التي تجبرها على التشعب!
أما الفصل الثالث فهو عن الجانب التقني في حياة الإنسان وجاء تحت ثلاثة أبواب هي:
هل سيتاح مستقبلاً اختراع كمبيوترات قادرة على التفكير ذاتياً!؟
ومستقبل الرياضيات ومدى دقتها في استنباط العلاقات المجهولة!
وأخيراً هل يستطيع الإنسان تلافي النتائج السياسية لتقدمه المستمر (كتلوث الأجواء واستنزاف الموارد)!
وفي الحقيقة ما أن استلمت هذا الكتاب حتى تذكرت امتلاكي لكتاب قديم مشابه يدعي “ظواهر علمية غامضة” أو (The unoslved Mysteries of Science). وفي هذا الكتاب استعرض المؤلف البريطاني (جون جرانت) أكثر من 36ظاهرة عجز العلم عن تفسيرها. وقد بدأ بمناقشة الظواهر الغامضة التي حصلت في الماضي مثل:
سبب الاختفاء المفاجئ للديناصورات.
وهل كان إنسان الناتدرال (وهو مختلف عن الإنسان المعروف حالياً) يملك حضارة متقدمة؟
وهل زارت الأرض قديماً مخلوقات من الفضاء الخارجي!
وما مدى صحة الأخبار حول اختفاء قارة الأطلنطيس.
ولماذا ظهرت العصور الجليدية ومتى ستعود!
أما الفصل الثاني فيناقش ظواهر الحياة الغامضة مثل:
كيف بدأت الحياة، وهل هناك كائنات غيرنا في الكون؟
وما هو تعريف الذكاء، وهل هو طبيعي أم مختلق!
وكم حاسة يمتلكها الإنسان فعلاً؟
وما الذي تعنيه الأحلام، وما الذي يحدد نوعها!
وفي الفصل الثالث والأخير يتعرض الكتاب لظواهر الكون الغامضة مثل:
ثقوب الكون السوداء وهل صحيح انها بوابات لعوالم أخرى!!
وما هي حقيقة الأجرام التي تطلق كميات خرافية من الطاقة (وتدعى الكوازارات)؟
وأخيراً، ما الذي يسبب البقع الشمسية ودوراتها المنتظمة!!
ورغم تفاؤلنا في استكشاف ما تبقى، إلا أن كثيراً مما ذكرناه سيظل غامضاً إلى الأبد.. فقد لا ننجح أبداً في برمجة الأحلام أو اكتشاف مخلوقات غيرنا في الكون!؟ وقد لا نفلح مستقبلاً في صنع آلات مفكرة أو نجمع قوى الكون في معادلة واحدة.. والأهم، أن معظم هذه القضايا ظلت (وستظل) معلقة لأنها أساساً بعيدة عن متناول الإنسان!
فهد عامر الأحمدي